السجل البدائي - الفصل 753

الفصل 753: المخاوف المتزايدة

توقف صعودها للحظة طفيفة قبل أن تستمر في الارتفاع، وتبعتها النقطة الأرجوانية فوق أندار ودخلت الضوضاء من الساحة أذنيه باندفاع وشعر بعدد لا يحصى من الانفجارات الصوتية الطفيفة التي بالكاد يمكن اكتشافها حتى مع إدراكه المعزز.

أعادت الساعة الداخلية لأندار ضبط نفسها وأدرك أن والدته قامت بتجميد الوقت من حولهم على ما يبدو.

إن هذا الحدث جعل أندار يتوقف في التفكير، كان يعلم أن عملية إيقاف الزمن تعتبر مستحيلة، وما قد يبدو لأغلب العامة أنه توقف الزمن هو ببساطة تدفق الزمن في منطقة معينة تباطأ إلى حد يبدو وكأن الزمن قد توقف.

اعتمادًا على كفاةة الساحر، يمكن إبطاء الوقت إلى حد الزحف أو التوقف تقريبًا، ولكن ليس تمامًا وعلى مساحة صغيرة.

مهما فعلت أمه، فقد حجبت كليهما، مما يجعل أفعالها غير مرئية. لم تكن قريبة منه قط، ولم يكن بينهما أي حديث.

مع أن الزمن قد يبدو وكأنه قد تباطأ من حوله، إلا أن أندار لم يستطع التخلص من شعورٍ في قلبه بأن ما اختبره للتو كان توقفًا حقيقيًا للزمن. ورغم أن هذا الشعور قد يبدو سخيفًا، إلا أن فن التأمل لديه جعل جسده وروحه يُظهران حساسيةً وفهمًا غير عاديين للواقع من حوله.

هذا ما أعلمه أنه رغم استحالة الأمر على الجميع، إلا أن ما اختبره كان توقفًا تامًا للزمن. تعلم أندار أن يثق بحدسه، لأن بنيته الجسدية ومواهبه كانتا قويتين لدرجة أنه يستحيل عليه تفسير كل المعلومات التي يجمعها بشكل سلبي، وأفضل ما يمكنه فعله هو أن يثق بحدسه.

إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني إما أن والدته كانت حقًا واحدة من أكثر السحرة الكبار موهبة على الإطلاق، فقد شكك في ذلك كثيرًا، أو أن هناك خطأ ما واكتسبت قوة ليست خاصة بها.

وكان السؤال أين ولأي غرض؟

“ساحر أندار … عفوا ساحر أندار !!”

“آه، أنا آسف، عقلي مشغول قليلاً بحضور رئيسة السحرة واختباري القادم، لم أكن أتوقع حدوث شيء كهذا.” ابتسم أندار معتذرًا للساحرة المضطربة من الرتبة التاسعة التي كانت تخول لفت انتباهه لفترة.

كان أندار يحاول استيعاب كلمات والدته لأن غرائزه كانت تصرخ فيه بأن هناك خطأ ما، وأن إدراكه للعالم الخارجي قد انخفض إلى الصفر.

“لا مشكلة، كما هو متوقع،” ابتسمت له باراه وحاول أندار ألا يتجهم عند رؤية فم بشري مدمج في جسد حبار طائر.

كانت الساحرة قد قلصت جسدها، وكانت تطفو قرب رأسه، ولم تكن تتحدث بصوت عالٍ، وكانت عيناها تُحدّقان باهتمام في جسد أندار كما لو كانت تتأكد من سلامته. شعر أندار بلمسة تعويذة المراقبة كآلاف العناكب تزحف على جلده، كان الأمر مزعجًا للغاية، لكن ليس ذنبها، فقد شكّ في أنها كانت تُدرك آثار تعويذتها عليه.

لا بد أن فحصها قد جاء بنتيجة إيجابية لأنها تنهدت بارتياح وبدأت تتحدث بصوت أعلى.

“بسبب الحضور المفاجئ لرئيس السحرة في موقع الاختبار، وتدمير عرائس الأثيرنت التي تبث الحدث إلى عوالم السحرة، عدّلنا موعد الاختبار إلى ست ساعات من الآن. أيها الساحر أندار، استغل هذا الوقت للاسترخاء والاستعداد. بعد ذلك، أي الانقطاع المفاجئ، سيتم إبلاغك بموعد البدء.”

“حسنًا، شكرًا لك ساحرة باراه،” أمسك أندار بيده واستدار بعيدًا قبل أن يتوقف، “أوه، أتمنى ألا يكون أحد قد أصيب بأذى.”

“ماذا؟ أوه، اطمئن، الجميع بخير، بمن فيهم أنا، إن كنت تتساءل. لا أحد هنا يجرؤ على الشكوى.”

تنهدت، وتخيل أندار أنه رأى تعبيرًا حالمًا على وجهها، “شرف التواجد في حضرة ساحر كبير. هل تعلم كم هو نادر؟ معظمنا سيقضي حياته كلها دون أن يصادف شيئًا كهذا. فرصة الاقتراب من العظمة… أعرف حضارات عديدة مستعدة لفعل أي شيء من أجل شرف التواجد بالقرب من ساحر كبير، بما في ذلك قتل جنس بأكمله، وما هو أسوأ من ذلك بكثير… أشعر الآن بفيض لا ينضب من الإلـهام يتدفق في داخلي.”

ضحكت الساحرة، وكأنها نسيت نفسها، “هل تعلم أنني أركز على تعديل الجسم وأن الأثير الخاص بي يتجه نحو الظلام والسم؟”

لم تنتظر منه ردًا، بل تابعت الساحرة المتحمسة حديثها: “أشعر بأثيري، وخاصةً تلك المرتبطة بسمي، تبدأ بالتصاعد والتحول. لا أعرف من هي هذه الساحرة الكبيرة، لكن لا بد أنها حقًا…”

“سم…” همس أندار لنفسه واستدار، وسار بسرعة إلى مقره المخصص بينما كان يتفادى جيش السحرة الذين بدأوا في تطهير الميدان من حطام الدمى الكيميائية.

كان هناك خطب ما. شعر به في داخله. لم يكن من المفترض أن يُضيّع المزيد من الوقت مع الساحر المُتحمس، لأنه شعر فجأةً بأنه على وشك الانتهاء.

خفق قلبه فجأةً، ودفعته غريزته إلى النظر إلى السماء. على حافة الأفق، رأى ثلاثة نجوم ساطعة سرعان ما تحوّلت إلى كوكب، وقمرين يكبران ببطء في الأفق.

أي كوكب يُنقل؟ هل هو عالمه الأم؟ كان أندار يعلم أنه أنجز الكثير، لكنه شكّ في أن ذلك كافٍ لرفعة كوكبه، ربما لأن والدته أصبحت ساحرةً كبيرة، وربما كان هذا هو السبب.

ومع ذلك فإن رؤية الكوكب المتنامي زادت من خوفه.

بدأ نمط يظهر، كان على وشك الفهم لكنه كان يفتقد إلى تفصيلة حاسمة، فسار بشكل أسرع محاولًا تجميع كل التلميحات الصغيرة التي كانت غرائزه تصرخ بها له لدرجة أن الرحلة من الميدان إلى غرفته مرت في لحظات ضبابية.

فتح بابه بسرعة وأغلقه أمام مجموعة متزايدة من السحرة الذين لاحظوا وجوده وكانوا يتقدمون لمحاولة الاتصال به.

تنهد أندار بارتياح، “ما الذي يفوتني؟ قبل ست ساعات من بدء الاختبار، هل كان هذا التأخير متعمدًا؟ يجب أن أتواصل مع أساتذتي، هناك خطب ما.”

شعر بالهواء يتحرك خلفه وتزايد القلق في قلبه ولكن قبل أن يتمكن من الرد اصطدم به ظل.

الترجمة: كوكبة