السجل البدائي - الفصل 527

الفصل 527 نظرة الكون

يمكن لروان أيضًا أن يتخيل ما قد يشعر به الطاغية نارجال الآن.

بالنسبة لطاغية النارغال، كان الزمن خطيًا، فقد نجح للتو في مهاجمة روان مرتين وفاز بمواجهتهما القصيرة، وكان على وشك مواصلة هجومه لزيادة ميزته قبل أن يجد نفسه فجأة خاليًا من الطاقة، وعمود دمه على وشك الدمار وحلقة المحنة على وشك الانطفاء.

ولإضافة الملح إلى الإصابة، فقد شعر بمصدر أنقى من نية المحارب الهائج لم يأت منه، بل من الفاني الذي كان لديه درجة أضعف بكثير من النية، قبل ثانية.

“ما هذا الجنون غير المقدس؟”

كانت الفكرة الأولى التي خطرت بباله هي التلاعب بالوقت، لكنها كانت عميقة للغاية لدرجة أنها تعارضت مع كل القوانين الكونية التي كان يعلم أنه من الممكن أن تكون ممكنة داخل الكون المادي!

إن البنية ذاتها للكون المادي جعلت من المستحيل التلاعب بالزمن إلى هذا الحد، وهذا ما كان يعرفه دائمًا، لكنه لم يستطع إنكار الأدلة التي كان يشهدها.

‘هناك شيء خاطئ للغاية هنا، من المرجح أن تكون هذه مكيدة من قديم، يجب أن أهرب!’ صرخ طاغية النارغال داخليًا.

لم يكن لديه وقت لتنظيم أفكاره قبل أن يبتلعه الظلام، ثم خدر عميق مثل بشري تم جره إلى وسط عاصفة شتوية، لكنه لم يستطع أن يرتجف، ولم يستطع حتى الصراخ، لقد شعر بموته وابتسم الطاغية نارغال.

‘بغض النظر عن مدى سوء رحيلي، على الأقل متُّ في المعركة، لكن الكون… إنها في خطر مميت، أحتاج إلى تحذيرها، ولكن كيف؟…’

كانت هذه فكرته الأخيرة ولم يعد موجودًا.

كان آخر طغاة النارغال، أول محارب هائج، مجرد حاشية في التاريخ، وكان من الصعب معرفة ما إذا كان هناك سجل لحياته وشعبه خلفه.

كان الكون كبيرًا جدًا، وكان الزمن قوة لا هوادة فيها، حتى أعظم القوى، باستثناء تلك التي يمكنها تجاوز قوانين الكون، سوف تسقط وتتلاشى في النهاية.

تخلى روان عن عالمه الجليدي وبنى عرشًا بدلًا منه. جلس وأغمض عينيه بينما بدأ جسده يتغير مع موجة جديدة من القوة الممنوحة من الكون… بل كأنها سُرقت منه. لقد أخذ أكثر مما حُدد له في النهاية.

وعلى بعد ألف ميل فوق رأسه، انفتحت السماء وبدأ ينزل عليه تاج مصنوع من الدم والعظام.

لم يحرك روان ساكنًا كما لو أنه لم يكن على علم بالتاج الهابط، ولكن من ظهره، ظهرت ستة رؤوس بينما أحاطت ثعابين أوروبوروس رأسه مثل التاج، وأحاطت قرونهم الكريستالية المتوهجة برأس روان وظهرت مهيبة للغاية لدرجة أنها قد تجعل ساميا يبكي.

امتزجت سواد عرشه مع الذهب والبلورات، فأصبح مجده جزءاً من الكون.

عندما وصل التاج النازل إلى بضع مئات من الأقدام من روان، اندفعت ثعابين أوروبوروس إلى الأمام ومزقوه، كل واحد منهم ابتلع جزءًا من التاج وسط صراخه الخافت المليء بالخوف والغضب.

كانت عينا روان مغلقتين وكأنه لم يكن على علم بأفعال ثعابينه، ولكن بما أنهم اتبعوا إرادته في كل شيء، فقد كانت هذه بوضوح إرادته.

أراد روان السلطة، لكنه لم يُرِد عباءةً، فقد تبيّن أنها طريقةٌ مُضلِّلةٌ ليُعرِّض نفسه لسيطرة الكون والتلاعب به، وهو لا يزال ضعيفًا جدًا على مقاومة قوتها. لقد قُيِّد سابقًا، ولن يُقيَّد مرةً أخرى، ولا حتى من أجل السلطة.

كانت لأفعاله عواقب ولم تكن بعيدة عنه، حيث كان يشعر بنظرة بدأت تتجمع ببطء في هذا المكان، لم ينتظر روان أي شيء ليجده، واختفى من هذا المكان باستخدام الإسطرلاب.

وبعد لحظات من رحيله، استقرت نظرة بلا شكل في هذه المنطقة، ولم تغادر.

كانت الكون قوية، لكنها في بعض الأمور لم تكن شديدة الملاحظة، بسبب حجمها الهائل، وحقيقة أن انتباهها أصبح ضعيفاً عندما كانت في المنطقة التي تحتوي على كميات محدودة من الأثير.

لقد كانت متورطة في عدد لا يحصى من الشؤون طوال فترة وجودها بأكملها، ومع ذلك كان الوضع هنا كافياً لجذب انتباهها، وكصيادة صبورة، ستبقى هنا.

لقد سقط أحد حاملي أعمدتها، لكن هذا لم يلفت انتباهها كثيرًا، حيث أن العمود لا يزال موجودًا، كانت بحاجة فقط إلى تحديد موقع حامل آخر، لكنها ستراقب هذا المكان، ربما يكشف الدليل عن نفسه في الوقت المناسب.

لا يوجد شيء في الوجود يمكن أن يكون صبورًا مثل الكون.

*****

ظهر روان داخل القصر السامي لإيروهيم، وكانت عيناه غائمة بعض الشيء بينما كان يستخدم بئر المعرفة الخاص به لتحليل اللحظات الأخيرة قبل هروبه والمحنة الذي واجهها للتو.

لقد بدت تلك النظرة القادمة من الكون غريبة بالنسبة له، وكأنها روبوت تقريبًا، لأنه لم يشعر بأي إرادة بداخلها، وكأنها كاميرا بلا مشاعر تشير في اتجاهه، ومع ذلك فقد اعتقد أنه من المهم فهم كيفية عمل الكون، لأنها لاعبة مهمة في اللعبة.

كان فعل روان قويًا بما يكفي لجذب انتباهها، فعليه أن يبدأ بجمع المعلومات عن هذا الكيان. كان يتوقع أن يقوم بأفعال كهذه في المستقبل، وهذا يعني صدامًا حتميًا مع الكون.

صفت عيناه، وهربت ثعابين أوروبوروس من جسده، وصنعت عرشًا. كانت أجسادهم مختلفة بعض الشيء، تبدو أشبه بهياكل منها بأجساد. لقد اكتسب روان بالفعل قوة هائلة من هذه المحنة الأخيرة، وهذا واضح.

نظر إلى ثعابينه وعبس قليلاً، كان يشعر أنه على الرغم من أن ثعابين أوروبوروس كانت مرتاحة للغاية ومليئة بالقوة، إلا أن أجسادهم أصبحت قوية بعض الشيء بالنسبة لمملكتهم، وكان هذا يجعلهم سريعي الانفعال بعض الشيء.

لم يكن أي ثعبان من ثعابين الأوروبوروس في كل العصور قويًا كما كانوا في حالة الصدع، وكان هناك خلل معين بدأ يتشكل بداخلهم وكان يبدأ في ملاحظة ذلك.

الترجمة : كوكبة