السجل البدائي - الفصل 688

الفصل 688 قلب ثقيل

لم تعد سيرسي تنظر إلى الوراء، إذ غطّت أجساد أسلاف العائلات السبع العملاقة ضوء الانفجار بالكامل. لحسن الحظ، توقفت أرخميدس عن الكلام، واقتربت من سيرسي.

كانت كيرين البرق، قبل كل شيء، تعرف مدى ظلم أسلاف العائلة الكبرى، فبصفتها كيرين برق، كانت تمتلك موهبةً من سلالةٍ منحتها تسع أرواح. في كل مرة تُقتل فيها، كانت تُبعث من جديد كلما هبت عاصفة برق شديدة.

لقد قُتلت ثماني مرات على يد بعض الشخصيات الجالسة حول هذه النار، فأدركت أنها تستحق الخوف. بعد موت أوهروكس، جُنّت أرخميدس، ولم يُبقِها على قيد الحياة إلا الحظ، أو ربما كبح جماح طبيعتها المتهورة بعد أن فارقت الحياة.

وسرعان ما وصلتا إلى وجهتهما – قافلة مسافرة امتدت إلى الأفق وما ورائه، مثل ثعبان ضخم، تحركت القافلة بسرعة مذهلة عبر السهل.

سيرسي، التي قضت جزءًا كبيرًا من حياتها كتاجرة، وجدت بسهولة صدى بداخلها عندما عاشت بين هؤلاء الناس، وبما أنهم لم يبقوا في مكان واحد لفترة طويلة، فقد كانت هذه هي أفضل طريقة للبقاء تحت الرادار.

كان أقوى وجود في هذه القافلة هو سامي الأرض ويمكن لسيرسي التسلل بسهولة تحت أنفه.

كان العالم يتغير بسرعة، منذ أن تم رفع قفل سلالة أطفال تريون منذ عقدين من الزمن، بدأ سامين الأرض في الظهور مثل الأعشاب الضارة.

بعد مليون سنة من التراكم، أصبح عدد أمراء المحرقة الموجودين لا يحصى وكانوا عالقين في الدائرة العظمى الثالثة، مع عمر افتراضي يبلغ عشرة آلاف عام، وقد هلك العديد من أمراء المحرقة، ولكن كانت هناك العديد من الطرق لتمديد حياتهم، والأكثر أمانًا هو السبات.

على مر السنين اختار العديد من أمراء المحرقة الذهاب إلى النوم على أمل أن يتم رفع قفل السلالة يومًا ما.

لم تذهب آمالهم سدى، فمع رفع قفل سلالة الدم، بدأوا جميعًا في الاستيقاظ، ومع كل عام يمر، خطا الآلاف منهم إلى مستوى سامي الأرض.

على مستوى سامي الأرض، كانت أجسادهم تعتبر خالدة، وقادرة على التجدد حتى من قطرة دم واحدة، لكن ضعفهم الوحيد كان الروح.

على عكس السامي الذي لديه روح خالدة، فإن روح سامي الأرض لن تكون قادرة على الصمود أمام ويلات الزمن وحتى لو لم يتقدم جسده في السن أبدًا، فإن روحه سوف تتعب لأن المعلومات التي يمكنها الاحتفاظ بها والقوة التي يمكنها معالجتها لها حدود، وسوف تصل إليها في النهاية.

اعتمادًا على نمط حياة سامي الأرض، فقد يعيش لمدة تصل إلى ملايين السنين أو لمدة قصيرة تصل إلى بضع عشرات الآلاف.

ما جعل تريون مميزًا هو أن المهيمن على مستوى سامي الأرض كان قويًا مثل سامي كبير متوسط المستوى!

هذا يعني أن قوة تريون القتالية قد ازدادت بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة. في بعض الأحيان، تساةلت سيرسي عن سبب فرض السامين ذلك القانون من الأساس، فمن المؤكد أنهم لم يكونوا خائفين من المزيد من سامين الأرض.

كانت القافلة التي يتبعونها تسافر من قارة إلى قارة، وقد تستغرق رحلاتهم بين القارات من آلاف إلى عشرات الآلاف من السنين بسبب حجم تريون، ويمكن القول أن كل قافلة كانت مدينة بحد ذاتها.

تمتد القافلة لمسافة تزيد عن مائتي ميل، وتتسع لأكثر من مليوني مسافر، وقد اتخذتها عائلات بأكملها وأسلافها موطنًا لآلاف الأجيال.

كانت القافلة، باعتبارها كيانًا متطورًا باستمرار، موطنًا لأكثر مجموعات الناس تنوعًا، حيث كان الجميع يجتمعون معًا ويصنعون تقاليد وقواعد فريدة لحكم أنفسهم.

ومع ذلك، مثل كل القوافل الكبيرة، كانوا جميعًا متجهين نحو عاصمة تريون، أروث.

كان اختيار الحاكم القادم لتريون جاريًا بالفعل، وسيكونون هناك للانحناء أمام الإمبراطور أو الإمبراطورة الجديدة التي ستتولى العرش النبيل.

كانت القافلة تتحرك أسرع من المعتاد وابتسمت سيرسي، كان سامي الأرض روجر الذي قاد هذه القافلة شخصًا يحاول بنشاط تجنب الخطر، وحيث يصطاد الآخرون للحصول على الفوائد، فسوف يذهب في الاتجاه الآخر.

لهذا السبب اختارت سيرسي هذه القافلة. كان المنظر الخلاب في الأفق يُرى من هذا المكان، حيث جلست سبعة تماثيل ضخمة رؤوسها تلامس السماء. هذا المنظر جعل جزءًا كاملًا من تريون يتوقف.

لم يكن من الممكن رؤية الأسلاف كل يوم. من ناحية أخرى، اختار روجر، سامي الأرض، الابتعاد عنهم بسرعة أكبر، فهو يعلم أن مثل هذه التغييرات الهائلة تأتي دائمًا بنفس القدر من الخطر.

نزلت سيرسي بهدوء على عربتها الشخصية. اختارت عربة ذاتية القيادة تعمل بمصفوفة ذكاء روحي قوية نوعًا ما. اكتشفت هذه المصفوفة رونة التحكم الخاصة بها عندما اقتربت منها سيرسي، وفتحت لها فتحة في الأعلى لتتمكن من الوصول إلى داخلها بسهولة، مُرحبةً بها بصوت رجولي عميق، مُخبرةً إياها أنه قد تم إعداد وجبة ساخنة وحمام لها.

نزلت إلى منطقة مريحة ومفروشة بذوق رفيع إلى حد أنها تشبه كوخًا، مع مدفأة كبيرة وأرائك مريحة ووسائل الراحة الأخرى للمنزل.

من الخارج لم تبدو العربة كبيرة جدًا، فقد كانت تدفع نفسها بأربعة محركات نفاثة تنفث الهواء الساخن حتى تتمكن من التحليق فوق الأرض، ولكن من الداخل كانت أكبر بعشر مرات.

لقد حرصت إيفا نيابة عن روان على منح سيرسي قدرًا هائلاً من الثروة، واشترت لنفسها أفضل عربة.

قفزت أرخميدس بعيدًا عن سيرسي، ونشرت جناحيها، وغاصا في لوحة معدنية عائمة كانت مباشرة فوق المدفأة، فمدتها بشكل مريح، وبعد فترة وجيزة كانت تشخر بسلام.

ابتسمت سيرسي وهي تنظر إلى كيرين البرق التي بدا وكأنها لا تهتم بشيء، فقد خففت عن قلبها بعض العبئ، بوميض من الضوء، استحضرت رقًا كبيرًا. فتحته مرة أخرى، وقرأت محتواه، فثقل قلبها.

لقد أثقلتها أحداث ذلك اليوم، فقد هربت من جاركار بعد أن اندلعت المعركة بين الكائنات السامية ورأت نتيجة ذلك الصدام، لكنها كانت بعيدة عنها.

كائناتٌ مثل روان كانت كقوى الطبيعة، وأفعالها لا تُحكم عليها بالمنطق السليم. كان هذا سبب هروبها من روان، ففكرة التواجد بجانب شخصٍ يراك نملةً لا يمكن لعقلٍ طبيعيٍّ أن يتقبلها.

والآن بعد أن قتلت الملايين، تساءلت سيرسي عما إذا كان سعيها لتحقيق العدالة يستحق ذلك.

الترجمة : كوكبة