السجل البدائي - الفصل 545

الفصل 545 تينما

إن قدرتهم على تغيير الحجم حسب الرغبة أعطت ثعابين أوروبوروس العديد من أساليب الهجوم عندما كانوا في أحجام مختلفة.

عندما كانوا في أكبر حجمهم، كانت أسلحتهم الأقوى هي عشرات الآلاف من الأشواك التي يبلغ طولها أربعمائة قدم على عمودهم الفقري، والتي تنحدر من رؤوسهم إلى ذيلهم.

أطلقت ثعابين الأوروبوروس الخمسة مجتمعة 345,748 شوكة بحجم مبنى مكون من أربعين طابقًا، وسافرت بسرعة ماخ 60، وهو ما يعادل ستين ضعف سرعة الصوت أو 45,660 ميلًا في الساعة.

بدت الأشواك وكأنها تختفي في الفضاء، وكانت الخسائر الأولى هي السامين التي هاجمتهم بعنف متجاهلة دفاعاتهم.

كانت موجة الفضة هي المسامير من عمودهم الفقري وكان الظلام هو الواقع الذي تمزق إلى قطع.

لقد تجاوزوا السامين المصدومة دون أي عائق واستمروا في اتجاه الدرع المشتعل الكبير الذي استحضره شاريو.

التفت السامين الذين كانوا يهاجمون بحماسة إلى بعضهم البعض، والصدمة تملأ أعينهم، وقد انهارت جميعها إلى رماد. دُمرت كل دفاعات أو أسلحة وُضعت في طريقهم، وتجمدت أجسادهم السامين في العدم.

شتمت شاريو بصوت عالٍ، “الأوغاد اللعينين…” كانت تلعن السامين عديمة الفائدة معها والتي كانت لديها مهمة واحدة فقط، وهي صد هذه الوحوش لفترة قصيرة من الوقت حتى يتم تنشيط التشكيلات.

بينما كانت لا تزال تمتلك بقايا القوة التي تركها فارسا الحرب والحكم الآخران بداخلها، صرخت شاريو عندما ازداد سمك الدرع الذي تسيطر عليه بشكل كبير، مما أعطاه حجمت يبلغ ميلًا، وكان ذلك في الوقت المناسب تمامًا عندما اصطدمت الأشواك الأولى بالدرع وقبل أن تنتهي نظرتها المصدومة، اخترقت 9٫5 في المائة من طريقها من خلاله، قبل أن تفقد الزخم، وحتى ذلك الحين كانت هناك قوة شفط غريبة قادمة من الدرع كانت تستنزف الطاقة السامين التي وضعتها بداخله.

بدأت البقعة التي دخلهتها الأشواك تتحول إلى اللون الأسود من لونها الأزرق الساطع سابقًا.

كان الزمن يعمل بشكل مختلف جدًا بالنسبة للسامين، وأصبحت قدراتهم على معالجة المعلومات والرد في جزء من الثانية أعمق بشكل متزايد كلما تقدموا في السن وازدادوا قوة.

منذ أن كادت أول شوكة أن تخترق درعها، عرفت شاريو أنها لن تتحمل سوى بضعة آلاف منهم قبل أن تفشل، لكن المشكلة كانت أن عددًا أكبر بكثير منهم كان في طريقها. لم تستطع إيقافهم في الوقت المناسب.

وكان استنتاجها صحيحا.

في اللحظة نفسها، بدا وكأن شيئًا لم يمرّ، حين اصطدمت أول شوكة بدرع شاريو، وتبعها الآخرون. لم تكن هناك أي علامة واضحة على عرقلة حركتهم، إذ سحقوا دفاعها في أقل من ثانية.

نظرت عيناها خلفها إلى السامين المذعورة، لقد انتهوا فقط من عشرة في المائة من مهامهم وسوف يفشلون، لفترة وجيزة شعرت بالرغبة في سحب مملكتها السامية إلى جسدها من أجل تعزيز قواها إلى الحدود، لكنها لم تكن تعرف القدرات الكاملة لهذه المخلوقات إذا فشلت، فإن هذا يعني أن موتها سيضيع وستنتهي بجروح خطيرة.

بقبول تدمير هذا الجسد، بدأت في إعداد جوهرها للقيامة التالية حيث غطى الظلام بصرها.

لقد تصالحت مع حقيقة أنها ستضطر إلى التضحية بالكثير من جوهرها السامي، لكنها كانت مصممة على التعلم قدر استطاعتها عن هذه المخلوقات وذبحهم بألم قدر الإمكان، ولا تزال ذكرى وفاتها السابقة تطاردها.

دخلت رائحة طيبة إلى أنفها عندما ظهرت يد قوية ولكنها جميلة بجانبها.

دخل إلى أذنيها صوت ذكر غني عميق ويمتلك دفءًا لا نهاية له،

“شاريو، الآفة، لم أكن أعرفك أبدًا كشخص يستسلم بسهولة عند أول إشارة لانتكاسة.”

شهقت شاريو من المفاجأة ثم شعرت بارتياح لطيف حيث لم تستطع منع نفسها من الضحك بصوت عالٍ، “أنا أيضًا لم أعرفك أبدًا كشخص يتأخر عن الحفلة … تينما. وخاصةً حفلة كهذه”

كانت الذراع التي ظهرت بجانبهم تحمل ظلامًا خالصًا يحمي التشكيل بأكمله خلفهم دون عناء.

كان السامي القادر على ذلك هو قائد وأقوى سامين مجرة سيروليان. عبقريٌّ نهض من العدم وارتقى إلى عرش زعيم السامين غير الرسمي، وكان أقدم سامِ، وتاريخه يكتنفه القِدم.

اعتقدت شاريو أنه أقوى من سامي كبير، لكن لسببٍ ما، اختار أن يُبقي نفسه بطريقةٍ لا تليق بمكانته. كانت هي الأخرى سامية كبيرة، ولم تستطع فهم أعماقه الحقيقية.

لقد كانت تكره دائمًا هذا الجانب منه الذي لم تكن قادرة على فهمه، لكنها الآن وجدت مثل هذه القوة التي لا يمكن تفسيرها مريحة بشكل غريب.

كان شعره أسود طويلًا يُحيط بوجهٍ وسيم، وخلفه غيتارٌ مُستقرٌّ على وسادةٍ من الظلام. كان ساميا أتقن سلطتين: الصوت والظلام. على الأقل هذا ما اختار أن يكشفه للعالم.

نظر تينما إلى وجه شاريو المضطرب، وأمسك ذقنها المشتعل كالنجمة، ورفع وجهها إلى وجهه وقال، “تبدين لطيفة عندما تكونين خائفة، من العار أنني لم أرى هذا التعبير إلا بضع مرات فقط.”

صفعت شاريو يديه بغضب، “هل تمزح معي يا تينما؟ لقد مات زملاؤنا السامين والعالم رماد وخراب ولديك الوقت للمغازلة؟”

بدا تينما متفاجئًا من اندفاعها قبل أن يهز رأسه، “آه، شاريو، على الرغم من كل قدراتكِ، ما زلت مندهشًا من شبابك. لقد واجهنا تهديدات أكبر… وخسائر أكبر في حياتي.”

“ما علاقة هذا بما يحدث الآن؟”

ابتسم لها بحزن، “لقد نسيتُ كيف أبكي منذ زمن… الشيء الوحيد الذي أفهمه الآن هو كيف أبتسم، وأنا أذبح أعدائي. انظري إليّ يا شاريو وستفهمين.”

خلف تينما، بدأت بوابات الظلام في الانفتاح، وظهرت جميع سامين سيروليان خلفه، حتى أولئك الذين ذُبحوا منذ لحظة، وظهر آخر سامي كبير، هيرودس، المسلوخ.

“أنتم جميعًا… فعّلوا التشكيلات، سأصدّ الوحوش عند بابنا.” أعلن تينما والتفت نحو ثعابين أوروبوروس الضخمة، مفكّكًا نفسه من كرة اللحم.

لمست يد زرقاء نارية معصميه، أوقفه شاريو وقال، “هذه المخلوقات خطيرة”.

ضحك تينما، “يا قليلة الإيمان، انظرث إلي!”

الترجمة : كوكبة