السجل البدائي - الفصل 569
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 569: العودة إلى الكون
ارتجف جسد روان قليلاً عندما دخلت النيران البيضاء إلى فضائه العقلي مع هدير عظيم، واتخذت شكل عمود من النيران يبلغ ارتفاعه أكثر من مليون قدم، وعندما نزلت النيران البيضاء أضائت زاوية من الفضاء العقلي لأميال لا حصر لها، وبدأت في الانتشار، مما أدى إلى إنشاء حقل واسع من النيران البيضاء.
أحس روان على الفور بهالة عظيمة من العظمة والغطرسة تنبعث من هذه النيران، كانت مهيبة ويبدو أنها أرادت تغطية كامل مساحته العقلية بالمظهر الذي اتخذته.
كانت هذه الشعلة قوية جدًا، لكن البيئة التي وجدت نفسها فيها كانت معادية بشكل لا يصدق، وإذا أرادت أن تكون القوة الأكثر هيمنة التي يسيطر عليها روان، فسيكون أمامها عمل شاق.
لم يستطع إلا أن يبتسم بسخرية عندما شعر بذكاءٍ مُتفتحٍ داخل هذا اللهب كطفلٍ يستيقظ من غفوةٍ طويلة. وبالفعل، تجلّى هذا الشعور حين التفت رقعةٌ من اللهب الأبيض في مركزه، وبرز جسدٌ صغير.
كان هذا الطفل مثل إمبراطور ناشئ يستيقظ على سيطرته، وقد تم وضح الشكل، واتضح أنه طفل صغير يشبه صبيًا يبلغ من العمر أربع سنوات بخدود ممتلئة ترتفع في وسط الحقل المشتعل الذي أصبح الآن قطره 999 ميلًا بالضبط.
لقد بدا وكأنه حي، كان يتنفس، وكان بإمكان روان رؤية الأوردة الصغيرة في رقبته تنبض بالدم.
كان الطفل يرتدي رداءً من اللهب الأبيض، وكانت عيناه مغلقتين، وكانت خدوده حمراء وممتلئة مثل التفاحة، ولولا حقيقة أنه كان طوله آلاف الأقدام، لكان الطفل يبدو كطفل بشري.
تثائب الطفل، وامتدّ صوته بعيدًا، ثم انفتحت عيناه، وكانتا بيضاوين بلا بؤبؤين، كأنه أعمى. نظر حوله وأخذ نفسًا عميقًا، فارتسمت على وجهه ابتسامة جميلة.
وقف ببطء وبدأ بالسير على حقل النار الأبيض الخاص به بينما كان ينظر حول الفضاء العقلي الواسع لروان والذي كان مليئًا بالظلام لأميال لا تعد ولا تحصى.
كان هناك شيء ما في الضحك البريئ في عيني هذا الطفل جعل روان يتوقف مؤقتًا، وتم تعليق خطته للاستيلاء على عقله ومسحه أثناء ملئه بأحد أعمدة وعيه.
لقد أصبح فضوليًا بشأن تصرفات هذا الطفل والاتجاه الذي يتجه إليه هذا الجانب.
عند سماع صوت الماء تحته، انتبه الطفل إلى صوته واختفى، ليظهر بعد ذلك على حافة حقل النار البيضاء وينظر إلى بحر الظلام البدائي تحته.
كانت عيناه اللامعتان تنظران بفضول إلى الماء الأسود، ثم طفا إلى الأسفل، وجلب إصبعه بحذر ليلمس الماء، وبصراخ لطيف، سحب إصبعه ووضعه في فمه، وبدأ يعبس وهو ينظر إلى البحر في الأسفل بغضب.
لقد اختفى الغضب والألم من عينيه عندما رأى شمسًا ساطعة تبحر في السماء، فضحك الطفل وبدأ في مطاردة الشمس وتبعه حقل من النيران البيضاء خلفه.
لقد كان روان مفتونًا ومتسليًا بهذا التفاعل.
مع ظهور هذا الجانب داخل فضائه العقلي، بدأت معرفة وظيفته تتدفق إلى ذهنه، لكنه وضع هذه المسألة جانبًا، كان بحاجة إلى المغادرة الآن.
وصل الشعور بالإلحاح في قلبه إلى درجة محمومة، والتفت روان إلى الكون الذي خرج منه.
“أَيُهَا اَلْوَغْدْ! أَينَ تَخُتَبِئْ؟ لَقَدْ سَرَقْتَ مِنْ بَيْتِ إِنْدِيرْيُوسْ. إِرْكَعْ وَتٓقٓبٓلْ عِقَابَكْ!”
كان الصوت الأنثوي الذي تعرف عليه روان يخرج من المسافة، غير منتظر لمعرفة من سيأتي، غطى روان جسده بالضوء الأبيض المزرق من الإسطرلاب وبدلا من أن يختفي كما فعل من قبل، تحول إلى شعاع من الضوء وهو يتجه نحو الكون.
كانت المسافة بينه وبين الكون شاسعة جدًا في الوقت الحالي، وفي الوقت القصير الذي كان يوقظ فيه مصفوفة روحه، ابتعد الكون عنه لأن موقعه لم يكن ثابتًا.
كلما اقترب من الكون، بدأ يشعر بقوة طاردة تدفعه بعيدًا، لكنها لم تكن بقوة ما ظن. كان ذلك قبل أن يشعر بيد تلامس جسده ويشعر بنقرة في داخله.
أدرك روان فورًا أن ما حدث هو أن الكون فتح أبوابه ليسمح له بالدخول. وبصفته ابنًا لهذا الكون الذي يزال تحت عتبة مستوى القوة، سُمح له بالمرور.
لو بقي بقواه السابقة، حتى لو قُبل كطفلٍ في هذا الكون، لكان مُنع من دخوله. بدا للكون تدبير أمانٍ توسّع المسافة بينه وبين أي شيء يرفضه إلى ما لا نهاية، لذا مهما بلغت سرعته، لم يستطع عبور مسافةٍ لا نهائية.
أحاط به ضوء النجوم واللهب ثم اختفى، وعاد كل شيء إلى الصمت لفترة من الوقت قبل أن تنفجر قوة عظيمة في المسافة ويضيء ضوء ساطع عندما انفتح ممر من النار وتجسد منه شيء ما.
كانت عربة يجرها سبعة عمالقة بلا رؤوس. كانت أعناق العمالقة النازفة تضخ الدم بانتظام، فيسقط على بطونهم، حيث كانت أفواههم ذات الألسنة السوداء اللزجة تلوح، تحاول التقاط أكبر قدر ممكن من السائل المتساقط.
خلف العربة، تم سحب جمجمة روان التي كانت مجمدة في الحجر، وهي ممسوكة بسلاسل من النيران.
سرعان ما توقف العمالقة تمامًا حيث أجرى روان والمخلوق معاملتهما، وللحظة لم يكن من الممكن سماع سوى صوت ضخ الدم من أعناق العمالقة وألسنتهم، ولكن بعد ذلك توقفوا فجأة، حتى الدم الذي يضخ من أعناقهم تجمد في مكانه.
خرجت يد نحيفة وجميلة من نافذة العربة، وعلى الإصبع الصغير كانت هناك حلقة حمراء ضخمة بداخلها شمس تدور.
الترجمة : كوكبة