السجل البدائي - الفصل 491

الفصل 491 شفرة الحمم البركانية

كان هناك أكثر من ثلاثمائة من المساعدين من الرتبة 1 إلى 3 يقفون أمام منصة مرتفعة يبلغ ارتفاعها حوالي أربعة أقدام أمامهم جميعًا.

أثار ظهور أندار ضجة كبيرة، إذ توقف حوت السحاب على ارتفاع مائتي قدم في الهواء، فقفز من ذلك الارتفاع. أشار بكفيه إلى أسفل، فاندفعت من تحته هبة ريح متناسبة تمامًا مع وزنه، فظل واقفًا في الهواء.

مع سترته التي ترفرف حوله، خطا خطواتٍ هوائيةً نحو الأرض وهو يهبط كروحٍ سوداء. عندما وطأ قدمه الأرض، خيّم الصمت على موقع الاختبار بأكمله، إذ انعكست نظراتٌ مختلفة في عيون الجميع.

من الحسد إلى العزم إلى الإعجاب الشديد الذي يشبه التعصب من جانب كاسري الحدود، صمت الجميع عند وصوله، واستقر أندار في محطة عمله منتظرًا بدء الاختبار، وأومأ برأسه نحو المساعدين الذين تعرف عليهم والسحرة الذين كانوا يجرون الاختبارات.

لم يكن أيٌّ منهم فوق الرتبة الثالثة كساحر، وكان العديد منهم معلمين ومرشدين لمئات السنين. كان أندار يُعرف بكنز البرج الأسود، وقد بذلوا جميعًا ما في وسعهم لإرضائه.

همس رئيس منسقي الاختبار إلى أندار، وبدا الأمر وكأنه يتحدث بجانبه: “لقد سمعنا عن مساعيك، وسوف نقدم لك أي مساعدة تحتاجها لتحقيق النجاح”.

أومأ أندار برأسه مجددًا، فقد كان يعلم أنهم جميعًا يأملون في الصعود إلى الحصول على وده عندما ينهض في المستقبل، وقد شجعت كل تصرفاته معظمهم تدريجيًا على استحقاقه لمثل هذه الإشادة. يجب أن نعلم أن حتى ميرا، التي تُعرف بثاني أكثر تابعة موهبة بعد أندار، كانت لا تزال تابعة من المستوى الأول!

على الرغم من أن أندار قضى ما يقرب من شهر داخل القبو اللانهائي دون تلقي أي مساعدة خارجية، إلا أنه أصبح مساعدا من الدرجة الثالثة، ولم تكن هذه السرعة غير مسبوقة فحسب، بل كانت سخيفة أيضًا، خاصة عندما أصبح من الواضح أن فن التأمل الذي كان يمارسه هو القبو اللانهائي الشهير، وهو شيء يُشاد بصعوبته.

مع وصول أندار، بدأ الاختبار. كان كل اختبار عشوائيًا، وكان من الممكن أن يختبر المعرفة النظرية للمساعدين أو اختبارًا عمليًا لاختبار قدرتهم على ترتيب التشكيلات.

ومع ذلك، كان الاختبار الحالي مختلفًا بعض الشيء، لأنه جمع بين الاثنين، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في اختبار تمهيدي، لأنه كان عادةً يقوم بأحدهما أو الآخر، وليس كليهما في نفس الوقت.

اعتبر أندار أن هذا التغيير نتيجة أفعاله، فلا بد أن أحدهم يحاول إذلاله أو كبح جماحه. وسيُخيّب آماله اليوم.

انفتحت قمة المنصة لتكشف عن ثلاث صفائح من الفولاذ الطري، وهي مادة أساسية لنحت التشكيلات. وبجانبها كان هناك كتاب كبير وقلم. احتوى الكتاب على ألف سؤال.

كان التشكيل المراد نحته تشكيل حاجز بسيطًا مع لمسة طفيفة. كانت هناك ثلاث قطع من الفولاذ الطري هنا، وكان نحت تشكيل الحاجز على واحدة منها كافيًا للحصول على علامة النجاح، ولكن للتفوق، يجب أن تتحلى بالإبداع، لذلك تم توفير المزيد من الفولاذ الطري لتجارب المرشح.

المكان الأول سيكون للشخص الذي استخدم لوحات التكوين والتي كانت في هذه الحالة الفولاذ الناعم، والتي تم إعطاؤها لهم بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق أقصى قدر من تأثير تشكيل الحاجز.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأسئلة المقدمة ستكون هي الأسئلة الأصعب والأكثر إرباكًا، وكان هناك ألف منها.

كان الوقت هو العامل الأعظم في نجاحه وكان أندار مدركًا لهذه الحقيقة، فاستدعى ثلاث دفعات من الرياح المتحكم بها والتي كانت تدور في دوامة ورفع قطع الفولاذ الناعم الثلاثة ووضعهم أمامه.

أغمض عينيه للحظة وجيزة ونظم أفكاره، وقام بسرعة بإجراء مئات الحسابات باستخدام الإرادة الرمادية، حتى عثر على المخطط الأكثر فعالية لتشكيل الحاجز الذي أراده.

باستخدام دفعة أخرى من الهواء، قلب كل الصفحات الألف وبدأ في حلها جميعًا داخل رأسه، كانت الإرادة الرمادية ضرورية جدًا في هذه الخطوة، حيث مر بسرعة بكل الصفحات الألف في غمضة عين.

لم تستطع الإرادة الرمادية أن تجعله يفكر أسرع، لكن قدرته تجاوزت ذلك، إذ كان قادرًا على إنشاء محاكاة لا نهاية لها، لكن عيبه الوحيد كان عدم قدرته على تفعيلها لفترة طويلة وإلا تحول إلى حجر. مع ذلك، مع ازدياد قوته في المستقبل، ستقل أيضًا الآثار الجانبية لاستخدام هذه القوة.

استغرق الأمر خمسًا وعشرين دقيقة حتى انتهى من جميع عمليات المحاكاة والحسابات. كان الجميع من حوله إما قد بدأوا بنحت تشكيلاتهم أو الإجابة على الأسئلة.

كان أندار هو الوحيد الذي بدا وكأنه ضائع في أفكاره ويحدق في الفضاء مثل المجنون.

زفر بعد أن انتهى، وأشرقت عيناه الفضيتان. تجدر الإشارة إلى أن أندار نادرًا ما يُظهر أي قوة إلا لفترة وجيزة، وعند الحاجة فقط. كان من النادر أن يصل إلى هذه المرحلة، لكنه لم يعد يتردد هذه المرة.

لقد تجاهل الشفرة الحادة المستخدمة في النحت على لوحة التكوين، وصنع شفرة مصنوعة من عناصر الأرض والنار، وظهرت شفرة حمم بركانية ساطعة بجانب يده اليسرى تحملها الريح برفق.

كما سحق أندار القلم وجمع الحبر في كرة صغيرة، وبدأت أفعاله تجذب الانتباه، سواء من المعلمين المشرفين على الاختبار الذين كانوا جميعًا سحرة، أو من معظم المساعدين الذين أرادوا معرفة ما كان على وشك القيام به المساعظ الأكثر شهرة في التاريخ.

لم يكن أندار قادرًا على أداء مهام متعددة بفعالية مثل جسده الرئيسي، لكن روحه كانت قوية بما يكفي لدرجة أنه كان قادرًا على تقسيم وعيه إلى ثلاثة أجزاء، وهي موهبة يكتسبها السحرة في الغالب بسبب أرواحهم.

لف شفرة الحمم البركانية بالهواء وبدأ في نحت مسار تكوين الحاجز على الفولاذ الناعم بها، وأنشأ ثلاثة تيارات من الحبر من كرة الحبر التي كانت تطفو بجانبه، واستخدمها للكتابة على جانبي الصفحة في وقت واحد.

الترجمة : كوكبة