السجل البدائي - الفصل 801

الفصل 801 الإمارة

بدا له هذا الشعور غريبًا وغير مُلائم. لم يكن من المُفترض أن يُفوّت شعور الضعف. كان مُعرّضًا للهجوم بأكثر من طريقة.

لم يتزامن هذا الهجوم مع تطور إرادته فحسب، بل أدى إلى تشتيت انتباهه لعدة لحظات ثمينة كان بإمكانه استغلالها لتحليل الموقف.

شعر روان بنبض جوهره، إذ عززت استنارة الفناء مكانته ككائن ثنائي الأبعاد. أدى هذا إلى اتساع جوهره بشكل متزايد، وبدأ جوهره الأرجواني يضيق على هذه المساحة التي فتحتها له سلالة شيول.

كان مصنعه على حافة الدمار، إذ تضاعفت الضغوط عليه للحفاظ على استمراريته. توقفت مدينته “شيول” عن جمع أصول الروح والبلورات، واتخذ شكلها الآن شكل منصة كبيرة تشبه التابوت.

لم يعد وعي روان، الذي أصبح الآن مُغلفًا بجسد بشري، قادرًا على الارتباط بسلالته. فالطاقة الباردة التي منحته جسده قد عزلت هذا الخيط الوحيد من الوعي.

وبفضل الوضع الذي ظل فيه، كان بإمكانه رؤية حواف محيطه وتمكن من إلقاء نظرة خاطفة على الشخص الذي كان يمسكه.

ابتلع الدم الذي ملأ حلقه، ضاغطًا صدره ليطرد الدم الذي امتلأ بالرئتين. كان آسره قد مدّ يده من ظهره وانتزع قلبه. مع وعيه الذي بدا وكأنه فانٍ، كان هذا تشتيتًا مزعجًا، تفاقم بسبب انقطاع قدرته على الشفاء.

مع خروج الدم من رئتيه، تحدث روان بهدوء مع آسره، “أنت تتحدث عن السيطرة على مملكتي، ولكنك لا تزال مختبئًا في الظل. هل تعتقد أنني سأسلم سلطتي لشخص يطعن ظهري؟”

أطلق سراحه فجأة وتراجع إلى الوراء، كان بإمكان روان أن يشعر بالأرض تهتز تحت وطأة خطوات آسره الثقيلة،

“أعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة لفهم صفاتي، يا منشئي، والطريقة الصحيحة لاستخدام قوتي. أعتقد أنني، ببرهانِي، أثبتُ لكَ سبب سماحك لي بالحكم نيابةً عنك، دافعًا عن مصالحك حتى تبلغ أقصى إمكاناتك.”

نهض روان متحررًا من الضغط الذي كان يضغط عليه، وجسده منحنيٌّ في وضعيةٍ غريبةٍ بسبب ضلوعه المكسورة وعموده الفقري المهشم. ناظرًا إلى المخلوق الذي قيّد وعيه بهذه الهيئة البشرية، أمال رأسه جانبًا في دهشة.

بعد تحريره، ركع آسره، وعندما نهض روان، أثبتت صحته توقعه. كان مهاجمه نورانيا من شار.

في البداية، من شكله، اعتقد روان أن هذا هو نفس النوراني الشيطاني الذي كان في طليعة الطريق لمدينة شيول، وبالفعل كان هذا النوراني الغامض هو المشتبه به الأول، ولكن نظرة سريعة على مجموعة نوراني شار في الشرق ورأى الشكل، واقفًا ساكنًا، ومتجمدًا في الوقت مثل كل البقية.

“باستثناء هذا.” فكر روان بسخرية بينما كان ينظر إلى نوراني تشار.

كان له نفس المظهر الشيطاني مثل نوراني تشار الأول، مع جناحين يشبهان الخفاش مملوءين بعيون ميتة، وجلد متقشر يبدو وكأنه محترق، وذيلين طويلين يشبهان الزاحف ينتهيان بنقطة رمح.

رأس نوراني شار هذا لم يكن متصلاً بجسده، بل كان يطفو على بُعد بوصات قليلة منه، ويدور ببطء. مع ذلك، كانت وجوهه الأربعة أنثوية.

تذكر حديثه مع إيفا الذي جعله يشك بسهولة في أن نوراني تشار هو المسؤول عن هذه الخيانة. أخبرته أن النورانيين الأقوياء لا يمكن السيطرة عليهم بسهولة.

وعلى الرغم من ولائهم له، فإنهم ما زالوا قادرين على اختيار الذهاب ضد إرادة منشئم إذا شعروا أن أفعالهم ستؤدي في النهاية إلى نتيجة إيجابية لمنشئهم.

هذا يشمل سجنه، أو القيام بأعمالٍ مُتطرفةٍ أخرى إذا اعتقدوا أنها ستُؤمّن سلامته. هدأ الغضب الذي كان مُكبوتًا في روحه، وكان عدوه الحقيقي هو ضعفه.

لقد أعطى مساحة كبيرة لأعدائه لتدمير خططه، ويجب أن يكون نوراني تشار الذي استيقظ حديثًا قد لاحظ مستوى قوته واعتقد أنه يمكنه السيطرة على سلالته ولن يطلق سراحه إلا عندما يصبح أقوى.

لكن روان لم يُعانِ كل هذا الوقت، وحارب القدر طوال حياته ليُسيطر عليه زومبي نوراني مُمجّد. كان يعلم أن نوراني تشار قد استسلم بمجرد أن وصل صعود سلالة شيول إلى هذه المرحلة تحديدًا، لأن أعمدة وعيه بدأت تستيقظ من سباتها.

كان بإمكانه أن يتنمر على هذا الخيط من الوعي الذي لم يكن قوياً حتى كعمود وعي واحد لروان، ولكن عندما بدأ المنشئ الحقيقي في الاستيقاظ من سباته، لا بد أنه اكتشف قوة روان الحقيقية.

مدينة شيول التي تشبه نعشًا عملاقًا، أطلقت فجأة نبضة من القوة، والتي دفعت الجوهر الأرجواني إلى ملايين الأميال، وقمعت كل كائن حي حتى تم دفعه إلى الأرض … باستثناء جسد روان البشري الآن، فقد تم قمع كل شيء.

لقد استيقظ عمود وعي واحد.

لو كان روان نائما طيلة العشرين سنة الماضية، فقد استيقظ الآن حقا.

انطلق انفجار آخر من التابوت مما دفع الجوهر الأرجواني إلى الوراء أكثر حتى لم يعد من الممكن رؤيته في الأفق.

خرجت خمسة انفجارات أخرى من شيول، حيث استيقظت سبعة أعمدة وعي واندفعت على الفور نحو حواف البيضة الأرجوانية الضخمة، وبدأت في قمعها، مما دفع جوهره إلى أن يصبح مضغوطًا لإكمال تطوره.

لقد مسح الوعي البشري لروان ذقنه ونظر إلى هذا النوراني الساجد من تشار الذي وضعه في وسط قوتين ساحقتين، مع القوة التي كان يمارسها عليه، فإن جزءًا بسيطًا إضافيًا من شأنه أن يدمر هذا النوراني المتمرد، لكن طبيعته الفريدة أثارت اهتمامه.

“كيف يمكنك أن تتحرك الآن عندما يتجول وعيي؟”

حتى شريحة من وعيه جعلت الوقت بأكمله داخله يتوقف، الآن بعد أن أيقظ أعمدة الوعي السبعة، لا ينبغي لأي شيء أن يتحرك، لكن هذا النوراني لا يزال بإمكانه التحرك.

ارتجفت النورانية وكأنها في ألم شديد، وتصاعد الدخان الرمادي من الشقوق في جميع أنحاء جسدها، وفتح أحد أفواهها، “هذا لأنني إمارة. أنا موجودة خارج الزمان والمكان”.

رمش روان، هل أبلغه النورانية للتو أنه لديها إمكانية الوصول إلى الإرادة حتى في حالته الأساسية؟

جاء أنين معدني عالي من الأفق عندما بدأت موجة من اللون الأرجواني تتدفق نحوهم، كانت وعيه الآن تدفع كل جوهره معًا، وفي غضون ثوانٍ قليلة، كان بحاجة إلى اتخاذ قراره بشأن ما إذا كان سيقتل هذا النوراني أو يتركه.

اعتبر الأمر مُضحكًا أنه حتى وهي على شفا الموت، لم تطلق النورانية قوتها التي حوّلت وعيه إلى شكل بشري. أشار بيده وسحب نورانية تشار حتى حلّت أمامه، وكاد الضغط الذي مارسه على جسدها أن يسحقها، وبدأ الدخان الرمادي المنبعث منها يتضائل تدريجيًا.

نظر روان في عينيه الباردتين الثابتتين وقال: “وقتكِ ينفد، وصبري ينفد أسرع. مع أنني أستبعد أن تكون نورانية برتبتك قد استيقظت في داخلي مبكرًا، إلا أن إجابتكِ لا تكفي لتبرير هذا النوع من الأفعال التي اتخذتها ضد منشئكِ. لا أستهين بالخيانة، وخاصةً من شخصٍ يُفترض أن تكون ابنتي”.

كانت النورانية يكافح من أجل التحدث.

“أيها المنشئ، ليس من المفترض أن توقظ نورنيا بقدرتي على مستواك. الفساد في داخلي يحارب نورك، ويشوه عقلي فيسعى لقمعك لحمايتك. فعلت كل هذا لحمايتك. استيقظت قبل بضع سنوات لأرى نظرات عدة كائنات قديمة تجوب كونًا ميتًا. كانت غريزتي الأولى هي حمايتك، وكانت أسرع طريقة لي هي تولي زمام الأمور ونقلك إلى كون جديد حيث يمكنك النمو بسلام.”

الترجمة : كوكبة