السجل البدائي - الفصل 723
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 723 كش ملك
استمر الألم الذي اندلع فجأة في الازدياد حتى بدأت جروحها تنزف، ما خرج من جسدها في البداية كان دخانًا أسود، ثم اندفعت موجة من الدم الأسود النتن وكأن جزءًا كبيرًا من جسدها قد تحلل من الداخل، قبل أن يتدفق دم أحمر طازج من الجرح وتظهر قدم جديدة.
تنهدت سيرسي بارتياح، كان الألم الذي اندلع في قدمها علامة على أن جسدها كان يشفى، والفراغ الذي شعرت به من قبل كان بمثابة الموت.
لو لم تسمع صوت الأرض وهي تُدمّر بفعل الظلام خلفها، لابتلعها الظلام دون أن تدري. كانت متأكدة أن الظلام بالكاد لامست جسدها، لكنها فقدت قدمها، ولا بد أن أعضائها الداخلية قد تآكلت، لكن أكثر ما يُخيفها في كل هذا هو أنها لم تشعر بشيء.
لو لم يكن هناك ألم في جسدها الشافي، لكانت قد تحولت إلى بركة نتنة.
‘أين أنا، أين هذا المكان؟’ لم تستطع سيرسي إلا أن تشعر بالبرد في روحها، كانت تصرخ من أجل روان باستمرار في رأسها ولم تستطع العثور على وجوده، حتى تجسدها قد اختفى.
ثم سمعت نوعًا من التبديل العقلي ينشط داخل رأسها، وأصبحت البرودة التي شعرت بها دافئة، وشعرت بالشبع حتى شعرت أنها ستنفجر، ولولا كمية القوة الرائعة التي ملأت جسدها منذ أن أعاد روان سيرس خلقه، لكان يعوي في جزء متساوٍ من البهجة والخوف.
فاض جسدها قوةً، وشعرت أنها أكثر صحةً، ازدادت روحها قوةً مع كل نفسٍ تتنفسه، كأن هذه القلعة نبع قوةٍ وحيوية. بدأ الظلام خارج القلعة يهتز، وكأن وجودها المتزايد لعنةٌ على وجودها.
كانت سيرسي تُصبح سامية في تلك اللحظة، لكن كل شيء بدا سرياليًا، لم يكن كما تخيلت أن يكون الصعود إلى هذه المكانة المرموقة.
‘هل هذه محنتي؟’.
“أنتِ لستِ وحدكِ!”
كانت قوتها الروحية تتزايد، ولعل هذا ما جعلها تشعر بأنها ليست وحيدة. كان هناك من يرافقها في هذا المكان.
طوال هذا الوقت، كانت الرياح تتحرك، لكن حالتها النفسية وإدراكها كانا محدودين للغاية، لدرجة أنها أدركت الآن أن هذه الرياح تتحرك بإيقاع منتظم… أنفاس. أنفاس شخص واحد تُحرك الريح.
‘وهكذا يبدأ الأمر’. لم يكن عليها أن تخمن من يجب أن يكون خلفها، أليس هذا هو هدف مهمتها؟
استدارت لتجد رجلاً جالساً على عرش من الجليد يقع تحديداً في وسط قاعة ضخمة، في الواقع، كانت القلعة بأكملها مجرد هذه القاعة الواحدة.
كانت عيناه الزرقاوان تلمعان ببريقٍ ساطع، يفحصانها بدقةٍ كأفعى تنظر إلى قارض. بدأت حدقتاه تدوران، وبدأت سيرسي تشعر بتدفق قوة الهيمنة التي جعلتها سامية، بدأ يتباطأ، لكنه لم يتوقف، بل تقلص إلى حدٍّ ضئيل، مما أوقف مسيرتها نحو أن تصبح سامية.
كان النظر إلى هذا الرجل أشبه بالتحديق في قلب الشمس، كان بمثابة فكرة مُحيية، كل شعرة في جسده محفورة في ذهنها بتهورٍ جعل سيرسي تشعر وكأن رأسها على وشك الانفجار، لكنها لم تستطع التوقف عن النظر إليه. كان إكراهًا خارجًا عن إرادتها.
“بورياس!” شهقت، والدم يسيل من عينيها وأنفها. نبضة خفيفة من القوة تتسلل إلى جسدها من القلعة هي التي تُبقيها واقفة على قدميها.
كان يبدو مثل شاب في الثامنة عشرة من عمره، بشعر أزرق قصير مجعد، وفك قوي، ولم يكن من الصعب أن نرى أنه يشبه روان، كانت ملامحه مثالية ولكن الميل الطفيف لرأسه أعطى سيرسي انطباعًا بالغطرسة والازدراء من هذا السامي، يمكن أن تكون سيرسي مجرد نسيم عابر.
عند قدميه، وحول عرشه، كانت هناك تماثيل صغيرة لا تُحصى، متصلة بخيوط رفيعة من البرق تشع من جسده، أدركت سيرسي فجأة أنها أنيما! لا بد من وجود مئات الآلاف منها، لكن روحها الخالدة الناشئة أعطتها رقمًا – ١١١، ١٠٠، ٦١٠، ولم تكن أنيما حقيقية، بل سُميت “مظاهر الروح” بعد أن اكتشف بورياس طريقةً لتقسيم وعيه إلى حجر حيّ مُشبّع بجزء صغير من أنيما.
كان هذا سلاحه السري، وحتى تلك اللحظة، لم يرَ أحدٌ هذا المنظر. ظنّ بورياس أنه بهذه القوة أقوى من بقية السامين مجتمعين باستثناء الملك السامي، لكن كان من الصعب عليه كشف البطاقات المخفية التي كان يتحكم بها الآخرون.
“صحيح ما يقولون. إن عشتَ طويلاً، سترى كل شيء”. كان صوت بورياس خافتًا، كرجل عجوز على فراش الموت، لم يكن هذا الصوت الذي ينبغي أن يصدر من وجه بهذا الشباب.
“أنتِ لستِ تتويجًا لأحد مظاهر الروحية. أنت من نسلِي، لكنكِ لست كذلك. أنت نسخة طبق الأصل من أحد مظاهري الروحية، لكنكِ لستِ واحدٌ منها. يا للغرابة! هل هذه لعبةٌ للمخادع؟”
ابتلعت سيرسي ريقها، وكانت قوة الحركة والتحدث قد اختفت من جسدها وأفضل ما يمكنها فعله هو أن تلهث.
تنهد بورياس، “أياً كانت اللعبة التي تُلعب هنا، سأحرص على إنهائها.” مدّ يده، فاستحوذت راحة يد ضخمة مصنوعة من البرق والجليد على سيرسي، فغطّت جسدها ولم يبقَ منها سوى رأسها.
بدأت اليد بالضغط وأخيراً تمكنت سيرسي من الصراخ عندما شعرت أن جسدها بدأ يتفكك حيث تم جمع كل القوة التي استولت عليها من القلعة بواسطة بورياس.
كان الألم مذهلاً، ولكن في خضم معاناتها، لم تستطع سيرسي إلا أن تلاحظ أن هذا الألم لم يكن الأسوأ الذي شعرت به، أثناء صنعها بين يدي روان، كان الألم أسوأ بكثير.
‘هل كان يعلم في ذلك الوقت أن هذه الرحلة التي كان على وشك أن يضعني فيها ستكون مليئة بالألم؟’
استمر الاستهلاك لكن عقل سيرسي كان حرًا وفي أعماق روحها حيث لم تتمكن من الوصول إلى قطرتين من الأثير.
ابتسمت سيرسي عندما وصل إليهم شفط بورياس واختفوا، وأخذهم السامي.
وبقوتها المتلاشية نظرت مباشرة إلى بورياس وابتسمت.
“كش ملك.”
الترجمة : كوكبة