السجل البدائي - الفصل 751
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 751 شمس أرجوانية
اقتربت سفينة فضاء أرجوانية أنيقة من البرج الأسود، كانت سرعتها مذهلة حيث سافرت بسرعة ثلاثة وعشرين ضعف سرعة الضوء، تباطأت ببطئ حتى أصبحت على بعد ملايين الأميال من البرج الأسود، وعلى الرغم من أن هذه السفينة كانت محمية بشدة بواسطة تعاويذ المستوى المحرم ومبنية بالكنوز السامية، إلا أنها لن تكون قادرة على الصمود أمام قوى الجاذبية الهائلة لنبع الأثير الذي أحاط بالبرج الأسود.
كان نبع الأثير ينفث ملايين تيارات الأثير المكثفة، التي تشبه تيارات قوس قزح تمتد ملايين الأميال. مشهدٌ مذهلٌ يُفقد الإنسان صوابه لو شاهده، لأن النظر مباشرةً إلى نبع الأثير كان أشبه بالتحديق في قلب مليون نجم.
كانت الثقوب السوداء بطبيعة الحال بمثابة مخزن للأثير الذي تم جمعه من الكون على مدى مليارات لا حصر لها من السنين، وكانت الثقوب السوداء الهائلة مثل تلك التي يستخدمها البرج الأسود تحتوي على طاقات أكثر قوة تتجاوز ما يمكن العثور عليه عادة في ثقب أسود.
عادة، كان يُعتقد أنه من المستحيل استغلال الكمية الهائلة من الأثير الموجودة داخل الثقب الأسود، لكن معظم الناس اعتبروا أن سيد البرج كان قريبًا من كونه كلي القدرة وكان قادرا على تحقيق المستحيل.
تم إنشاء هذا النافورة الأثيرية بواسطة رئيس البرج الأسود، سايلس بلاك، باستخدام ثقب أسود فائق الكتلة كقاعدة والتلاعب بأفق الحدث حول الثقب الأسود، وتجميده في مكانه.
تسبب هذا في اضطراب هائل داخل الثقب الأسود، إذ تصادمت قوتان هائلتان. وأدى ضغط الجاذبية المتواصل، أو أفق الحدث المتجمد للثقب الأسود، إلى ما يشبه طاحونة.
سحبت هذه المطحنة الأثير المضغوط من أعماق الثقب الأسود في موجة عنيفة انطلقت لملايين الأميال، مكونةً نافورة أثيرية. كما نتج عن ذلك مساحة فريدة داخل نافورة الأثير حيث كان يقع البرج الأسود آنذاك.
كانت القوة والحساب الدقيق اللازمان لتحقيق ذلك مذهلين، إذ إن أي مكون خارج مكانه سيزعزع استقرار النظام بأكمله، ويشتت نبع الأثير الحار ويسحق البرج الأسود حتى يصبح أصغر من حبة رمل. كاد البرج الأسود أن يبقى لثانية واحدة، مع أنه صمد لملايين السنين.
انتظرت السفينة الأرجوانية بصبر خارج نافورة الأثير، بعد أن أرسلت نبضة من الضوء تحتوي على معلومات عن ركابها والبيان الكامل للسفينة مباشرة في البرج الأسود.
لم تستغرق عملية التحقق وقتًا طويلاً، إذ لم يكن هناك سوى عشرة أشخاص داخل السفينة التي يبلغ طولها 400 متر، وكانت تحمل ضيفًا بالغ الأهمية. تموجت المساحة أمام السفينة، وانفتحت بوابة دائرية، وترددت أصوات واضحة بين السفينة والبوابة لبضع ثوانٍ قبل أن تنزلق السفينة داخل البوابة وتختفي، لتنتقل مباشرةً إلى البرج الأسود.
على بعد مليارات الأميال خلف السفينة، كانت هناك ثلاثة أجرام سماوية ضخمة تتحرك نحو البرج الأسود، وكشف الضوء المتصاعد من نافورة الأثير أن الأجرام السماوية الضخمة كانت كوكبًا مصحوبًا بقمرين.
كان أندار قد تعرف على هذا الكوكب، كان هذا إيكارون الخامس، كوكبه الأصلي، ويبدو أنه يقترب من البرج الأسود، وفي غضون ساعات قليلة، سيكون مرئيًا بدرجة كافية ليتم رؤيته من سطح البرج الأسود.
تم تقريب كوكبه بالكامل وأقماره من البرج الأسود باستخدام سلسلة من الترتيبات التي وضعها سيد البرج لتحديد موقع كوكب في الاتحاد الأسود، والذي كان يتكون من العوالم المتعددة المحيطة بالبرج الأسود حيث يتم استدعاء المساعدين المحتملين.
كان إيكارون سبعة قد رُقّي للتو إلى إيكارون إثنين. كل هذا التقدم كان بفضل مكانة أندار كساحر، بالإضافة إلى عوامل أخرى.
على سطح الكوكب، هتف مليارات البشر، ولم يكن غريباً أن يكون في كل بلدة وقرية ومدينة، علامة على وجود أندار، إما تمثال أو منشورات أو نصب تذكارية أخرى، كل ذلك احتفالاً بأعظم ساحر ظهر على الإطلاق من عالمهم، والذي كانت مكانته تؤدي إلى ارتفاع مكانتهم الجماعية.
انطلق الكوكب عبر الفراغ بسرعات هائلة، محميًا بتعاويذ وضعها سيد البرج، لكن ما كان أصعب ملاحظة هو سلسلة السفن الحربية الطويلة المختبئة خلف أحد الأقمار. كان عددها بالآلاف، وكانت مغطاة بتعويذة من مستوى “مدري والله” تجعلها غير مرئية تقريبًا.
*****
نزلت السفينة الأرجوانية في حظيرة خاصة وانفتح منفذ بالقرب من وسط السفينة، وخرج ضباب أرجواني خافت من فتحة الفتح.
سارع بعض من سحرة البرج الأسود، وكان عددهم حوالي اثني عشر، إلى السفينة وألقوا تعويذة “عبائة حمراء” من الرتبة الأولى، غطت الأرض بطبقة رقيقة حمراء تمتد لآلاف الأقدام. صعدت هذه الطبقة الحمراء في الهواء على شكل درج يؤدي مباشرة إلى قمة هذه الساحة، حيث لا يستطيع البقاء فيها إلا سحرة الرؤساء.
اصطفوا بسرعة على جانب الباب المفتوح وشبكوا أيديهم في إشارة إلى الاحترام بينما كانوا ينتظرون خروج ساكن السفينة.
لم يطل انتظارهم، إذ دوّت خطوات معدنية عالية. خرج من السفينة خمسة محاربين مدججين بالسلاح، يحملون بنادق نبضية كبيرة، وعصا طويلة مربوطة بخصورهم.
تبعتهم شخصيةٌ مُغطاةٌ بالكامل بحجابٍ أرجوانيّ طويلٍ جدًا، امتدّ لأكثر من عشرين قدمًا. كان هذا الشخصُ يحومُ في الهواءِ ويتبعُ المحاربينَ المُدرّعينَ مُنسابًا خلفهم كالشبح. لم يلامس الجزءُ المتبقي من حجابها الأرضَ، بل كان يرفرفُ في الهواءِ كسحابة.
قام المحاربون المدرعون بفحص محيطهم بما في ذلك التعويذة التي ألقاها سحرة البرج الأسود الذين استقبلوهم قبل الانحناء للشخصية المقنعة عندما انتهى تفتيشهم وعادوا للوقوف خلف الشخصية.
بدأت الشخصية بالتحرك، والتصق العبائة بجسدهما كاشفةً عن شخصية أنثوية تحتها. وبعد قليل، بدأت الشخصية المختبئة بالصعود إلى أعلى مستويات الساحة، وقد جذب وجودها انتباه ملايين العيون داخل الساحة، بل وجميع عيون الأثيرنت.
فجأة، ارتفع وهج أرجواني كما لو أن شمسًا بدأت تولد في الهواء، فساد الصمت الساحة بأكملها، وباستثناء جميع السحرة الكبار الذين نهضوا من مقاعدهم، سقط الجميع، بمن فيهم أندار، على الأرض. سُحقت الدمى الطائرة، وتعطل نصفها تقريبًا.
كان معظم السحرة الحاضرين متمددين على الأرض، والضغط يُكسر عظامهم، لكن أندار استطاع البقاء واقفًا، لكن ظهره كان منحنيًا كما لو كان يحمل جبلًا بأكمله. كان مُلِمًّا تمامًا بالضغط الصادر من أجساد كبار السحرة.
كانت عيناه مفتوحتين على مصراعيهما من الصدمة لأنه تعرف على الهالة من الشمس الأرجوانية، ‘هل يمكن أن تكون هي؟ … بالتأكيد لا، لا يمكن أن تكون … أمي؟”
الترجمة : كوكبة