السجل البدائي - الفصل 774

الفصل 774 القوة المسروقة

ساد الصمت الرابع عندما توقفت الدودة العلوية لأول مرة منذ ما يقرب من خمسة مليارات سنة وإنفنت عن استهلاك إرادة الكون، وانزلقت إلى أسفل الشجرة، ومن فمها المرعب، بصقت مئات الأسنان التي سقطت من السماء واصطدمت بالأمير الثالث.

كان كل سنٍّ ضخمًا لدرجة أنه كان بإمكانه أن يمتدّ عبر نجمٍ كامل. بدأت هذه الأسنان بالانكماش، وسرعان ما اتخذت جميعها شكل الأمير الرابع.

تحدث المئات من الرابع في وقت واحد، واندمجت أصواتهم في سيمفونية مزعجة مثل غناء سامي مجنون.

“سأغفر لك العثور على السجل البدائي وإخفائه عنا، لأن من هم من نسلنا فقط هم من يستطيعون استخدامه، وبدون جوهر أبينا وقوة حياة البدائي، تبقى قواه في معظمها سرية، ولكن كل هذا قد يتلاشى إذا فعّله أحدنا بالكامل. أخبروني ثالث، هل لديك طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟ طفل؟”

فتح الأمير الثالث فمه وأغلقه مثل سمكة خارج الماء قبل أن يهمس بصوت خافت “نعم”.

اهتزت السماء حين زأرت الدودة غضبًا. وصل صوتها إلى اللانهائية، مما تسبب في ارتعاش إرادة الكون بأسرها.

اقترب المئات من الرابع من الأمير الثالث حتى أصبحوا على بعد بضع بوصات فقط من بعضهم البعض، “هل هو تحت سيطرتك؟”

همس الأمير الثالث مرة أخرى: “لا”.

فجأة أمسك أحد أجساد الرابع بجسد آخر من حلقه وبدأ في تمزيقه أثناء استهلاك لحمه، وبعد فترة قصيرة نزل بقية الرابع على الجسد الواحد وأكلوا كل جزء منه.

ولأنهم كانوا قريبين جدًا من الأمير الثالث، استطاع أن يرى ويسمع كل شيء بتفاصيل مُريعة، بينما كانت أسنانهم الحادة تلتهم الجثة المختارة. كانت رائحة الجثة المذبوحة نفاذة لدرجة أن الأمير الثالث عبس.

لقد فهم الأمير الثالث أن أكل لحوم الأجساد هذا كان أسلوبًا استخدمه الأمير الرابع للسيطرة على غضبه، لو لم يقتل جزئا من نفسه في هذه اللحظة، لكان قد التهم الأمير الثالث.

يبدو أن نوبة الجنون التي أصابت الرابع قد تبددت عندما استعاد رباطة جأشه وسأل بهدوء.

“كم من الوقت لدينا؟”

الأمير الثالث لعق شفتيه الجافتين، “ربما يكون الوقت قد فات بالفعل.”

كان المئات من الرابع صامتين وكأنهم تحولوا جميعا إلى حجارة ثم قالوا جميعا:

“أخبرني بكل شيء، من البداية، ولا تترك أي تفاصيل.”

*****

بدأ الأمير الثالث حديثه. كانت كلماته بطيئة وثابتة، وهو يروي بلا انفعال قصة بدأت منذ عصور طويلة.

في الماضي البعيد عندما كان في ذروة قوته، سافر عبر العديد من الأكوان، وفي كون معين على وشك الموت، صادف تفاصيل عن متغيرة فريدة من نوعها من الإمبراطوريين تسمى المسافرة، التي تنطوي قدرتها غير العادية على قوة الرغبات والحظ.

اعتبر هذه القدرة جديرة بالملاحظة حقًا، إذ كانت أول مرة يسمع فيها عن قدرة كهذه. باستخدام قدرته على عكس الزمن، أعاد الزمن للكون بأكمله تريليونات السنين إلى الوراء حتى وجد هذه الهدف المثيرة للاهتمام، فتغير كل شيء بالنسبة له.

وأصبحت هذه أيضًا المرة الأخيرة التي يتمكن فيها من استخدام قدرته على عكس الزمن مرة أخرى، لكنه أخفى ذلك عن إخوته.

اكتشف أن الكون التي أنتجت هذه الإمبراطورية الغريبة كانت في حالة يرثى لها، ربما حدثت طفرة معينة أثناء إنشاء الإمبراطورية، فقد صنعت إمبراطورية قوية كانت قدراتها أعظم مما يمكنها السيطرة عليه، وقررت هذه الكون تدمير إبنتها، لكن الثمن الذي دفعته لتدمير هذه الإمبراطورية كان كبيرًا لدرجة أنها ماتت أيضًا بعد تريليون عام قصيرة دون أن تترك حتى إرادة.

كان من المهم ملاحظة أن الكون يتمتع بميزة مطلقة على إمبراطورييه، ويمكنه بسهولة حرمانهم من قدر أكبر من قواهم. لن يمتلك أي إمبراطوري قوة النجاة من غضب الكون، لكن هذه الإمبراطورية تحديدًا لا بد أنها لم تدرك ذلك، فقد حاربت الكون حتى النهاية.

عادةً ما كانت قدرة الأمير الثالث على عكس الزمن محدودة. كان بإمكانه عكس الزمن وإجراء تغييرات معينة، لكن الكثير من هذه التغييرات كان يجب التخطيط لها جيدًا، لأن أي تغيير يُجريه كان سيُسرّع الزمن بسرعة، مما يؤدي إلى عواقب لا تُصدّق.

كانت دوافع الأمير الثالث للعودة عبر الزمن في الغالب لأغراض التحقيق، ونادرًا ما كان يتدخل فيما رآه خلال فترة وجوده في الماضي. وفجأةً، تورط في أمرٍ كان من المفترض أن يكون مستحيلًا.

صادف المعركة النهائية بين هذه الإمبراطورية القوية وكونها، واكتشف أن هذه الإمبراطورية تمتلك أيضًا قدرة فريدة أخرى على التكاثر. في حركة مذهلة صدمت الأمير الثالث، استدارت الإمبراطورية إلى مكانه وابتسمت قبل أن تُدمر هي وأطفالها جميعًا.

لم يكن الأمر بهذه البساطة كما بدا على السطح، من العلامات التي كان يستطيع رؤيتها، كانت هذه الإمبراطورية، ضد كل الصعاب، تقاتل إرادة الكون لملايين السنين، وقد أدى وصوله إلى إحداث تغيير كما لو كانت تنتظره.

فجأةً، ارتحل في الزمن حتى عاد إلى الحاضر، حيث اكتشف أن الكون الذي كان يُفترض أنه ميت أصبح الآن حيًا. كانت صدمته لا تُقدّر بثمن.

كان هذا التغيير بسببه وبسبب تلك الإمبراطورية، ضد رغباته، اكتشفت هذه الإمبراطورية الغريبة أنه سيأتي وقامت ببعض الاستعدادات التي من شأنها أن تضمن أن وجوده سيؤدي إلى شيء ما، كانت تلك الابتسامة التي قدمتها له في النهاية مليئة بالوعي ومليئة بالأسرار.

اكتشف أيضًا أنه فقد القدرة على عكس الزمن. لم يكن الأمير الثالث منزعجًا جدًا لأنه أدرك وجود لغز كبير هنا، وإذا أحسن التصرف، فقد يتمكن من تحقيق أمر عظيم وغير متوقع.

وكان تفكيره صحيحا حيث تم الكشف عن المزيد من الألغاز ببطء مع مرور الوقت.

لقد ماتت الأكوان طوال الوقت، وكانت عملية ميلادها غير معروفة إلى حد كبير، لكن الظلام العظيم كان مليئًا بقوة البدائيين الذين صنعواا تغييرات غير معروفة.

لقد حدث تحول فريد من نوعه في كل عصر حيث كان جوهر الفوضى منشئ الأكوان يتجمع، وفي غضون مليارات السنين بعد نهاية العصر، كان هناك مئات وربما آلاف الانفجارات العظيمة التي تحدث مع ولادة أكوان جديدة.

كان هذا أيضًا سبب قوة الرابع، لأنه، على عكس أيٍّ منهم، كان قادرًا على البحث في الظلام العظيم عن شظايا من جوهر الجسد الرئيسي وجمعها. لم يكن معروفًا عدد قطرات الأثير التي جمعها، لذا كان الرابع يلعب بأوراقه سرًا.

لكن ما كان غريبًا في هذا الكون هو أنه في كل مرة يموت فيها، يولد كون آخر، بالضبط في موقعه، وبعد دراسة هذه الظاهرة لسنوات لا حصر لها، اكتشف أن هذا لم يكن مجرد حدث عرضي بل كان أشبه بقدرته على عكس الزمن، ولم يستطع التخلص من الشعور بأنها مستخدمة من قبل تلك الإمبراطورية التي تتحكم في الحظ والأمنيات.

لم يعد بإمكان الرابع الصمت إذ انفجرت موجات من الغضب من جسده، “أخبرتنا أنك وجدت منطقة فريدة في الظلام العظيم، معزولة تجذب جوهر الفوضى دون أدنى شك، ضامنةً بذلك ولادة كون جديد هنا. لكن الكون نفسه، وليس المنطقة، هو السبب. كيف لك أن تكون بهذه الحماقة يا ثالث؟ أنانيتك وقصر نظرك هائلان! هل تساءلت يومًا إن كان هناك شيء أعظم من تلك الإمبراطورية؟”

سخر الأمير الثالث قائلاً: “ليس لدي الكثير من الوقت وكلما تحدثت أكثر، كلما أهدرت المزيد من هذا الوقت”.

كان هناك صوت غريب مثل عدد لا يحصى من الألعاب النارية التي انطلقت، لكنه لم يكن سوى صوت مئات من أجساد الرابع وهم يطحنون أسنانهم، لكنه ظل صامتًا.

تنهد الأمير الثالث، “نعم، لقد جذبتكم جميعًا إلى هذا الكون، ولكنكم جميعًا قررتم أن التجول في الظلام العظيم لاستهلاك الأكوان كان أمرًا خطيرًا للغاية وإذا تمكنا من تأمين موقع دائم لهذا الغرض فسوف نسرع من خططنا ونقلل من تدخل القوى العظمى الأخرى”.

الترجمة : كوكبة