السجل البدائي - الفصل 589
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 589 مهد نيميسيس
كان هناك جبل يقف وحيدًا في وادٍ هادئ لم يصل إليه سوى عدد قليل من الزوار، وكان هناك جرس يدق في المسافة، وكان صوته مكتومًا بسبب الضباب الأبدي الذي غطى هذا الجبل والبرج الذي تم بناؤه أعلى قمته.
كان هذا الجبل والوادي ملكًا لعائلة بورياس، بل كل جبل ووادٍ على هذا الكوكب كان ملكًا لعائلة بورياس. لم يكن اسم هذا العالم معروفًا، لكن القلة ممن عرفوه عرفوه باسم “مهد نيميسيس”، إذ خُزنت فيه ألواح نيميسيس.
كانت ألواح نيميسيس بمثابة كنوز سامية، ومن بين استخداماتها العديدة كان استخدامها الأساسي هو تسجيل أعداد الكائنات الحية التي تعيش على كوكب ما.
يمكن أن يطلق عليهل ببساطة عداد السكان المجيد، وقد تم نشرها في كل عالم تقريبًا مملوك لإمبراطورية تريون.
لقد كان تاريخ هذا الكوكب طويلاً ومحاطًا بالضباب، لكنه يحمل تاريخًا مهمًا خلفه.
تم العثور على جميع ألواح نيميسيس على هذا الكوكب ولم يتم إنشاؤها بواسطة بورياس كما ادعى شعبياً.
لقد كان بورياس نفسه يبحث عن طريقة لإنشاء هذه الألواح، وحتى بعد أن دمر عددًا قليلًا منها في محاولاته الفاشلة لتكرار جميع وظائفها، لم يتمكن من جعلها تعمل بالطريقة التي أرادها بالضبط، حيث كانت الألواح الأصلية خاصة ولا يمكن تكرارها.
في هذا اليوم، صعد سامي الأرض من عائلة بورياس إلى الجبل، يتبعه اثنا عشر حارسًا يرتدون دروعًا زرقاء لامعة.
بدا هذا المهيمن وكأنه كبير السن جدًا، كان ظهره منحنيًا وكان وجهه مليئًا بخطوط العمر، لكن هذا لم يضعف تحركاته على الإطلاق، حيث كان يصعد بسهولة الدرجات الصغيرة التي تم قطعها في الجبل دون أي صوت، حتى الحراس الإثني عشر معه لم يصدروا أي صوت، حتى في دروعهم الثقيلة.
كانت عينا هذا المهيمن اللامعتان مختلفتين عن عينَي رجل عجوز، لكنهما كانا نشيطين كطفل. كان من القلائل الذين لم ينخرطوا في سياسات الإمبراطورية، بل سعوا إلى وظيفةٍ غير مُجزية نسبيًا، وعاشوا حياتهم في سلامٍ وهدوء، وتمنى أن يموت بهذه الطريقة – بكرامة، محاطًا بأبنائه وأحفاده، لكن سامين تريون كانت لها خطةٌ مختلفةٌ له.
كان هذا المهيمن القديم أحد المستفيدين من تخفيف القيود التي فرضها السامين على جميع سلالاتهم وكان على وشك الموت عندما تم تخفيف عقدة السلالة وأصبح سامي أرض بدون أي حاجز على الإطلاق تقريبًا، لأن أسسه كانت قوية.
مع ذلك، لم يندم على هذا الحادث. لن يرفض أحدٌ أبدًا مزيدًا من الوقت للعيش، كان يحب عمله وهذا العالم الذي يعيش فيه، وسيحرص على حمايته. لكن الأخبار التي كانت تصله في الأيام القليلة الماضية كانت مقلقة، على أقل تقدير، والآن وقد وصل، ازداد الأمر سوءًا.
كانوا في منتصف الطريق إلى أعلى الجبل عندما توقف ونظر إلى قدميه، كانت ردائه الأزرق ملطخًا بشدة باللون الأحمر، وكان من الصعب بعض الشيء التحرك لأن هذا اللون الأحمر لم يكن سوى دم كثيف وبدأ يتجمد على قدميه.
كان هذا المكان موقعًا مقدسًا، ولذلك مُنعوا جميعًا من استخدام قواهم عندما تسلقوا هذا الجبل، وكان عليهم استخدام قوة أجسادهم فقط.
كان هذا هو السبب الذي جعله يأتي إلى هنا، حيث سمع تقريراً عن تدفق الدم إلى أسفل هذا الجبل خلال الأيام القليلة الماضية، وسارع إلى التحقق، مدركاً أن مثل هذا الحدث غير مسبوق.
هبَّت نسمة هواء قوية، وكشفت أن الوادي أسفله لم يعد واديًا، بل يمكن تسميته بحيرة، لكنها لم تكن مليئة بالماء، بل بالدم. نفخت هذه النسيمة رائحة الدم الكريهة في وجه الرجل العجوز، فازدادت تجاعيد وجهه عمقًا.
في دقائق معدودة، وصل إلى قمة الجبل ووقف أمام البرج. كان تصميمه غريبًا، إذ يعتمد على أسلوب ليس من تصميم تريون، بل أسلوبًا مليئًا بالخيارات الأسلوبية الغريبة التي لا بد أنها وليدة عقل مجنون.
لقد كان يتخيل دائمًا أن هذا البرج مبني بواسطة الحشرات، ولم يكن يعرف لماذا كانت هذه الأفكار تخطر بباله دائمًا في كل مرة يرى فيها واحدة من هذه، ربما كان الأمر يتعلق بالطريقة التي بدا بها وكأنه مصنوع من الرمل، وكان يتخيل دائمًا مليارات الحشرات تبني البرج ببطء ليس صخرة صخرة، بل حبة حبة، بينما تستخدم لعابها كعامل رابط.
أدرك أنه كان يصرف انتباهه عن مهامه، فهز رأسه وتوجه نحو باب البرج وهو يخوض في الدم الذي كان عمقه قدمين.
كان الباب مغلقًا بإحكام، لكن هذا لم يمنع الدم من التسرب عبر الشقوق الصغيرة أسفله. وصل إلى منتصف الطريق إلى الباب، فتوقف وأومأ للحراس، فأقرّوا أمره بقبضة على صدورهم، وساروا جميعًا بجانبه ووصلوا إلى أبواب البرج الضخمة التي يبلغ ارتفاعها خمسين قدمًا.
ستة على كل جانب، تشبثوا جميعًا بمقابض الباب الدائرية وبدأوا بتفكيكه. بدا الباب وكأنه يقاوم جهدهم في البداية، لكن مع صوت طقطقة عالٍ انفتح الباب بقوة متفجرة، وتدفقت منه موجة دم هائلة بقوة هائلة دفعت الحراس التعساء من قمة الجبل.
اتسعت عينا الرجل العجوز، وتماسك قبل أن تغمره مليارات الجالونات من الدماء. بعد لحظات، تدفق الدم، فنهض من جديد، وكان مغطى بالكامل بالدم، باستثناء بياض عينيه.
تنهد وبدأ بالسير نحو البرج بتصميم متجدد، كان يرغب في التحقيق في هذا الأمر والانتهاء منه بالكامل.
كان الجو داخل البرج خافتًا، وامتلأ الهواء بصرخات خافتة، كأن العالم بأسره يبكي ألمًا. ما إن دخل المهيمن البرج، حتى اشتدت الصرخات إلى درجة محمومة، فاضطر إلى شد أذنيه بشدة وحجب إدراكه، وإلا خشي أن يُصاب بالجنون.
لم يكن هذا بعيدًا عن الحقيقة، إذ شعر المهيمن بفقدان عقله، فتأوه وبدأ يتقدم، دون أن يعلم أن أذنيه وعينيه بدأتا تنزف بغزارة. وفي لحظة، اكتشف مصدر الدم: إنها لوحة نيميسيس.
الترجمة : كوكبة