السجل البدائي - الفصل 784

الفصل 784 الحفلات البرية

امرأة جميلة حليقة الرأس، مثبّتة على طاولة بأربعة قضبان من المسامير المزخرفة غُرزت في راحتيها وكاحليها. كانت ممددة على ظهرها، وقد جُفّف بطنها وأُبقي مفتوحًا بسلسلة من الدعامات الذهبية، وباستثناء قلبها النابض، أُزيلت بقية أعضائها الداخلية.

لقد بقي قلبها حتى تتمكن من العيش لأطول فترة ممكنة، باعتباره العضو الأكثر أهمية في جسد المهيمن، لا يمكن الاستهانة بقوته ومثابرته.

كان جذعها المفتوح، الذي لا يزال يقطر دمًا، محشوًا بفواكه غريبة متنوعة وقطع من الثلج لتبريده، ومن حين لآخر، كانت يدٌ تمد يدها إلى معدتها المفتوحة وتجمع الفاكهة المطلوبة. فضلت بعض الأيدي البقاء داخل جسدها، تقضم أجزاءً من لحمها وهي تجمع الفاكهة التي تريدها.

بعد كل شيء، كانت جزءًا من الأطعمة الشهية… التي تم تربيتها لتصبح طعامًا.

انفتحت عيناها الواسعتان وانهمرت الدموع ببطء على جانبيها. كانت مستيقظة وواعية، وقد ساهم سحرٌ أُلقي عليها في جعل الألم الذي تشعر به أشد وطأة، فاستطاعت البكاء لساعات.

يتم جمع دموعها في وعاء ذهبي تحت رأسها، ويتم غمس الفاكهة المختارة في وعاء الدموع قبل تناولها بمذاق رائع.

وتذكرت ليالي الانتظار التي لا تنتهي داخل غرفة التجميد، حيث كانت تتغذى على نظام غذائي صارم من الثلج ودودة غريبة تحتوي على دم خاص يثري جسم أولئك الذين يأكلونها بنكهة الفلفل.

كانت صراخات من تم القبض عليهم قبلها جزءًا ثابتًا من حياتها اليومية، وكانت تعلم أن اليوم الذي سيأتي فيه دورها.

كان ذلك اليوم. دخلت غرفتها امرأةٌ بدينةٌ جدًا تحملُ حوضًا كبيرًا مليئًا بالدماء والأعضاء الداخلية. كانت تحملُ سكينَ جزارٍ بيدها الأخرى، فأمسكتْها من رقبتها، مُتدليةً على بُعدِ قدمين من الأرض، ثمّ قطّعتْ رداءَها الذي كانت ترتديه برقةٍ كما لو كانت تفتحُ هديةً.

كان جرح بطنها خفيفًا أيضًا، وكانت السكين حادة لدرجة أنها بالكاد شعرت بالألم، وما تلا ذلك لم يكن بتلك السخاء. انتُزعت أعضاؤها وأُلقيت في الحوض بكفاءة تُنبئ بتكرار لا ينتهي.

أدت الدعامات الموضوعة داخل بطنها وظيفتها، وبدأت تُحفّز جميع الأعصاب في جسدها، مما جعلها في حالة من البؤس الشديد. بالكاد شعرت بوخزات في راحتيها وكاحليها.

تحدثت شهيق مؤلم خرج من الجانب عن عذاب مماثل، لم يكن على المرأة أن تلتفت لتعرف أن شخصًا آخر يعاني من نفس المصير مثلها، وليس أي شخص آخر، أختها.

حاولت حجب الألم والصوت، لكنها كانت مهيمنة من الدائرة الثانية ذات سلالة أدنى، وقد ولدت لغرض وحيد هو الموت على هذه الطاولة. ولدت لتتحمل الألم طويلاً، وعيناها تذرفان الدموع حتى لا يبقى جسدها قطرة رطوبة واحدة.

في هذه الليلة وحدها، يتم ذبح ثلاثمائة امرأة ورجل في هذه القاعة لغرض جعل وجبات النبلاء أكثر حلاوة.

لحسن الحظ، بعد ثماني عشرة ساعة من الألم والإهانة اللذَين لا يُوصفان، شعرت بالظلام يتسلل إليها، وبدأ الألم يتلاشى تدريجيًا. سحبتها يدٌ بعنفٍ عن القضيب الذي كان يُثبّتها في مكانها، وأُلقيت في عربة كبيرة مليئة بالجثث.

بالكاد لاحظت أن المرأة السمينة التي مزقتها في الصباح هي التي تعود الآن في الليل لإكمال المهمة.

ولم تنته الحفلات في أروث أبدًا، وستواصل المرأة السمينة هذه المهمة الشاقة غدًا.

غمر الظلام جزءًا أكبر من بصرها مع إلقاء جثث إضافية عليها حتى فقدت القدرة على السمع. ظلت حياتها العنيدة عالقة في صدرها حتى أُلقيت في ممر طويل يؤدي إلى قفص تُربى فيه حيوانات النبلاء الأليفة.

هبطت على كومة كبيرة من العظام، وكان آخر شيء سمعته هو زئير عدد لا يحصى من الحناجر عندما هبطت عشرات الوحوش الضخمة على الوليمة.

لحسن الحظ، ماتت قبل أن تمزق الأسنان ما تبقى منها. كانت في السادسة عشرة من عمرها.

كان هذا النوع من الحفلات أحد الحفلات الشهيرة التي أقامتها طبقة النبلاء في تريون، وقد شاهدت سيرسي للتو سلسلة الأحداث بأكملها.

بعد أشهر من هذا الجنون، ظنّت أن قلبها ربما قد خُدِّر، لكنها كانت تكتشف دائمًا أنها مخطئة. كانت جروح جديدة تنفتح كل يوم، وبدا ألم ماضيها ضئيلًا جدًا أمام حجم وشدة هذه المعاناة.

عضّت سيرسي شفتيها حتى نزفت دمًا، ثم أدارت وجهها بعيدًا عن مشهد الفتاة وهي تُفترس على يد ذئب الصقيع. كانت هنا لتسلم رمز الاختيار لأحد سامين الأرض المختارين في هذا القصر، إيمريلدا.

لقد تم أخذ سامية الأرض هذه من كوكب صغير لم يكن حتى عالمًا صغيرًا، لقد كانت موهوبة حقًا، وحتى مع سلالة الدم المهدرة المفروضة عليها، كانت قادرة على الوصول إلى مستوى سامي الأرض.

لقد جعلتها قوى سلالة الدم لديها خصبة بشكل لا يصدق، ويمكنها إنجاب العشرات من الأطفال في غضون أسبوع، وباعتبارها عبدة لعائلة فولجيم، فقد أُجبرت على تربية العبيد للعائلة.

لقد تعرضت للاغتصاب كل يوم تقريبًا، وعلى مدى السبعمائة عام التي كانت فيها سامية الأرض، أنجبت مئات الآلاف من الأطفال، وتم إرسالهم جميعًا إلى موائد العائلات النبيلة في جميع أنحاء أروث حيث تم تمزيق أجسادهم واستخدامها كمقبلات.

أبقت إيمريلدا على كراهيتها داخل قلبها، وعلى الرغم من أنها كانت تعلم أنها قد لا تحصل على أي فرصة للرد، إلا أنها صلت فقط من أجل فرصة واحدة للرد.

اختارتها سيرسي لتكون من أوائل السامين الجدد الذين يمشون على تريون. لم تُصدّق هذه المرأة المُعذّبة سيرسي، لكنها كانت ستغتنم أي فرصة لإيذاء تريون دون تردد.

تمنت سيرسي أن تكون قصة إيمريلدا هي الأسوأ التي صادفتها، لكنها لم تكن شيئًا مقارنة بالقصص الأخرى التي شهدتها.

إن الحياة الطويلة المليئة بالكراهية قد تؤدي إلى خلق مستوى من المرض والانحطاط في المجتمع قد يجعل حتى السامي يصاب بالجنون.

في بعض الأيام، كادت أن تشعر بذلك. بين الحين والآخر، كان الأمر يفوق طاقتها.

مع وميض البرق الذي كان غير مرئي لأي عيون فانية أو خالدة قد تنظر في هذا الاتجاه، اختفت.

لم تبتعد سيرسي كثيرًا عن العاصمة أروث. إذا كانت تنوي إثارة تمرد في الإمبراطورية، فلم يكن هناك مكان أفضل من هذا المكان، الذي كان بوتقة انصهار الشؤون الإدارية والسياسية للإمبراطورية بأكملها.

كان الموقع الذي اختارته لبناء مقرّ عين الحقيقة عميقًا داخل بحيرة الكريستال المحيطة بالعاصمة. وقد عثرت على ليفياثان كريستالي، وبنت عليه مبنىً ضخمًا من ثمانية طوابق.

كان ليفياثان الكريستال قديمًا بالنسبة لنوعه الذي كان يتم اصطيادهم كل عقد من الزمان من أجل قلوبهم.

عمره يقارب ألفي عام، وقد صمد طويلاً بفضل دهائه وحظه. عثرت عليه سيرسي بالصدفة، وعندما لاحظت أن الليفياثان قد بنى مجموعة معقدة من الأنفاق تحت البحيرة، ولم يعتد على البقاء في مكان واحد لفترة طويلة، والتنقل باستمرار، حسمت الأمر، واتخذت أخيرًا قرارها ببناء مقرهم الرئيسي مباشرةً على ظهره.

كان ليفايثان الكريستال مخلوقًا ضخمًا، يشبه سرطانًا عملاقًا يبلغ عرضه حوالي عشرة آلاف قدم، وكان لعضلاته المثيرة للإعجاب القدرة على حمل ملايين الأطنان على ظهره، لكن سيرسي ذهبت إلى أبعد من ذلك ودمجت أحد مظهري الروح في ليفايثان الكريستال مما أدى إلى تحوله إلى عملاق بحري حقيقي.

عندما كان في السابق مجرد مخلوق بحري قوي على مستوى سامي الأرض، فإن التكامل مع مظهر الروح أعطاه قوة مساوية لسامي كبير، وحول جسده إلى نسخة متحولة من ليفياثان الكريستال، على الرغم من أنه احتفظ بشكل يشبه السلطعون، إلا أن أصدافه أصبحت الآن زرقاء مع مسارات خافتة من البرق تتدفق على سطحه.

الترجمة : كوكبة