السجل البدائي - الفصل 803
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 803: أبناء أوروبوروس
في كل مرة يتطور فيها، يعتقد أنه قد اعتاد بالفعل على إحساس التحول إلى شيء آخر، ولكن في كل مرة يكتشف أنه مخطئ.
لقد كان دائما جديدا.
شعر روان بأنه يستيقظ من نوم عميق. كل إحساس مرّ به وغمر كيانه كان قويًا ومثيرًا، كما لو كان مولودًا جديدًا، وبشرته لا تزال رقيقة، مما يجعل كل نسمة خفيفة تلامسه أشبه بإبر تخترق جسده.
لقد تحوّل وجوده بالكامل، واستغرق الأمر بعض الوقت، حتى مع وجود سبعة أعمدة وعي، للتأقلم مع هذا التغيير. لقد خطا خطوة في دقيقة واحدة، كان سيستغرق الجميع مليارات أو تريليونات السنين لاجتيازها، دون أي ضمانة بالنجاح.
شعر روان بجسده يتمدد ويتكيف مع أبعاده الجديدة، وكان الشعور مختلفًا تمامًا عما كان عليه عندما كان خطا. لم يكن لديه فم، لكن صرخات البهجة التي أطلقها اخترقت حواجز الحدادة وهربت إلى الكون، جاعلة النجوم في الفراغ تغني.
اهتزت مايف، إذ اكتشفت قوةً هائلةً في الصرخة التي جعلتها تشعر بضآلة قدرها… بدت الصرخة وكأنها قادمة من الماضي إلى المستقبل. توقفت عن حماية المصنع وتراجعت، منتظرةً ظهور سيدها.
*****
كانت حالة روان الجديدة غريبة، فسابقًا كان سطرًا، أما الآن فقد تحوّل إلى صفحة. كان أشبه بورقة مخطوطة لا نهاية لها، سرمدية. [1]
كان لون هذه الصفحة اصفرا، وبدت قديمة جدًا، لكن حافتها كانت حادة بشكل لا يُصدق. مع أنه أصبح الآن بُعدًا، إلا أن قاعدته بقيت المدمر، وعلى عكس ما كان عليه عندما كان مجرد خيط فضي، أصبح الآن قادرًا على استخدام جسده كسلاح.
ملأت هذه الصفحة الساحة بأكملها، ملتفة حول نفسها مثل ثعبان ضخم، بعد أن أمضى فترة طويلة كثعبان أوروبوروس، أصبحت بعض تصرفاته مشابهة لتصرفات الثعبان، وكان لف جسده أمرًا مألوفًا، حتى لو لم يكن لديه رأس أو ذيل.
على الصفحة اللانهائية، كانت هناك نتوءات كصور ثلاثية الأبعاد، محفورة في كل شبر. لم تكن هناك مساحة فارغة في الصفحة اللانهائية، ولكن كلما وُلد شيء جديد، كانت الصفحة تطول لاستيعاب هذه الظواهر الجديدة.
كانت هناك كواكب ونجوم، وكل ظاهرة سماوية داخل جسده، وكانت جميعها ممثلة على الصفحة، كل كائن حي طار، أو زحف، أو أحب تحت الأرض يمكن العثور عليه.
انطلقت هالة الحياة من جسده الجديد، مما أثر على بيئته، وبدأ المصنع في زراعة كميات هائلة من النباتات.
في الزاوية، كان هناك نعش ضخم محاط ببحر لا نهائي من الأسود والأبيض، مدينته “شيول”. في هذا البحر، كانت هناك قوى قوية، نورانييه، رؤساء نورانييه، ملوكه، ونورانيي شار.
رأى جميع أبنائه. رأى إيفا، الضائع، ديان، فرايغار، أرخميدس، وتريليونات المواليد الجدد في هذا العالم، ومع اعمدة وعيه السبعة المستيقظة، استطاع أن يبدأ بفهم مدى قوة مدمره فهمًا حقيقيًا.
علاوة على ذلك، استطاع أن يرى صورة شجرة ضخمة، جذورها مغروسة عميقًا في البحر البدائي، تشرب من جوهرها. أظهرت شجرة الرغبة قوتها على الحظ والاحتمال، معززةً بإرادة الحقيقية خاصته، مجبرةً الإمارة على أن تولد من جديد في داخلها مرارًا وتكرارًا.
ربما عندما لم يكن قد حصل على إمارة، كان من قبيل الحظ أن يتمكن من الحصول عليها، ولكن طالما أنه حصل عليها من قبل، فسوف يكون قادرًا على ثني الواقع إلى حد أكبر من ذي قبل واستعادة القدرة على الحصول عليها.
سلالة شجرة الرغبة التي فقدها، استُعيدت بنفس الطريقة. ولن يمنعها من الإفلات من قبضته سوى تدمير جوهر الإمارة تدميرًا كاملًا.
على مساحة واسعة من الورق كان هناك جزء مخصص بالكامل لسلالته الأساسية الثانية، سلالة اوروبوروس.
كات تشبه كوكبًا مصنوعًا من اللحم والقشور، كان الكوكب يتمدد وينكمش كما لو كان يتنفس وكان حول الكوكب تيارات ذهبية من الضوء تدخل إلى داخله، مما يجعل كوكب اللحم ينمو ببطئ.
لقد ظهر هذا الكوكب الجسدي بالضوء الذهبي والأحمر وكان يقع في مركز آلاف العوالم، وكان الضوء الصادر منه يلامس العالم بأسره.
ضحّى روان بقدرته على الثوران ووزّعها على جميع عوالمه المزروعة. كما وهب قوة مصدر سلالة أوروبوروس لجميع تلك العوالم.
في هذه اللحظة، كانت سلالته الثانية في حالة نمو متسارع، إذ كانت تعيش في علاقة تكافلية مع جميع أبناء سلالته. وُلد ثلاثة سامين من سلالته، يحومون على بُعد ملايين الأميال من كوكب الجسد العملاق، ينعمون بأشعة قوته.
هؤلاء يمتصون القوة، فيزدادون قوة، ويعود جزء من تلك القوة إلى كوكب الجسد، مما يُسهم في نموه. كانت هذه العملية تحدث بين الكوكب وتريليونات من أبنائه.
لم يكن روان يتوقع مثل هذه التغييرات الضخمة عندما قام بتطهير سلالة دمه من قبضة الفوضى وكان يعلم أنه سيطور سلالة الدم هذه بعد أن تصل إلى أقصى إمكاناتها.
مع كل لحظة تمر، تزداد قوة سلالة أوروبوروس لديه. لقد شعر روان باختلاف قدرة الثوران التي كان يمتلكها سابقًا، فأحس أنها أصبحت الآن أكثر دقة. كان توزيع هذه القدرة بين أبناء سلالته هو الخيار الأمثل.
إذا كان النورانيون هم أبناء سلالة شيول، فإن أبناء سلالة أوروبوروس يجب أن ينموا بسرعة حتى يقفوا على قدم المساواة مع نورانييه.
بطريقة ما، لم يشك روان في قدرتهم على تحدي نورانيي بنفس القدر عندما يكتمل نموهم. إذا كان مجتمعهم قادرًا بالفعل على تطوير ثلاثة سامين في أقل من أربعة آلاف عام دون تدخله أو توجيهه، فهذا دليلٌ واضحٌ على الإمكانات الهائلة التي يمتلكونها جميعًا.
هذا يعني أنه سيُضطر حاليًا إلى مواصلة تطوير سلالة شيول إلى الدائرة العليا الخامسة. في هذا المستوى، سيتمكن من إطلاق المزيد من أعمدة الوعي وتعزيز إدراكه، مما يُسرّع من تطور إرادته.
لو استطاع بلوغ حالة البعد الثالث، لكان قادرًا على السير في الكون بجسد كامل دون أن يكون مجرد صفحة. سيكون تأثيره على بيئته كاملًا، ولن يحتاج إلى التدبر عبر قنوات خفية للحصول على ما يحتاجه. ستكون لديه القدرة على شن حرب على الكون بأكمله.
ترك معاركه لأطفاله كان دائمًا يترك طعمًا غريبًا في فمه. أراد روان أن يخوض معاركه بيديه. كان هو الطليعة، رأس الحربة. ربما مع مرور الوقت، سيترك معاركه لأطفاله، لكن في الوقت الحالي، سيقاتل.
في زاوية الصفحة، كانت صورة السجل البدائي واضحة. كانت تتوهج بضوء أحمر قاسٍ، ودفعته رغبة لا تُقاوم إلى توجيه وعيه نحوها، فلمس الكتاب الأسود.
الترجمة : كوكبة