السجل البدائي - الفصل 727

الفصل 727 صوتك يشبه صوت الساعة المكسورة

من لمحات ماضيه، عرف أن لديه سبعة أشقاء، وأنه آخرهم. بخلافه، الذي وُلد من اتحاد والده، انعكاسٌ لبدائي، وأمه، إمبراطورية الحياة المشهود لها، وُلد جميع أشقائه من جوهر أمه وحدها.

وهذا جعلهم مرتبطين بشكل عميق بالطبيعة وبالتالي جعلهم مخلوقات غريزية؛ وكانوا أكثر تشابهًا بقوى الطبيعة مثل الأعاصير أو الزلازل.

مع أن إلورا أحبت أطفالها، إلا أنها تألمت أيضًا لقوتهم وافتقارهم للحكمة. كان روان يعلم مدى صعوبة إنجاب الأطفال على أصحاب القوى العظمى، فقد كان إنجازًا يكاد يكون مستحيلًا، ورغم نجاح إلورا سبع مرات، إلا أن هناك ثمنًا يجب دفعه.

سواءٌ أكان ذلك بدافع الكبرياء أم الحب أم خُدعت، فقد أقنعها والده بأنه يستطيع مساعدتها في هذه المشكلة، فوافقت. وكان المبلغ هو الرابطة بينهما.

عرف روان كيف انتهت هذه القصة، فقد تعرضت أمه للخيانة والتشويه، وتم ذبح إخوته وتشويه جوهرهم ليصبحوا سامين تريون، بينما تعرض هو للتعذيب لأكثر من مليون عام، وتشويه عقله وذكرياته.

لقد أعادها في ذهنه مليون مرة، لم يعد مهووسًا بتفاصيل الماضي، بل ركّز على الجزء التالي من هذه القصة الخفية أمامه، وراقب جثة الأخ الذي لم يعرفه قط. ستكون هذه نافذته على الماضي.

يبدو أن والده لم يترك شيئًا يهدره، حتى في الموت تم استخدام جثث أشقائه، لم يجد روان هذا غريبًا لأنه كان يشتبه في أن قصر الملك السامي العائم فوق تريون كان مصنوعًا من بقايا والدته.

لم تكتمل ذكرياته بعد ولم يشعر بالألم عند وفاة إخوته وأخواته كما شعر من قبل عندما بدا كل شيء جديدًا ومذهلًا بالنسبة له.

مع نموه، أصبح مفهوم الحياة والموت بلا معنى بالنسبة له بشكل متزايد، لأنه كان يدرك أن الروح التي يستهلكها كانت مجرد طاقة، وكان أصلها الحقيقي لا يزال محرومًا منه، وباستثناء أصول الأرواح القليلة النادرة التي اكتسبها بالصدفة، كان مفهوم الموت مجرد تحول آخر في الصفحة.

كل فاني قتله، وكل سامي ابتلعه، سيُبعث في مكان آخر، في زمان آخر. على الأقل هذه كانت الحقيقة حتى الآن، لكن روان أدرك تمامًا أن كل هذا على وشك التغيير.

ومن الآن فصاعدا ستصبح المعارك أكثر قسوة، لأن العوالم العليا كانت تسيطر على أسلحة يمكنها تحطيم الأرواح، واستئصالها من جذورها، ويبدو أن سامين تريون كانت تمتلك مثل هذه الأسلحة أيضًا.

في ذلك الوقت، لم يكن لديه أدنى فكرة عما سيفعله سلاح كهذا بأصل روح المتوفى. هل كان كافيًا للتأثير عليه؟ لم يستطع الإجابة على هذا السؤال في ذلك الوقت، كل ما كان عليه هو المضي قدمًا وتحقيق ما يصبو إليه.

لكن ما استطاع روان أن يفهمه جيدًا هو الحفاظ على الذات والانتقام.

كان والده يهدف إلى قتله وانتزاع ميراثه من روحه، لكن روان سيمنعه. لقد سلبه والده الكثير، وأفسد مسيرته، وذبح عائلته، لذا سيقضي عليه روان.

أدى بحثه عن شرارة بورياس السامية إلى التساؤل عن مكان بقاء بقية جسد أخيه. لا يُمكن أن تكون هذه العظمة الصغيرة هي كل جسده.

كانت سيرسي تُعذب في تلك اللحظة، إذ كان بورياس يُستنزف ويُنقّي كل جوهر في جسدها. كانت تُظهر ثباتًا في الإرادة، مما أسعد روان، فسارع في بحثه، لكنه لم يجد شيئًا. لم تكن شرارة بورياس السامية هنا.

توقف روان عندما أدرك أن هناك مكانًا واحدًا لم يبحث فيه.

في هذه اللحظة، سحب بورياس أثير روان داخل جسده وهمست سيرسي، “كش ملك”.

****

رفع بورياس حاجبه وجلس على عرشه أكثر استقامة، سمع ما قاله الشذوذ، وفهم أن شيئًا ما قد تغير، ولكن ماذا؟ ازداد فضوله إذ لم يستشعر أي بادرة خطر من هذه الطفلة، لكن هذه التفصيلة زادت من اهتمامه بها، فقد عرف صوت النصر، وهي ظنت أنها انتصرت.

لم يكن بورليس قادرًا على الانتظار لسحق هذا الأمل المزدهر، وبدأت ابتسامة خفيفة تتسلل إلى شفتيه ثم عبس.

كان الصمت أول مؤشر، فلأول مرة منذ زمن، توقفت الصرخات من حوله. توقف الرثاء الموجع الذي عاناه لملايين السنين، وبدأت هستيرياه تتفاقم، لكنها طفيفة.

وبنقرة من راحتيه، ألقى بجسد سيرسي إلى الجانب ووقف من عرشه.

“هل يمكن أن يكون هذا؟” همس، انقسمت الملايين من مظاهر الروح على الأرض ومشى بجانبهم إلى باب قبوه وتردد قبل أن يمد يده للوصول إلى الظلام.

مع صوت مكتوم مثل زلزال يحدث في المسافة، توقفت راحة يده أمام الباب المحمي من الظلام.

“كيف يمكن أن يكون هذا؟!”

“أنت تعرف… صوتك يشبه صوت الساعة المكسورة.” قال صوت متألم بجانبه.

التفت إلى سيرسي التي كانت تلهث على الأرض. انزعج بورياس من أنها بدأت بالفعل بسحب الجوهر من قبوه، مع أن ما تجمعه كان أقل قيمة من حبة حبة واحدة على الشاطئ مقارنةً بمحيط الجوهر الذي كان عليه العمل به.

“إما أنك شجاعة أو غبية جدًا لتستمري في سرقتي”. توقف السامي عن الكلام، “لكنني أعلم أن هذا ليس من صنعكِ، أنت لست سوى دمية.”

بالكاد شعرت سيرسي بلسعة قلبها بكلماته، فحقيقة أنها يمكن أن تصبح دمية في الحرب بين السامين كانت إنجازًا لم تحلم أبدًا بتحقيقه.

وهنا كانت أمام سلفها وابتسمت له، “سحقا لك!”

ارتعشت عين بورياس اليسرى وفجأة أدرك شيئًا ما مثل صاعقة من البرق انطلقت من عينيه عندما كان على وشك التحرك ولكن شيئ أسود كبير أمسك به من حلقه وغرقت يد أخرى عميقًا في صدره بينما أمسكت أربع أيادي أخرى بجميع أطرافه.

كافح بورياس ليتحدث، “روان… انتظر… نحن… يمكننا…”

“يمكنك التحدث بشكل أفضل عندما تموت.”

مع تأوه من الجهد، انفصلت الأيدي ومزقت السامي المصدوم إلى ستة قطع.

الترجمة : كوكبة