السجل البدائي - الفصل 685

الفصل 685 جسد جاك

ركض رجل شبه عارٍ في غابة رطبة غارقًا في الدماء. وخلفه بقايا درع قويّ مهترئ تخلص منه بسبب وزنه.

كان على جسده عدة جروح طويلة عميقة لدرجة أنه كان من الممكن رؤية بياض عظامه وكانت معظم جروحه متفحمة، كما لو كان قد أصيب بشفرة ونار، ولكن ما كان غريبًا بشكل خاص هو أنه بينما كان أنفاس الرجل الثقيلة تتدفق من جسده في انفجار مؤلم، كان ما خرج من شفتيه المتضررتين هو الهواء البارد الجليدي، في الواقع، كان أنفه أسودًا ومتجمدًا صلبًا، وكذلك عينه اليسرى.

كانت عينه العاملة الوحيدة مليئة بالغضب والكراهية والعزم، وكانت هذه المشاعر السلبية هي التي غذت روحه، مما دفع جسده نصف المتجمد إلى التحمل إلى ما هو أبعد من الحدود حيث كان يجب أن ينهار ويموت منذ فترة طويلة.

لقد كان من المدهش أنه بالنسبة لمسيطر في مستوى سيد الباير، فإنه يسافر ببطء شديد عبر الغابة، ولكن هذا يظهر فقط مدى خطورة إصاباته.

كان من المفترض أن تشفى الإصابات الطفيفة في جسده بسهولة بفضل دستوره، ولكن وجودها المستمر وحالته المتعبة يجب أن يعني أنه مصاب حقًا، وأن جوهره ينزف جافًا ويجب أن يكون على وشك الموت.

وبعد فترة قصيرة رأى أضواء من خلال أوراق الشجر الكثيفة في الغابة فأسرع خطواته، وسرعان ما نجا من الظلام وفجأة كان كما لو تم نقله إلى عالم آخر.

كانت المجمعات الصناعية الضخمة منتشرة في مجال رؤيته حتى الأفق، وبين هذه المباني كان هناك العديد من الأشخاص الذين يمارسون مهامهم المختلفة بكفائة ووضوح.

أثار مشهد الرجل ضجة طفيفة لكن سرعان ما تم تجاهله، حيث كان الجميع هنا مشغولين بمهامهم، وكانت السلطات المعنية ستحل هذه المشاكل في أي وقت من الأوقات.

ابتسم الرجل الملطخ بالدماء، وخطا بضع خطوات قبل أن ينهار أمام سياج كهربائي. ‘لقد نجحت’. كانت هذه آخر أفكاره.

استيقظ عندما شعر بسلسلة من النقرات الخفيفة على جانب وجهه، فوجد نفسه على سرير مريح. أول ما لاحظه أنه تحرر من الألم بشكل رائع، وعلى الفور حلّ روحه في عالمه، فتأوّه غضبًا ويأسًا.

لقد دُمِّرت أراضيه كما لو أن حربًا قد اندلعت في داخلها. ملأتها أكوامٌ هائلة من الدمار، وكادت ناره أن تنطفئ. لا بد أن أحدهم ملأه بكمية هائلة من الجوهر لإشعال ناره، ومع ذلك، بالكاد استطاع التشبث بالحياة. قدّر أن استعادة رشده سيستغرق وقتًا طويلًا، ربما قرونًا على الأقل.

لقد انصرف انتباهه عن طريق سلسلة أخرى من النقرات على وجهه، هذه المرة كانت أقوى وأبعدته عن تأملاته الداخلية.

فتح عينيه ليرى وجه رجل عجوز منزعج، وخلفه كان هناك ثلاثة رجال أقوياء ومن هواء القوة المتدفق بين أجسادهم، أدرك بسرعة أن هؤلاء كانوا جميعًا مهيمنين على مستوى سامي الأرض.

نهض مسرعًا، وتخلص من دوخة مفاجئة انتابته، وانحنى نحوهما. مع أنه كان على بُعد خطوة واحدة من أن يصبح ساميا للأرض، إلا أن تلك الخطوة كانت هائلة لدرجة أن بلوغها يتطلب معجزة.

يمكن لمهيمن واحد على مستوى سامي الأرض أن يسحق عددًا لا يحصى من أمراء المحرقة ويجب أن نمنحه الاحترام الذي يستحقه.

كان الرجل العجوز الذي أيقظه يرتدي رداء معالج، وكان أيضًا سيدًا للمحرقة. انحنى أمام سامين الأرض الثلاثة وغادر بصمت.

تقدم أحد سامين الأرض وتحدث إلى الرجل المستيقظ، “الحارس، قدم نفسك وسبب إصاباتك.”

فتح فمه ليجيب، وفجأة انتابه الذعر لأنه لم يستطع تذكر أي شيء، وكأن فهمه كان كافيًا ليوصله إلى هذه الحالة، وبعد ذلك، لم يعد هناك شيء. جاهد ليتذكر أي شيء، حتى اسمه كان غائبًا عن لسانه.

ولكنه فجأة شعر بقشعريرة في روحه عندما لاحظ أنه كان يتحدث طوال هذا الوقت ولكنه لم يكن على علم بذلك.

وكأنه راكب في جسده، رأى نفسه يجيب على الأسئلة ويشرح أمورًا لم يستطع تذكرها أو فهمها.

‘ماذا يحدث؟ دعوني أخرج! لستُ أنا من يتحدث، لستُ مسيطرًا على الوضع هنا!’

صرخ في داخله، لكن صرخاته لم تُصغَ إليه. حتى جسده كان يُلقي نكاتًا على سامين الأرض وهو يصرخ. وبخه سامي الأرض، فاعتذر جسده، لكن لا بد أن جاذبيته كانت عظيمة، فلم يبدُ على أيٍّ من سامين الأرض أي استياء، بل إن لغة أجسادهم قد خفّت قليلًا.

فجأة سأل جسده سؤالاً وعندما أجابه أحد سامين الأرض، شعر بشيء بداخله يتغير، وأدرك أن كل ما أراده الشخص الذي كان يتحكم في جسده قد حصل عليه للتو.

فجأة امتلأت روحه بالخوف، وكان قوياً جداً لدرجة أنه كاد أن يفقد الوعي.

لقد تبين أن حدسه الخاطئ كان صحيحًا عندما شعر بأن أراضيه بدأت تهتز. عادت روحه مسرعة إلى أراضيه وتنهد بصدمة عندما لاحظ أن أراضيه التي دمرت كانت تتوهج بضوء أبيض ساطع.

عادت إليه ومضات قصيرة من الذاكرة، وتذكر الألم والعديد من التجارب المؤلمة الأخرى، وأدرك فجأة ما كان على وشك الحدوث.

‘أقسم أنكم جميعا على وشك الموت… اهربوا!!!’

لقد كان من العار أنه لم يتمكن من إصدار صوت.

لم يكن الدمار داخل أراضيه عشوائيًا، فقد زرع شخص ما أكوامًا ضخمة من المعدن لم يستطع التعرف عليها وكانت تثير الطاقة داخل أراضيه.

كان يتم توجيه كامل شعلة محرقته التي من المرجح أنها تم تعزيزها بواسطة المعالج إلى تلك المعادن وكانت متوهجة، وكان الضوء الذي تنبعث منه شديدًا لدرجة أن أراضيه بدأت تذوب حرفيًا في الدخان.

كان الألم لا يوصف، لكنه لم يستطع الصراخ. مع أن جسده كان لا يزال يبتسم ويجيب على أسئلة سامي الأرض، إلا أنه بدأ يتصبب عرقًا، وسرعان ما لاحظ سامين الأرض هذه الغرابة.

بدأوا يسألون عن جسده الذي ظل يضحك ويتكلم وكأن شيئًا لم يكن، حتى عندما بدأ ينزف من عينيه وأنفه وأذنيه وفمه. كان جسده لا يزال يبتسم ويتكلم بصوت عالٍ.

الترجمة : كوكبة