السجل البدائي - الفصل 749

الفصل 749 خطة السنوات التسع

كانت أولى تلك الفرص أمامه الآن، فرصة من شأنها أن تعيد تعريف طريقه للمضي قدمًا حيث سيصبح اسمه معروفًا لجميع الخليقة، بطريقة أو بأخرى كان على وشك السير نحو أعلى المراحل.

سوف يعرض أندار إتقانه لكل تخصص في عالم السحرة أمام ملايين الجماهير من السحرة المشهورين وأيضًا أمام رؤساء السحرة من جميع الأبراج.

كان عمره بالكاد ثلاثة عقود من الزمن وكان يمتلك بالفعل إتقانًا لمواضيع قد تستغرق أعمارًا لا نهاية لها حتى يكتسب ساحر واحد إتقانًا في موضوع واحد فقط منها لأن المعرفة مثل هذه لا يتم الوصول إليها من خلال مقدار الوقت الذي تقضيه في الدراسة من أجلها، ولكنها تعتمد بشكل بحت على مواهبك وشيء أعمق بكثير، الروح.

لن تكون روح كل شخص قادرة على استيعاب أسرار الوجود، وهو ما قاد إليه في نهاية المطاف انضباط الساحر. إتقان أيٍّ منها سيكشف حقيقة الوجود.

أن تصبح سيدا في أحد التخصصات سيضعك في رتبة ميثريل، وإذا كنت محظوظًا، بعد سنوات لا حصر لها وتجارب شاقة من المرجح أن تؤدي إلى الفشل، فقد تشق طريقك نحو أن تصبح سيدا كبيرًا.

إنجاز كان من الصعب حتى على كبار السحرة تكراره لأنه وفقًا للمعرفة الخفية التي لم يكن حتى أندار قادرًا على الوصول إليها، فإن أن تصبح سيدا كبيرًا في أي تخصص يعني أنك ستكون قادرًا بالكاد على لمس بُعد أعلى.

سيُسهّل هذا على السيد الكبير الوصول إلى ذلك البعد ليصبح معلم برج. ليس كل معلم كبير في تخصصه يستطيع أن يصبح سيد برج، لكن هذا يزيد من فرصه فقط ولا يأكدها.

اعتقد أساتذته أنه مع مواهب أندار، كان من المحتم بالنسبة له أن يصبح سيدا كبيرًا في واحدة على الأقل من هذه التخصصات، وإذا كان بإمكانه أن يصبح سيدا كبيرًا في جميعها، وهو إنجاز يبدو أنه من المرجح أن يحدث مع كل إنجاز يحققه أندار باستمرار، فإن فرصته في أن يصبح سيد برج ستزداد أكثر من ستة أضعاف.

كانت هذه هي الأسباب التي جعلت جميع الأساتذة من جميع أنحاء الكون وخارجه يجدون طريقهم إلى هذا المكان لمشاهدة بداية الأسطورة.

كان هذا ليُثبت قدرته على إتقان كل هذه التخصصات في وقت قصير. ففي النهاية، وُلد آخر سيد برج منذ عصور طويلة، ومنذ بداية حضارة السحرة، لم يكن هناك سوى ستة سادة أبراج.

ألقى أندار نظرة أخيرة على نفسه في المرآة، وأشار بإصبعه السبابة اليسرى. توهج جسده وهو يطرد كل الرطوبة المتبقية على جلده، واستقرت الملابس عليه، من أحذية وسراويل وسترات وعبائة فاخرة.

لقد كان يكره العبائة، ولكنها كانت جزءًا ضروريًا من ملابسه باعتباره سيدا محتملًا من رتبة ميثريل.

إذا فشل في هذا الاختبار، سيتم تجريده من عبائته، وإذا نجح، سيصبح أول ساحر يحمل كل هذه التخصصات السبعة مطبوعة على عبائته.

عندما أصبح أندار ساحرًا، تطور جسده الروحي مرة أخرى، مما منحه سيطرة أكبر على الأثير الخاص به وزاد بشكل كبير من كمية الأثير التي يمكنه تخزينها وتوليدها في نفس الوقت.

كان من الصعب حتى بالنسبة له أن يفهم حدود قدراته، وقد انعكس هذا التغيير في رفيقه الوحشي، حوت السحاب، الذي كان حاليًا في المرتبة الرابعة ويتجه بسرعة إلى المرتبة الخامسة.

كان السبب الذي جعله قادرًا على الاستمتاع بمثل هذه القفزات المنتظمة في مستويات القوة دون الإنفجار من كمية الأثير الهائلة هو أنه كان قادرًا على إيقاف استجابة جسده الطبيعية للمحفز الخارجي، والذي حدث بشكل طبيعي عن طريق تكثيف الأثير حول جسده والذي من شأنه أن ينتج بعد ذلك نوعًا من مجال القوة حول جسده.

كانت هذه الموهبة مشابهة لتلك التي يمتلكها روان، الذي تم توليد مجال قوته من خلال قدرته على التحريك الذهني، وتم توليد مجال أندار الخاص من خلال الكمية المجنونة من الأثير والقشرة السماوية لأوروبوروس المتطور التي نقشهل روان في حمضه النووي مما أدى إلى إنشاء حاجز فريد من نوعه فوق جسده.

وباعتباره ساحرًا، أصبح تحكمه في القوة جيدًا، وأصبح الآن قادرًا على التلاعب بهذا الجزء من مواهبه الذي جعل من المستحيل عليه سابقًا أن يصبح مساعدا.

لقد توسعت روحه، وأصبحت أقوى، مما أذهل جميع معلميه، لكن أندار عرف أن ذلك كان بسبب الدروس الأخيرة التي علمه إياها روان حول كيفية إعادة إنشاء جسده داخل مصفوفة روحه باستخدام قوته الروحية فقط.

كان هذا التمرين صعبًا وحتى الآن، لم يتمكن أندار إلا من إنشاء شكل غامض غير متبلور لا يشبه البشر إلا بالكاد، ومع ذلك ساعد هذا وحده روحه على النمو بشكل أسرع، وزيادة حساسيتها وسيطرته عليها، وتعزيز إدراكه.

بلغ حدود المساعدين بفن تأمل القبو اللانهائي، مع فتح 396 بلاطة نقش. وصل هذا العدد إلى 450 في أقل من عام منذ أن أصبح ساحرًا، وكان بالفعل ساحرًا من الدرجة الأولى.

بفضل مؤهلاته، كان بإمكانه بسهولة أن يصبح ساحرًا من الدرجة الرابعة إذا كان لديه ما يكفي من الحيوية، لكنه أراد التأكد من أنه سيستكشف حدود كل مستوى قبل الدفع إلى المستوى التالي.

وبحساباته، فإنه سوف يصل إلى حدود الرتبة 1 عند 480 بلاطة نقش في بضعة أشهر، وسوف يسعى ليصبح ساحرًا من الرتبة 2.

كان يخطط لقضاء عام واحد فقط في كل رتبة كساحر، وهو إنجازٌ مستحيلٌ على أي شخص آخر، لكنه كان يعلم أنه قادرٌ على تحقيقه. في تسع سنوات، أراد أندار أن يصبح ساحرًا من الرتبة التاسعة. لم يكن بإمكانه التخطيط للمدة التي سيستغرقها ليصبح ساحرًا كبيرا، لأنه لم يكن مؤهلًا بعدُ للحكم على نفسه في هذا الشأن.

‘آمل أن يكون هذا كافيًا لرؤية نهاية الأثر الذي تركته وراءك. وإن لم يكن كذلك، فسأضطر إلى مواصلة التحسن.’

نفض أندار الغبارَ الخفيَّ عن أكمامه، ثم أدار وجهه عن المرآة. كانت ملابسه مُخزَّنةً داخل خزنته اللانهائية مع جميع ممتلكاته، وبإيماءاتٍ مُنسجمة مع مختلف الأفعال المحيطة بخزنته، استطاع استدعاء أي شيءٍ كان مُخزَّنًا فيه.

استدار أندار نحو الباب وفتحه قليلًا، فجائته موجة من الصوت، لا يمكن أن تأتي إلا من ملايين الأفواه التي تتحدث بأعلى صوتها. ارتجف عندما لاحظ مئات الوجوه تتجه نحوه، جميعها تصطف على طول الطريق الذي سيسلكه إلى ساحة الاختبار.

لم يعد موجودًا في مزرعة الجثث، بل في ساحة اختبار ضخمة قرب قمة البرج الأسود. سيُختبر هنا أمام أعين الأكوان المتعددة.

“حسنًا، فلنبدأ هذا العرض.”

أطلق أندار أصابعه واختفى في ومضة من الضوء الفضي وظهر في وسط حقل واسع.

نظر إلى ملايين الوجوه من حوله، فخيّم صمتٌ مفاجئ على الحشد. كان دخوله غير متوقع، إذ كان من المفترض أن يسير على دربٍ مُزيّنٍ تصطف على جانبيه شخصياتٌ مرموقة من آلاف العوالم، لا يطيب لهم إلا مصافحته.

لم يدم هذا الصمت طويلاً، إذ تعالت هتافات السادة الجالسين هنا. كانوا يتوقعون من أندار، في شبابه، أن يستمتع بترحيب الأشخاص المرموقين الذين كانوا ينتظرونه على طول الطريق.

لكن ظهوره في قلب ميدان الاختبار أظهر لهم أن اهتمامه الوحيد كان بالمعرفة. كان ساحرًا حقيقيًا، وبدأ شعور جديد ينتابهم، إلى جانب الإعجاب بموهبته، يتجلى في قلوبهم.

الترجمة : كوكبة