السجل البدائي - الفصل 510

الفصل 510: مكافآت عظيمة… تكاليف باهظة

كالحمى التي تُصيب عقله، سحب روان الكتاب بسرعة إلى جانبه. ارتجفت يداه قليلاً، ولم يكترث حتى الآن إن كانت أفعاله ستُورّط أندار. مد ذراعيه وأمسك بالكتاب.

وعندما لمسه أدرك بسرعة أنه حتى مع وجود اثني عشر عمودًا للوعي سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا بالنسبة له لجمع المعرفة بأكملها في الوقت المناسب، وفي خطوة حاسمة لم يهتم إذا ندم عليها في المستقبل، استخدم أعمدة وعيه بالكامل للاتصال بهذا الكتاب وبدأ في تنزيل جميع المعلومات.

شعر بنبضة في جسده الرئيسي في قصر إيروهيم، لكنه تجاهل الأمر تمامًا، فقد كان كل شيء منصبًا على جمع هذه المعلومات. شعر بتوقف كل نشاط جسده الرئيسي، إذ هبط كل ما هو “روان” على هذا المكان ليتلذذ بهذه اللذة المطلقة أمامه.

بلغت روح أندار أقصى حدودها، لكن روان لم يُبالِ، بل سحب من مخزون القوة الذي كان قد احتفظ به في أعماق جسد أندار، وبدأ بتوسيع روح أندار. لم تُخلق هذه القوة لهذا الغرض، وكانت مضيعةً كبيرة، ولكن إن استطاع استغلالها لكسب وقت ثمين، فقد كان الأمر يستحق العناء.

كانت هذه خطته الاحتياطية عندما كان شيء فظيع على وشك أن يحدث لأندار، لكنه أخذهل كلها واستخدمهما دون اهتمام.

استغرق الأمر ثلاث دقائق إضافية كاملة قبل أن يتمكن من جمع كل المعلومات الموجودة في هذا الكتاب الذهبي، وبشهقة سريعة، اختفى من جسد أندار. تاركًا روح أندار أعظم بكثير من ذي قبل، لكن الطفل أغمي عليه عندما عادت روحه مسرعةً إلى جسده تنتظره خارج المكتبة القديمة، حيث انهار.

*****

ربما كان روان قد غاب لمدة ثلاث دقائق، ولكن لأنه كان مسؤولاً عن العديد من التخصصات والمشاريع في وقت واحد، فإن آلة الحرب بأكملها كادت أن تتوقف، ما فعله كان خطيرًا بشكل لا يصدق وغبي بصراحة، لكنه لم يهتم بهذه التفاصيل بالذات في هذه اللحظة، لأن ما اكتسبه من ذلك الكتاب الذهبي كان لا يقدر بثمن حقًا.

كان الأمر ثمينًا جدًا بالنسبة له لدرجة أنه كان بمثابة الفارق بين النصر والهزيمة. لطالما بحث روان عن سلاحٍ لمواجهة والده، وأخيرًا، رأى الأمل. بمحض الصدفة أو الحظ، عثر على واحدة من أعظم الفرص التي سنحت له في حياته.

كان هناك سبب لسعادته الشديدة، فالكتاب الذي لمسه ينتمي إلى كون تم تدميره منذ فترة طويلة للغاية.

زمنٌ بعيدٌ جدًا، كأنه مضى إلى الأبد. المهم هو أن نهاية هذا الكون لم تأتِ لأسبابٍ طبيعية، بل نتيجة حرب، وكانت تلك الحرب بين النورانيين، الشياطين، والطواغيت!

كانت هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها عن مصطلح الطواغيت، لكنهم كانوا مرعبين بنفس القدر مثل نظرائهم النورانيين والشياطين.

كان هذا الكتاب سجلاً للحرب بأكملها التي استمرت لمدة 350 مليون عام ولم تستهلك كونًا واحدًا فقط، بل عشرات الأكوان وهذا الكتاب لم يسجل حتى نهاية الحرب، لأن الكون الذي كان بداخله تم تدميره قبل النهاية.

لم يكن روان يعرف حتى ما إذا كانت الحرب لا تزال مستمرة حتى الآن، ولم يكن يهتم، فمثل هذه الأمور لا تزال بعيدة المنال بالنسبة له في الوقت الحالي، وما جعل هذا الكتاب قيماً للغاية هو أنه كشف عن شيء مهم.

لقد أظهر له كيف تبدو معركة على نطاق كوني، فقد كان يمتلك اللوجستيات وسجلات مئات الملايين من السنين من الحرب. هذه المعرفة الواسعة لأي شخص آخر ستكون كنزًا عظيمًا، أما بالنسبة لروان، فستكون كل ما يحتاجه لحربه.

بدلاً من أن يتخبط في طريقه عبر عدد لا يحصى من الحملات، حيث كان عليه أن يضحي بقدر كبير من الأصول ليبدأ في تعلم كيفية خوض مثل هذه المعارك، أصبح لديه الآن خريطة طريق قيمة ليتعلم منها.

على الرغم من أهمية هذه المعلومات بالنسبة له، إلا أنها لم تكن أعظم حصاداته.

ما تم تسجيله هنا كان سجلات دقيقة للغاية عن كيفية خوض النورانيين للحرب، وأنواع المعدات التي استخدموها وأعظم الأسلحة التي كانوا يمتلكونها، بما في ذلك التفاصيل المتعلقة بأسطولهم وحصونهم.

تشمل هذه الأسلحة أسلحةً يُمكن استخدامها لتدمير عوالم رئيسية متعددة، وجميعها كانت حكرًا على النورانيين وحدهم. كان بعضها بحجم مبنى، بينما كان بعضها الآخر بحجم نجوم متعددة، وكانت موجة القوة المنبعثة من كل سلاح كافيةً لتشويه الواقع.

كان لدى روان قوات. كان لديه نورانيون يُقدر عددهم بالملايين، وسرعان ما سيصبح عددهم بالمليارات.

قبل هذه اللحظة، لم يكن ليعرف أبدًا أنه لم يكن يستغل جيشه بكامل إمكاناته.

كان يعلم أن من يقودهم هم جنود أقوياء، لكنه لم يُجهّزهم للحرب. كانوا جنودًا يتجهون إلى ساحة المعركة بأيدي فارغة، ولولا حصوله على سجل الحرب هذا، لظلّ جاهلًا حتى خرج من الكون.

لماذا لم يفكر قط أن نورانييه بحاجة إلى أدوات تكميلية أخرى لجعل قدراتهم تتألق في حرب واسعة النطاق مثل الحرب الكونية؟

لقد تأثر بالقدرات العديدة التي يمتلكها نورانيوه واعتبرها جيدة بما فيه الكفاية، لكنه الآن عرف أنهم مثل النمور، إذا نجح في هضم كل هذه المعلومات، فسوف يعطيهم أجنحة.

بينما كان ينتظر استيعاب المعلومات، قام روان بسرعة بمراجعة جميع الأحداث التي وقعت في الدقائق الثلاث الأخيرة أثناء غيابه.

لأنه سحب كل وعيه من جسده الرئيسي، فإن جميع إستنساخته التي كان يستخدمها قد توقفت ببساطة، لكنهم سرعان ما استأنفوا عملهم عندما عاد ولم يعاني من أي خسارة في تلك المناطق.

ساد الصمتُ فضاؤه العقلي مع توقف غرفه الثلاث عن العمل. إهتزت عيت بئر المعرفة الضخمة، عديمة الجفون، وتَحَوَّلت إلى ذهب، وهدأت عاصفةُ الإسطرلاب الفضية الدوامة، وتوقف الدخانُ المنبعثُ من الحدادة الجوفاء.

تحول ملايين نورانيي تشار إلى تماثيل وتحول بحر الظلام البدائي إلى جليد أسود.

حتى نورانييه المستيقظين وثعابين أوروبوروس قد ناموا. وقد حدث هذا الأمر نفسه لجميع النورانيين الذين احتفظ بهم متخفين في الإمبراطورية، وفي المجرات العديدة التي كان يتسلل إليها بهدوء.

الترجمة : كوكبة