السجل البدائي - الفصل 523

الفصل 523 قوة البدائي الناشئ

بدا وكأن كل الواقع يهتز عندما ظهر عمود الجليد وكأنه يحمل السماء حيث امتد طرفيه لملايين الأميال في الفضاء العميق دون نهاية في الأفق.

قد يبدو هذا تحديًا لعمود الدم الذي يقف خلف الطاغية نارغال.

حتى روان كان مصدومًا بعض الشيء من قوة بحر الظلام البدائي، فقد بصق جزءًا صغيرًا منه فقط، وكان بالفعل يكسر قواعد الواقع، لأنه إذا لم يتم تدمير هذا العمود، فهناك بالفعل احتمال أن يستمر في الامتداد لمليار ميل آخر، والطاقة بداخله تبدو لا نهائية.

كان هذا النوع من القوة يفوق إلى حد ما قوة السامي أو رئيس السحرة.

دفع روان نفسه بعيدًا عن حلقة المحنة، ودفع نفسه بعيدًا عن القوة التي لا هوادة فيها لـ “الإضمحلال” وعيناه تتطلعان من خلال الجليد حيث كان جسد الطاغية نارغال يشق طريقه ببطء عبر بحر الظلام البدائي!

كان هذا الكائن قديما جدًا وقويًا جدًا أيضًا، يا له من مزيج رهيب.

لقد فهم روان قوة هذا الجليد الأسود، حتى داو ما لن يكون قادرًا على التحرك بوصة واحدة وهو محاط بجزء بسيط مما استخدمه على هذا المخلوق!

بدأ ضوء أحمر خارق يتألق من عيون الطاغية نارغال بينما أصدر الجليد صوت صرير خافت، وسوف يندلع قريبًا، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت.

كان ذلك لأن إدراك روان كان حادًا لدرجة أنه كان بإمكانه حتى اكتشاف أن طاغية النارغال كان يتحرك، وإذا حافظ على هذه السرعة، فقد يستغرق الأمر قرونًا للهروب من حبسه.

استقر روان بينما كان يحلل بسرعة المناوشة التي حدثت.

لم يكن هذا الطاغية ساميا ولا ساحرًا كبيرًا، بل لم يستطع روان أن يلحظ أي أثر للأثير في أيٍّ من حركاته، وكان كل ما يفعله مجرد قوة خالصة، ولكن هل هذا كل ما في الأمر؟ ظن روان أنه لا، بل كان هناك شيء يغيب عنه.

فجأة تحول جسد روان إلى اللون الذهبي واختفى من مكانه، وبعد لحظة بالكاد من اختفائه تحطمت المساحة التي كان يشغلها إلى قطع، حيث مزق فأس ضخم مصنوع من العظام تلك المنطقة.

ظهر روان على بُعد آلاف الأقدام، ونظر بوقار إلى جسد طاغية النارغال الذي كان يبني نفسه من ساقه إلى أعلى من مليارات الديدان الحمراء المتلوية. لوّحت أربعة فؤوس ضخمة في الهواء، ممسكةً بخيوط الديدان الحمراء الكبيرة، فانهار الجسد المغلف بالجليد الأسود ببطء إلى العدم.

إن الضوء الأحمر في عيون الطاغية نارغال لم يكن مجرد ضوء، بل كان نية!

هذا ما كان يفتقده! لم تكن قوة الطاغية نارغال تأتي من عضلاته أو دمه، بل كانت كلها من نيته، لكن نيته لم يكن موجهًا نحو العالم، بل كانت مركزة على جسده.

كانت هذه الطريقة الجديدة في استخدام النية مثيرة للاهتمام، ومن المؤكد أنها تتطلب نوعًا خاصًا من البنية الجسدية لتنفيذها، أم كانت فوائد وجود تقنيتك في مرحلة الأصل؟

لم يعتقد روان ذلك، كما هو موضح في المعلومات التي حصل عليها من المكتبة القديمة، حتى في مرحلة الأصل لا يمكن للنية أن تحول الجسم إلى هذه الحالة.

يجب أن تكون هذه بنية جسدية فريدة من نوعها يمنحها الكون لمن ابتكر تقنية يمكنها الوصول إلى مرحلة الأصل.

“أنت لا تقاتل مثل المحارب الهائج”، قال الطاغية نارغال، وكان جسده قد انتهى من إعادة تشكيل نفسه لكن روان لاحظ أن جزءًا من جسده سوف يتجمد ويتفكك فقط ليتم استبداله بالديدان الحمراء المتلوية التي حلت محل الأجزاء التالفة.

ربما يكون قد هرب من سجنه الجليدي لكن طاغية النارغال قد تضرر إلى حد ما، وكان روان سعيدًا جدًا بهذه النتيجة، حيث أنه في المرة الأولى التي استخدم فيها هذه القوة، لم تخيب النتائج آماله.

“بالطبع، أنا لا أقاتل مثل المحارب الهائج، لانه ليس أنا، أنا هنا فقط لأحصد قوته،” أجاب روان، وعيناه الذهبيتان الثاقبتان تنظران إلى طاغية النارغال وابتسم، “أنا أكثر من ذلك.”

“إذن لن تفوز.” هدر الطاغية نارغال وهاجم، وكانت سرعته تكاد تكون انتقالًا آنيًا، لكن روان أطلق ثورانًا، موجهًا كل تلك القوة إلى رشاقته، وتوقف العالم، حيث بدا أن الزمن توقف عن العمل.

كان يستطيع الآن بالكاد رؤية الطاغية نارغال وهو يقترب منه، وكان تأثير هجوم روان السابق لا يزال واضحًا لأنه لم يكن يتحرك بسرعته المستحيلة السابقة، على الرغم من أن سرعته تأخرت بجزء بسيط فقط، إلا أنه في مستويات قوتهم كان ذلك كافيًا لترجيح كفة ميزان المعركة لصالح روان.

في رأسه، تلا روان، ‘لقد حان الوقت للتراجع، قاتل بقوتك الحقيقية، أنت بدائي ناشئ، أنت من المفترض أن تقف على قمة كل الخلق!’

سكت قلبه الفارغ، وساد الهدوء في وعيه وشعر وكأنه يريد الغناء تقريبًا.

انتظر حتى شمّ رائحة مسك الطاغية نارغال، ونظر في عينيه الممتلئتين بشغف القتال. كادت السيوف الأربعة المصنوعة من النية أن تلامس جسده، ثم ابتسم روان.

لقد توقف الكون.

من كل مسام جسده، أطلق العنان للظلام، ظلام أراضيه، البحر البدائي.

لفهم ما حدث بعد ذلك، يجب على المشاهد أن يكون على بعد مليون ميل من حلقة الضيقة، لا… عشرة ملايين ميل.

كان الفضاء شاسعًا، ورغم أن حلقة المحنة كانت تتألق كنجم من هذه المسافة، إلا أنها بالكاد تُلاحَظ من هذه النقطة. انبعث صدى أشبه بموجة صدمة من موقع المعركة حيث تشابكت أذرع بدائي ناشئ والطاغية نارغال.

موجة من البرودة اجتاحت هذا المكان الذي كان على بعد عشرة ملايين ميل من تلك المعركة، وسافرت أبعد في الفضاء، كسقف تجمد كل شيء، حتى الواقع نفسه، وبدا الفضاء وكأنه تحول إلى مرآة.

ثم ظهر على الفور كوكب مصنوع من الجليد الأسود، قطره أكثر من مليون ميل، كوكب كان بحجم نجم في السماء، ويتألق بظلام عميق جعل كل الواقع يتجمد، ثم انكسر الواقع مثل الزجاج على بعد ملايين الأميال.

لقد كانت هذه نهاية العالم الحقيقية.

الترجمة : كوكبة