السجل البدائي - الفصل 806
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 806 صوت التفرد
وجدت مينيرفا صعوبة في التظاهر بأنها شيء مختلف عن طبيعتها. ظنت أن ملايين السنين التي قضتها على كوكب تريون كانت كفيلة بتغييرها، لكن هذا التغيير كان سطحيًا فحسب.
لقد نسجت شبكتها بمهارة، ولم يفلت أي تقلب من أنشطتها، وحتى لو كان بورياس منتبهًا، لما رأى شيئًا.
صُنعت شبكة مينيرفا من موجات الدمار في هذه المنطقة، مما زاد من قوتها، وسرعان ما حاصرت بها قبو هيكاتون بأكمله، موطن بورياس. من بعيد، بدت الشبكة وكأنها وجهها مكبّرا مليون مرة. انفتحت عينا وجهها فجأة، واستطاعت مينيرفا رؤية كل شيء في قبو بورياس.
لم تكن هذه أول مرة تتجسس فيها على سامين تريون، وكانت على دراية بأسرارهم وأنشطتهم، ومع أنها قد تجد بعض أنشطتهم مسلية أحيانًا، إلا أنها لم تستطع إنكار إمكاناتهم. كان من المؤسف أن يُبقوا في حالة من الجهل، وأن قواهم مُنخفضة إلى النصف، ليكونوا مجرد دمى، لكنها أدركت ضرورة السيطرة.
كانت مخلوقًا يزدهر بالسيطرة، وهذا ما جعلها دائمًا تجد تيلموس ابنها جذابًا. ليس بقواه كما يظن، فقد حرصت مينيرفا على إعاقته في هذا الجانب، بل بإصراره. كيف لها أن تكسره؟
عبست مينيرفا عندما تذكرت المظالم والإهانات السابقة ضدها، لكنها دفعت تلك الأمور جانبًا للتركيز على مهمتها، بينما كانت تفحص كل شبر من هذا القبو.
عادةً ما يكون لدى سامين تريون مشاريع خفية، واعتبرت مينيرفا هذه الإجرائات بمثابة محاولات صغيرة للمقاومة ضد عبوديتهم.
لقد كان من المدهش بالنسبة لها أن غولغوث شجع هذه الأفعال من خلال توفير إمكانية الوصول إلى عملات المتاهة لهم، واعتبرت هذا بمثابة إهدار هائل للموارد، ولكن إذا كانت ثرية مثل الملك السامي، فربما كانت ستكون أيضًا مسرفة في أنشطتها.
ترددت مينيرفا قائلةً: “لا، لن أفعل”. عملة المتاهة ليست موردًا يمكنك التبرع به كما يحلو لك، وقد أزعجها أنها لا تزال تتقاضى نفس مبالغ العملات التي تتقاضاها الدمى الأخرى. ومع ذلك، لم تستطع الشكوى من هذه المكافأة غير المتوقعة.
أول ما لاحظته أثناء تفتيشها قبو بورياس هو أن مشاريعه الصغيرة الخفية قد اختفت. كان السامي جالسًا على عرشه مغمض العينين، ولأية شخص يرى، لا بد أن وعيه كان منصبًا على أي أنشطة كان يركز عليها، على الأرجح سعيًا منه لزيادة قوته.
ضحكت في داخلها قائلة: ‘لن تكون اكثر من مجرد حمل قابل للذبح’.
لم تكن مينيرفا هنا من أجل بورياس، فالسامي تافه، بل كانت هنا من أجل أمرٍ غريب. تجولت بنظرها فوق السامي، باحثةً عن أسرار، ووجدتها. أسرارٌ غير متوقعة أسعدت حواسها.
‘يا أخي الغبي، كان عليك أن تطلب مساعدتي.’
ابتسمت واختفت من بحر الدمار، لكنها تركت شبكتها خلفها. من يدري ماذا قد تجد أيضًا؟
*****
انحسر الظلام عن وعيه، ووجد روان نفسه ملتصقًا بالأرض. كان هناك ضغطٌ هائل على جسده، لدرجة أنه لم يستطع البقاء على قيد الحياة إلا بكل ذرة من صبر.
كان مستلقيًا على كيان كثيف مرعب، ولم يكن جسده قادرًا على تحريكه قيد أنملة، مما أدى إلى سحقه فعليًا بين قوتين ثابتتين.
شعر روان بالتغيرات المذهلة في جسده، فامتلأ بالرهبة. كان تحريك وعيه أشبه بإنسان يحاول رفع جبل، لكنه نجح في ذلك على نحو متقطع.
أول شيء لاحظه على الفور هو أن حجمه كان مختلفًا، أكبر من الكون، أصبح جسده الآن قويًا جدًا لدرجة أنه قزم خياله، كان يشعر بأن سلالاته الثلاثة قد اندمجت، مما صنع شيئًا قويًا جدًا لدرجة أنه شعر أنه غير عملي تقريبًا.
لقد كان وعيه مثقلًا، لكنه فهم أنه أصبح بُعدًا يمكنه الوقوف أمام قوى الوجود، وأن نوره سيصل إلى الأبدية، وأن موجة واحدة من يده يمكن أن تنهي أكوانًا متعددة، ومع ذلك كان على حافة الموت بسبب شيئ واحد – طفل رضيع.
لو كان جسد روان بحجم الكون، فإن هذا الطفل أكبر منه بألف مرة. بدا الطفل نائمًا. كان الرضيع أصلعًا، وبسبب حجمه الضخم، أو ما كان من الممكن رؤيته، كان جسده مليئًا بجروح لا تُحصى تلتئم ببطء، لكن سيستغرق هذا الطفل بعض الوقت ليشفى ثم يبدأ بالنمو.
كان قد وُلد للتو، وكانت ولادته عنيفة للغاية، ووضعته على حافة الموت. سكت روان عندما لاحظ شيئًا مألوفًا بشأن هذا الطفل، وقبل أن يتمكن من تأكيد شكوكه، ارتجف الطفل كما لو كان في حلم سيء.
كانت الملابس المستخدمة في تغطية الطفل مصنوعة من عدد لا يحصى من الأكوان حديثة الولادة والتي تنبعث منها ألوان يمكن أن تفسد حواس أي شخص يراها.
لقد تم نسج هذه الأكوان على شكل بطانية، وتسبب اضطرابه في إنهاء الأكوان التي أبقت عليه دافئًا، ولكنها ولدت من جديد مرة أخرى بسبب هالة الحيوية التي لا نهاية لها حول الطفل النائم.
لم ينتهِ ذلك الاضطراب الطفيف من الطفل بموت الأكوان فحسب، بل إن القوة التي حملها هذا الفعل ترددت إلى الأبد واصطدمت بروان، فصرخ.
كان جسده يتحطم إلى قطع، ولم يكن بإمكانه التعافي من هذا الجرح، وكانت كل قواه لا شيء أمام هزة الكتف الطفيفة لهذا الطفل.
في كل لحظة تمر، تُفقد تريليونات من الأرواح بداخله. تمسك بحياته بجنونٍ سكنه طويلاً لدرجة أنه لم يعرف معنى الاستسلام. عندما كان ظهره إلى الحائط، لطالما ناضل من أجل حياته، وهذه المرة لن تكون مختلفة.
لقد كان يقاتل ضد النهاية، وكان منتصراً… إلى حد ما.
فتح الطفل فمه، ولرعب روان، أطلق صرخته الأولى.
لقد كان الأمر مضحكًا، تخيل الكثير من الطرق التي يمكنه الموت بها، لكن الموت من بكاء طفل لم يكن واحدًا منها.
رأى الصرخة إتجهت نحوه، كموجة صدمة تنبعث من موت آلاف الأكوان، وأدرك أنه لا يستطيع النجاة. لقد تصالح روان مع الموت منذ زمن بعيد، واستقر أخيرًا ليشهد موته.
بدأت موجة الصدمة في التباطؤ ثم توقفت على بعد بضع بوصات من رأسه.
“قَدْ نَكُونُ نَحْنُ… يُمْكِنُنَا أَنْ نُصْبِحَ هَذَا الطِّفْلْ. مَوْلُودَانِ مِنْ جَدِيدٍ، مُعَاد تَشْكِيلُهُمَا إلَى شَيْءٍ مُقَدَّسْ. يُمْكِنُنَا أَنْ نُصْبِحَ أَصْلَ… كُلِّ شَيْءٍ.”
تحدث إليه السجل البدائي، ولأول مرة، سمعه بوضوح. أراه رؤيةً للمستقبل لم تكن بعيدة المنال. لم يكن عليه سوى قبولها.
كان السجل البدائي يظهر له أنه حتى في ذروة قوته، كان روان سيظل لا شيء قبل ولادة هذا الطفل.
الترجمة : كوكبة
———
راح اخلي كل الكلام الي بيقوله السجل البدائي مشكل بذي الطريقة عشان اخليه مهيب