السجل البدائي - الفصل 543

الفصل 543 خمسة عشر عامًا

نسيم بطيء يحمله الأثير اجتاح روان وثعابين أوروبوروس ووصل إلى السامين، مما أثار مجموعة لا حصر لها من المشاعر في قلوبهم جميعًا.

لقد وقفوا جميعًا في الهواء، ولو لم يحرق روان الغلاف الجوي لكان هناك سحب ضخمة تمر، ولكن الآن لم تكن هناك سوى علامات خافتة على وجود نسيم، بينما كان العالم نفسه يكافح للاستيقاظ من الجروح الهائلة التي لحقت به.

وبينما مرت آخر نسمة هواء أمام السامين وروان، نظر إلى الثعابين الضخمة أسفله، وتنهد في داخله عندما أحس بتغير غريب في فسيولوجيته، فاستدعى بسرعة سجله البدائي، وابتسم عندما رأى ما حدث للتو.

لقد أصبح الآن أكبر بعام واحد.

على الرغم من أن الكثير قد حدث خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنه كان من الحقائق التي لا يمكن إنكارها أن روان أصبح الآن يبلغ من العمر 15 عامًا، ومن المفارقات أنه في نفس عمر أندار.

لقد كان الكون نفسه مهددًا من قبل اثنين من المراهقين!

لقد شعر بتغير طفيف في فسيولوجيته لم يشهده من قبل، ربما لأنه كان نائمًا خلال السنوات الثلاث الماضية التي مرت، لكن العالم كان مختلفًا بعض الشيء في عينيه.

كان التغيير طفيفًا لدرجة أن إدراكه المُحسَّن وحده هو الذي اكتشفه. لو تأمل هذا التغيير وقدر متى سيتمكن من فهمه، لاستغرق الأمر بضعة قرون على الأقل.

ابتسم مرة أخرى، “لدي الوقت، إذا فزت بهذه المعركة هنا، فسوف أفوز بالحرب ضد والدي… حينها سيكون لدي الوقت.”

“أطفالي،” همس روان وتحولت كل أعين ثعابين أوروبوروس إليه، “اقتلوهم!”

زأرت ثعابين أوروبوروس الخاصة به، ومثل انهيار جليدي ذهبي، اتجهت نحو السامين، وحطمت أجسادها الفضاء، بينما أحاطت بهالة من التهديد الذي لا يضاهى.

لقد فوجئ السامين في البداية بهذا الرعب الذي هاجمهم، لكنهم كانوا سامين، فقد أصبحت عقولهم صلبة بسبب العصور والقوة التي امتلكوها جميعًا لفترة طويلة.

لم يفهموا حقًا المعنى الحقيقي للخوف، فبعد كل شيء، عزا معظمهم موت موريهيم إلى حقيقة أن روان وجد طريقه إلى مملكته السامية، وبقدر ما يتعلق الأمر بهم، لم يكن روان قادرًا على فعل الشيء نفسه لهم بسهولة، ليس بينما كانوا جميعًا يقاومونه معًا.

كان الموت شبه مستحيل بالنسبة لهذه المخلوقات الخالدة، والشيء الوحيد المتبقي هو الحرب.

كانت شاريو هي أول من تقدمت للأمام مع فارسين مدرعين من فرسان الحرب والحكم؛ وتبعهم اثنا عشر ساميا آخرين كانوا متعددي المهارات في القتال القريب.

كانت صرخات الحرب التي أطلقوها مذهلة، إذ أرسلت موجات صدمة دفعت الكوكب إلى الأسفل، مما أدى إلى تسطيح الجبال!

بدأ بقية السامين الذين تركوا وراءهم في إلقاء قوتهم السامية على نطاق أوسع حيث اتصلوا بالعقد المخفية في جميع أنحاء الكوكب، ودفعوا قدرًا كبيرًا من الطاقة بحيث يمكن الشعور بها على بعد تريليونات الأميال، وسوف يُبارك أي مخلوق بشري ويلعن في مشاهدة مشهد مثل هذا.

لقد ارتبطوا ببعضهم البعض بتيارات واضحة من الأثير التي أحرقت الفضاء من حولهم وكشفت عن ظلام العالم السفلي، كما تم الكشف عن تشكيل عظيم على الأرض وفي السماء أعلاه.

من بين السامين الـ 48 الحاضرين هنا، كان أربعة عشر منهم يهاجمون ثعابين أوروبوروس، ويكشفون عن أسلحة سامية أو يعززون أجسادهم إلى مستويات سامية، أما السامين الـ 34 المتبقون فقد دفعوا المزيد من قواهم السامية إلى الأرض والسماء أعلاه، حيث قاموا بتنشيط التشكيلات المدفونة التي تم وضعها في مكانها منذ عصور مضت والتي كانت تتغذى باستمرار من قبل وعي العالم وكل سامي في مجرة سيروليان، تاركين توقيعهم غير القابل للكسر في أعماق التشكيلات الكبرى.

نظرًا لأن جميع السامين تقريبًا هنا كانوا متعددي المهارات في مجالات مختلفة ومتخصصين في قوى مختلفة، فغالبًا ما كانت قواهم تتصادم، وكان تأثيرهم يتضائل ككل، لذا فإن أفضل طريقة لخوض معركة جماعية كانت تجميع قواهم السامية وتوجيهها إلى تشكيل أو جهاز واحد يكون قادرًا على الاستفادة من قدر كبير من قوتهم بأقل قدر ممكن من الهدر.

كان التشكيل الكبير أعلاه يسمى تشكيل سلاح نونسيبل الخفيف المتعدد التجليات، وكان التشكيل أدناه يسمى تشكيل ضوء القبر المتعدد.

لم يتم إنشاء هذين التشكيلين القويين للغاية من قبل سامين المجرة ولكن تم شراؤهما من قبلهم بعد أن جمعوا مواردهم بشكل جماعي.

تم الحصول على هذين التكوينين الكبيرين من المنطقة ذات النشاط الجوفي الأكبر في الكون – تيرمينوس، وهي بوتقة غليان الكون بأكمله.

قيل إنه لا يوجد شيء لا يمكنك شراؤه في تيرمينوس، طالما أنم قادرًا على تحمل تكلفته. كان الجميع يتاجرون في هذا المكان، من السامين إلى الشياطين ومخلوقات خيالية أخرى لا حصر لها.

تم شراء هذين التشكيلين العظيمين من قبل السامين لتكون تشكيلًات لحراسة العالم ومهاجمته، وسيكون هذا شيئًا لا يتم تنشيطه إلا في ساعات اليأس، أو عند مواجهة أعداء عظماء، وكان وجود روان يبرر كلا الخيارين.

اندفعت السامين لمواجهة ثعابين أوروبوروس في قتال متلاحم، وذلك لشحن التشكيلات وتفعيلها بسرعة. لتفعيل التشكيلين بالكامل، يتطلب الأمر تواجد السامين الثلاثة الكبار والخمسين ساميا صغيرا، ولكن في ظل الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه، لم يكن أمامهم سوى الاكتفاء بما لديهم.

ومع ذلك، كان هذا أكثر من كافٍ، فبعد كل شيء، لا يمكن تجاهل القوة المشتركة لـ 34 ساميا صغيرًا، وكل واحد منهم يمتلك القوة الكافية لتحطيم عدد لا يحصى من العوالم.

******

تذكرت شاريو تمامًا الألم الذي شعرت به عندما التهمتها هذه الثعابين، وبينما اقتربت المسافة بينها وبين هذه الوحوش الضخمة، أغلقت عينيها.

في أقصى أطراف إدراكها، سمعت صوت موسيقى وضحك بشكل خافت، كان لحنًا مألوفًا وصوتًا مألوفًا، كان صوتًا سمعته مرة واحدة فقط في اللحظة التي أصبحت فيها سامية، كانت الموسيقى من قلبها وكان الضحك من شفتيها.

تذكرت القوة التي منحتها لها هذه الموسيقى، والثقة المطلقة في هدفها وقوتها، وشعرت بأنها لا يمكن المساس بها ومثالية، وفي تلك اللحظة عرفت أنها لا تستطيع العودة إلى الوراء أبدًا، لأن تلك اللحظة الوحيدة جسدت كل ما يتعلق بالسامي، في مجمله.

لقد فوجئت بقدرتها على الشعور بهذه الرغبة وهذا الدافع في هذه اللحظة، وكأن هذه المعركة أعادت إشعال إيمانها المفقود منذ فترة طويلة.

الترجمة : كوكبة