السجل البدائي - الفصل 741

الفصل 741 غولغوث

للحظة، كاد روان أن يغرق في طبيعة أخيه البدائية. كان كائنًا من فوضى عنصرية خالصة. لا يُسيطر عليه ولا يُقيد، ستمر ملايين السنين قبل أن يرف له جفن، مع أنه كان موجودًا دون أي دافع للبحث عن هدف أو حتى تعلم الكلام….

إلا أن هيكاتون كان سعيدًا.

لقد ارتكبت إلورا خطأً، كام أطفالها مثاليين بالفعل، رغبتها في التغيير هي التي جلبت الوحش إلى وسطهم.

راقب روان جزءًا صغيرًا من حياة أخيه. نادرًا ما كان يتخذ جسدًا ماديًا، ولم يتخذ هذا الشكل إلا ثلاث مرات فقط، إذ كان يكره قيود الجسد، وآخر مرة اتخذه كان يوم وفاته.

كانت هذه هي اللحظة التي كان يبحث عنها. كانت هذه الذكرى قصيرة، لكنها واضحة بشكل غريب، كما لو أن بورياس بحث عن هذه المجموعة من الذكريات تحديدًا داخل عقل الخلية، وأعاد تشغيلها مرارًا وتكرارًا.

للمرة الأولى، شاهد روان حدوث ذلك.

أشرف وعيه على الأحداث كطرف ثالث، ورأى مشهد دمار هائل. كاد كوكب تريون بأكمله أن يُمزّق إربًا إربًا، ثلاثة أجساد جبارة مُبعثرة على الأسطح المُحطّمة، وقد لقوا حتفهم، وكان هيكاتون على وشك الموت.

أوقف روان هذا المشهد وأعاد بناء عالم تريون المدمر في ذهنه، ورغم أنه كان عالمًا رئيسيًا، إلا أنه عندما جمعه، اكتشف أنه أصغر بكثير من حالته الحالية. احتفظ بهذه المعلومات لوقت لاحق، فقد تكون دليلًا مهمًا.

رأى روان أن هيكاتون اتخذ شكل إنسان أزرق بثلاثة عيون ولكن من الخصر إلى الأسفل لم يكن سوى كتلة من الجليد والبرق والرياح الدوامة، وكان يحمل رمحين مصنوعين من البرق وكان مصابًا بجروح خطيرة بالفعل.

لقد تم تقطيعه إلى نصفين تقريبًا، كان كائنًا له ستة أطراف، لكن جزءًا كبيرًا من جذعه كان ملقى على الأرض، وكان دمه الأزرق الساطع ينسكب من جروحه بأحجام هائلة، كان كافية لملئ محيط بأكمله.

بدت الجروح وكأنها تجمد جسده في حالته الحالية، حيث كان هيكاتون يكافح ليصبح العاصفة، لكن جسده كان عبئًا رفض أن يتركه.

أدرك روان وجود إرادة، على الأقل من البعد الرابع، أي الزمن. هذه الضربة جعلت شفاء هيكاتون نفسه مستحيلاً لأنها حددت توقيت هذا الجرح بأنه مُطلق، وبدون إرادة مُعارضة، مهما بلغت قوة هيكاتون، لا يستطيع محاربته.

لم يكن هيكاتون منشغلاً بإصاباته، بل كان بصره منصبّاً على شخصٍ مُدرّعٍ بالكامل، جالسٍ على عرشٍ معدنيٍّ قاسٍ. بدا الدرع الذي يرتديه الشخص صدئاً، وكان جالساً ورأسه مُستريحاً على إحدى ذراعيه.

كان هذا الشخص يرتدي عبائة سوداء ممزقة مُلقاة على جانب العرش، وسيفًا ضخمًا مُستقرًا بجانبه. بدت الرياح التي هبت عليه مُلوثة بجو من الخراب.

كان هناك شيء ما في هذا الرجل… كان الأمر كما لو كان يحمل كل عبئ الوجود على كتفيه، وبدا متعبًا للغاية، لكنه رفض التوقف عن الحركة بإصرار شديد تجاوز الجنون منذ فترة طويلة.

من ذكرياته، كان يعلم أن هذا الشكل وصل عندما تم إغراء إلورا بعيدًا عن الكوكب بواسطة وجود مظلم.

عندما وصل هذا الرجل، سحب أطفال إلورا السبعة أمامه بإشارة وأعطاهم الفرصة لمهاجمته بأكبر قدر من القوة، وبعد أن يفعلوا ذلك فقط كان سيرد.

أخبرهم أنه إذا استطاعوا جعله يتراجع خطوة واحدة إلى الوراء، فسوف يتركهم لمصيرهم، ويحترم الصفقة مع إلورا، ولكن إذا فشلوا، فسوف يتم التنازل عن حياتهم.

كان هناك شيء مشرف تقريبا حول هذا الرجل.

بعد أن ضربوه جماعيًا للمرة الأولى، أدت ضربة واحدة من الشخصية إلى مقتل ثلاثة منهم، تاركة هيكاتون والثلاثة الأخيرين على حافة الموت.

ناضل لرفع سلاحه، لكن الشخص الموجود على العرش تنهد كما لو كان في تعب شديد، وبإشارة من يده تم إخماد حياة هيكاتون، وتبعه إخوته بعد فترة وجيزة.

ثم جائت إليه بسهولة معرفة من كان ذلك الشخص المدرع، غولغوث، الملك السامي.

لم يشك روان في أنه إذا سحب خوذة ذلك الرجل فسوف يرى أحد الوجوه التي رآها داخل دم الأمير الثالث.

هل كان غولغوث جانبًا آخر من جوانب أبيه أم أنه صنع بعده؟ لماذا وصفت السامين والده بالمخادع؟ كان روان يأمل في كل هذه الإجابات وهو يصعد في سلسلة الذاكرة.

ما تلا ذلك كان سلسلة من الصور والأحاسيس غير المفهومة، استمرت لفترة طويلة. خصص روان وقتًا لتحليل هذه المدخلات، واكتشفت أنها تشبه آلام الولادة.

لا بد أن هذه الفترة من الفوضى استغرقت آلاف السنين، لكن يبدو أن والده كان ينحت أجساد إخوته بالشكل الذي يريده، وعلى الرغم من أنهم ماتوا، فإن حيويتهم المجنونة جعلت من الممكن لهم أن يشعروا بهذا الانتهاك لأجسادهم.

كانت هناك تفاصيل أكثر، لكن معظمها كان موجودًا في أعماق عقل الخلية. تحلى روان بالصبر ولم يتعمق في عقل الخلية، الأمر الذي لم يكن ليُجدي نفعًا سوى تنبيه والده، فإذا لم يستطع تعلم كل شيء من بورياس، فسيأخذه من عقول السامين الأخرى.

رغم ندرة المعلومات هنا، إلا أنها كانت كثيرة. معظمها كان بلا معنى بالنسبة لروان، تفاصيل عن الطقوس والسياسة والحرف اليدوية والعديد من المساعي الأخرى التي ركز عليها بورياس، كانت جميعها كنوزًا لأي سامي، لكن روان تجاوز هذا المستوى من الحرف اليدوية منذ زمن طويل، وامتلك تقنيات أكثر تطورًا.

ظهرت ذكرى أخرى مثيرة للاهتمام، فاحتضنها روان. كانت تُظهر مشهدًا لم يمضِ وقت طويل حيث اجتمعت سامين تريون.

لقد حدث ذلك في مكان يسمى إليسيوم، والذي كان على الأرجح عالمًا جيبيًا أو بُعدًا مشابهًا لهذه المنطقة المليئة بالدمار لأن روان كان قادرًا على اكتشاف شكل آخر من أشكال الطاقة من الدرجة العليا يظهر هنا في شكل ضباب ذهبي.

كان هذا المكان يطل على كامل الأراضي التي تسيطر عليها الإمبراطورية، مما مكّن السامين من مراقبة ممتلكاتهم في الوقت الحقيقي.

اكتشف روان سرّ معرفة السامين بوصوله قبل أن يعكس الزمن. فرغم أنه سافر بسرعة تفوق سرعة الضوء بأضعاف، إلا أنه استغرق أربع ثوانٍ على الأقل ليجتاز كامل مساحة الإمبراطورية قبل أن يصل إلى تريون.

سيكون كافيا لأي مراقب هنا أن يكتشف وجوده، ولكن عندما دخل إلى تريون ليس باستخدام الفضاء ولكن الزمن، فقد ألغى ميزة السامين عندما يتعلق الأمر بقدراتهم على المراقبة.

لكن ما لفت انتباهه كان صورة غولغوث الجالس على عرش خشبي. بالكاد تعرّف على بقية السامين، مكتفيًا بحفظ هالاتهم وأشكالهم بينما يُركّز على الملك السامي.

هل كان هذا حقا جانب آخر من جوانب والده؟

الترجمة : كوكبة