السجل البدائي - الفصل 718

الفصل 718 الوصول إلى أروث

حتى من هذه المسافة، على بُعد مئات الأميال من العاصمة، كان من الممكن رؤية أروث، العاصمة. كانت تُسمى مدينة واحدة، لكن ينبغي أن تُسمى سبع مدن مُتكاملة، مُتشابكة في تناغم معماري يُبهر كل من يراها.

ككائن حيّ، نمت على مرّ آلاف السنين لتصبح ملتقىً مترامي الأطراف للثقافات من جميع أنحاء العالم. هنا، تجد أجود أنواع النبيذ والأطباق اللذيذة، وأجمل النساء، وجميع محاربي العالم العظام.

اقترنت مظاهر القوة العظيمة بالأمور الدنيوية، إذ كانت هذه مدينة السامين. كانت علامات القوة ظاهرة في كل مكان: منازل طائرة، وألسنة لهب حية، وأموات سائرون. الجمال والرعب يمشيان جنبًا إلى جنب.

كانت هذه مدينةً ذات سبعة ألوان: الأخضر، الأسود، الأصفر، الأحمر، الأزرق، البني، والبنفسجي. كل لون يرمز إلى سامي معين، ويمكن أن تكون الشوارع والمباني بأكملها بلون معين، إلا أن مخططي المدن وجدوا أساليب لدمج كل هذه الألوان المختلفة، بحيث يتحول المشي في الشارع إلى مشهد ملون أشبه بالمشي عبر قوس قزح.

سبعة معابد ضخمة للسامين، مُزينة بالذهب والجواهر الثمينة، تقع على حقول وجبال وأنهار تمتد مئات الأميال، كل منها شاهق الارتفاع لدرجة أن السحب تلامس قممه، دلالةً على وجود معبد مركزي للعبادة لكل سامي، ووجود أنيما (روحه) التي يبلغ طولها مئات الأميال أمام المعبد. غطت ظلالها أركان المدينة السبع.

إن مجرد رؤية أنيما السامين كان يتسبب في سقوط مئات الملايين من الناس على ركبهم وعبادتهم، وكان من المستحيل بالنسبة للفانين أن يروا الحجم الكامل لتلك التماثيل، لأن السحب غطت خصورهم ولم يتمكنوا حتى من رؤية وجوه السامين التي بدت وكأنها تصل إلى قمة السماء.

مرة كل عشرة آلاف سنة، كانت هذه التماثيل تتحرك، دلالة على وجود السامين هنا على الأرض.

وفي المحيط كانت هناك عقارات جميلة ومباني شاهقة الارتفاع تضم مئات الطوابق، حيث كان يسكن أفراد العائلات السبع الكبرى وكانوا بمثابة مركز القوة والتجارة المقبول للبشر والمهيمنين على حد سواء.

ولكن هذا لم يكن إلا جزءًا صغيرًا من روعة أروث، فإذا نظرت إلى السماء فوق هذه المدينة العظيمة فسوف تلاحظ ظاهرة غريبة، وكأن السماء عبارة عن زجاج يدور بسرعة مما يؤدي إلى إطلاق ضوء من ظلال مختلفة.

مع أن هذا المنظر كان بديعًا، إلا أنه دلّ على أن مدينة أروث كانت منطقةً طُوي الفضاء فيها وتمدد مراتٍ لا تُحصى حتى تشوّه الواقع. وحده عالمٌ رئيسيٌّ قويٌّ مثل تريون قادرٌ على ضمان استقرار فضائه بعد هذه التعديلات الهائلة.

وهذا يعني أيضًا أن أي شكل من أشكال النقل الآني داخل أو حول أروث كان مستحيلًا، حيث أن المنطقة المكانية الفوضوية من شأنها أن تدمر أي شخص أحمق بما يكفي لمحاولة ذلك، فقط السامين كانت قوية بما يكفي للمرور عبر هذه المساحة الفوضوية.

يمكنك أن تمشي في شارع صغير في أروث لتكتشف أن الشارع يمتد لمائة ميل، أو أن حجرًا على جانب الطريق سيكون جبلًا يضم عشيرة من الآلاف. لقد كانت حقًا مدينةً مليئةً بالعجائب التي قد تستغرق أعمارًا عديدة لاكتشاف جزء صغير من عجائبها.

لم يتمكن الفلاسفة والشعراء والمؤرخون من استيعاب حتى نصف هذه المدينة العظيمة في كتاباتهم وتأملاتهم حتى خلال المليون سنة الماضية، إذ يبدو أن أسرارها لن تُعرف بالكامل أبدًا.

صُدمت سيرسي بهذا المنظر وهي تزحف مع ملايين الأشخاص الآخرين على خط الرمال الذي يقترب بسرعة من أروث. كانت طاقة الحشد ملموسة، ووجدت سيرسي نفسها تُدفع من قِبل الأجساد حتى اقتربت من حافة خط الرمال، وتأملت الروعة أمامها.

لم تكن قد ذهبت إلى العاصمة من قبل وهذا المكان ملأها بإحساس بالدهشة والمغامرة.

كانت مدينة أروث بأكملها محاطة بأكبر نهر في القارة، ويمتد لآلاف الأميال في الطول، وكانت مياهه تتلألأ مثل الماس، وقيل أنه منذ ملايين السنين، كان هذا النهر صغيرًا مثل المسبح، ولكن مع مرور الوقت استمر في النمو، كما عكس اسمه هذا التغيير حيث أطلق عليه اسم بحيرة الكريستال.

جاء هذا الاسم من الوقت الذي لم يكن فيه هذا النهر العظيم أكثر من بحيرة، ولكن اسمه لم يتغير حتى الآن عندما أصبح حجمه أكبر من البحر.

في قاع البحيرة كان يوجد ليفياثان الكريستال، وهو عبارة عن وحش ضخم على شكل سرطان البحر كان يتم اصطياده أمثاله كل عقد من قبل العائلة المالكة في مسابقة حيث كان الفائز يأخذ قلبه الذي كان مصدرًا للأثير النقي مشابهًا لما يمكن العثور عليه في أعماق الكون.

كان بإمكان هذا القلب أن يدفع المهيمن بسهولة إلى مستوى أعلى، وكانت المنافسة عليه كل عام شرسة.

كان هناك مبنيان بارزان في أروث، لا يزال وجودهما يجذب انتباهك رغم كل العجائب المحيطة به. الأول هو القصر الملكي، وعلى عكس أي مبنى آخر هنا، بُني بالكامل من الذهب ومعدن أحمر وبني، دلالةً على حكم عائلة كورانيس كحاكمة لتريون. أما بلاط براميان، الذي يضمه، فيضم أعضاءً من جميع العائلات الملكية السبع، يعملون كوزراء ومستشارين للإمبراطورة.

كان الهيكل الثاني الملحوظ هو الجبل الوحيد المسموح به في أروث. أما الجبال الأخرى، فقد تم تقليصها أو وضعها داخل المبنى الضخم الذي يزين أفق المدينة.

كان الجبل بلا اسم، منتصبًا كرمح يخترق السماء. لم يكن مصنوعًا من أي مادة أرضية، بل بلورة سوداء بدت وكأنها تجذب الضوء وتجعل محيطها في ظلام دامس لأميال.

في سفح هذا الجبل، كان زنزانة مجلس العدل، مكانًا يكتنفه الغموض والظلام، وكان شأنُه يخصُّ المهيمنين وحدهم، مما يعني أن مهمتهم الأساسية كانت مطاردة المهيمنين الذين خالفوا القانون. كانوا أكثر القوى رعبًا في تريون، لأن أحدًا لم يفهم قدراتهم أو أساليبهم، حتى الإمبراطورة.

وكان مجلس العدل أيضًا هو الوجود الوحيد الذي كان خاضعًا لسيطرة مباشرة من قبل الملك السامي غولغوث، ولم يكن بإمكان أي من العائلات الأخرى التدخل في أنشطتهم.

الترجمة : كوكبة