السجل البدائي - الفصل 703
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 703 أوه، ماذا سأصنع منك
هذه الكلمات جعلت سيرسي تنفجر غضبًا، “توقفي عن التحدث بهذه الطريقة! أنتِ أكثر استحقاقًا للحياة من أي شخص عرفته في حياتي.”
دارت كيرين البرق بعينيها بانزعاج واضح، وقالت في غضب، “دعيني أنهي قصتي، ولا تقاطعيني مرة أخرى يا سيرسي.”
أومأت سيرسي برأسها بسرعة، لكنها لاحظت من الضوء الخافت الذي اندلع داخل عيني أرخميدس أنها كانت سعيدة بتصريحها.
بعد أن تأكدت من صمتها، واصلت كيرين الحديث،
“مرة أخرى، كان أوهروكس، أميري المجيد، هو من أمسك بيديّ وأبقاني عاقلة. أخبرني أن الحياة الفانية تستحق التقدير، وقال إنه يعرف أعظم أسرار الكون، وأن بلوغ الخلود يعني قبول قيود الجبابرة، تلك الأيدي الخفية التي تحكمت بالواقع كله. أخبرني أن روحك تصبح ملكاً لهم، وستظل إلى الأبد عبداً لتسلينهم. لن يصبح وجودك سوى مزحة. أخبرني أن شهواتهم هائلة بشكل مرعب، وأن بلوغ الخلود سيجعلني وليمة لتسلية لا تنتهي.”
“أخبرني أن حياة الفانين تستحق الحسد، وأن كل شيء ثمين بالنسبة لهم، لأنه لا يدوم، وأن لحظة وجودهم ستزول، كشعلة شمعة في مهب الريح. هشة لا تُضاهى… ثمينة لا تُضاهى. أخبرني أن برائتهم تستحق الاشتهاء، بل وربما التبجيل.”
انفجرت كيرين البرق بالبكاء فجأةً، “لكنه كان مخطئًا… لا شيء يُحسد عليه في كونهم فانين، فهم ضعفاء، ومهما كانت قيمة وجودهم، فما قيمة شيءٍ يسهل تدميره؟ قُتل أميري، قُتل أميري العزيز، و… ومهما قاتلتُ ونزفتُ… ومهما مُتُّ، بقيت لعنة الفناء في داخلي.”
“لقد متُّ ثماني مرات يا سيرسي، وفي كل مرة كنتُ آمل أن يتغير كل شيء، وأن أتحول كوردة ذابلة تُروى بالماء، إلا أن لعنة الفناء تلتصق بعظامي كما يلتصق العفن باللحم الميت. لقد أخطأ أوهروكس! لا ينبغي الحسد على الضعف، بل يجب القضاء عليه!”
ظلت سيرسي صامتة لبعض الوقت، تنتظر أن تستمر كيرين ولكن يبدو أنها انتهت أخيرًا من حكايتها، وابتسمت ابتسامة حزينة، “أرتشي، أتذكر المرة الأولى التي التقينا فيها، أخبرتيني أننا كنا متشابهين، متضررين”.
نظرت كيرين البرق بعيدة وتنهد قائلة : “أجل، أخبرتكِ بذلك، وأعتذر عن عدم توضيحي. ظننتي أنني أقصد لأن لديّ حياة واحدة فقط، وأن قلبك معطل هو ما قصدته تمامًا. هذه هي الحقيقة، لم أذكر أن لعنتي كانت أعمق مما أظهرت. لكن كل شيء على ما يرام الآن، ومع اندماجنا، هناك أمل في أن نتجاوز فنائنا ونصبح شيئًا أعظم.”
اهتز جسد سيرسي فجأةً حين سمع صوت روان في رأسها: “حسنًا، انتهيتُ. لأكون صادقا، لم أكن أعلم قط أن هناك سرًا عميقًا كهذا مخفيًا داخل جسد أرخميدس. إنها حقًا فريدة من نوعها.”
“هل يمكنك مساعدتها؟” صرخت سيرسي بصوت عالٍ، قبل أن تندم على كلماتها حيث ازدهر الأمل في عيون كيرين البرق.
ظل روان صامتًا لبضع ثوانٍ قبل أن يجيب، “أخبريها بهذا يا سيرسي؛ مساعدتها أمر سهل للغاية، إذا أردت، يمكنني أن أجعلها سامية قبل حلول الليل.”
لم يكد ينتهي من حديثه حتى اندفعت المرأة المتحمسة إلى أرخميدس لتخبره بما قاله روان للتو، وأشرقت كيرين بالفرح، ورفرف جناحاها بسرعة، مما جعلها ترتفع أكثر من عشرة أقدام في الهواء.
ولكن أرخميدس لم تحتفل طويلاً قبل أن تطلب من سيرسي أن تكرر ما قاله روان بالضبط، وعندما فعلت سيرسي ذلك، عبست قليلاً، قبل أن تخاطب روان مباشرة، واثقة من حقيقة أنه حتى لو لم تستطع سماعه، فإنه يستطيع سماعها.
“قلت إنك تستطيع جعلي سامية قبل حلول الليل إذا كنتُ بحاجة إلى مساعدة فقط،” لعقت كيرين البرق شفتيها بتوتر قبل أن تتجمد عيناها، “ماذا لو أردتُ أكثر من مجرد مساعدتك… ماذا لو تعهدتُ بخدمتك؟ لا بد أن هناك ما هو أكثر من ذلك، فأنا أؤمن أن شخصًا مثلك لا يُضيع وقته فيما لا يستحق اهتمامك.”
حتى دون أن تسمع أي صوت، عرفت سيرسي أن روان كان يضحك فرحًا. كاد هذا الضحك الصامت أن يُذيب ساقيها من الرعب.
“أوه، ماذا سأصنع بكِ يا أرخميدس.”
*****
وبعد مرور أسبوعين، أصبحوا بالفعل على بعد خمسة آلاف ميل من ذلك الكهف، وكانوا داخل قافلة المائة ميل المتجهة نحو تريون.
لم تعد سيرسي في مستوى شرارة الرماد في الدائرة العظمى الثالثة، وكانت بشكل مدهش في حالة التجسد في الدائرة العظمى الأولى.
كان جسدها يتمزق ألمًا، وكانت تتعرق بغزارة. لم يقتصر ألم فقدانها كل هذا القدر من القوة على تأثيره الجسدي فحسب، بل أثر أيضًا على نفسيتها، وكأنها تقطع دماغها إلى ألف قطعة بسكين صدئ غير حاد.
لتشتيت انتباهها، بدأت تُحدّق في الوشم الفضي على كفّها اليسرى. خلال الأيام القليلة الماضية، أدركت أن حتى أصغر جزء منه يحمل ألغازًا لا تُحصى.
على سبيل المثال، فإن رمشًا واحدًا من هذه العين عند النظر إليه عن كثب سيكشف أنه لم يكن مجرد رمش، بل حزام من النجوم يحمل أكثر من مائة كوكب.
إن النظر عن قرب إلى كوكب واحد سيبدأ في الكشف عن أشياء كثيرة، بدأت ترى السحب وعندما ذهبت أعمق، رأت مدينة، وعندما نظرت بشكل أعمق، رأت عددًا هائلاً من الناس ولكنهم كانوا لا يزالون، مثل لوحة، فقط حركة صدورهم تشير إلى أنهم يتنفسون وبالتالي على قيد الحياة.
عندما حولت نظرها إلى رجل يشرب كوبًا من الشاي، لاحظت أن الشاي لم يكن مجرد شاي، بل كان بحرًا أخضرًا واسعًا وعلى هذا البحر كانت السفن منخرطة في حرب ضد مخلوقات الزواحف من الأعماق.
فجأة، انتزعها صوت روان من تفكيرها العميق، “أوصيك بالتوقف عن محاولة القيام بذلك، سيرسي”.
“همم، لماذا هذا؟” أجابت وهي مشتتة.
“بالكاد يمكنكِ إدراك وجودي وهذا هو الشيء الوحيد الذي يبقيكِ عاقلة وعلى قيد الحياة، انظري بعمق أكثر وسوف تموتين بطريقة مرعبة للغاية.”
الترجمة : كوكبة