السجل البدائي - الفصل 481

الفصل 481 الضباب الأزرق

كان دخول هذه الحانة مهمةً شاقةً بحد ذاتها. كادت ترتجف عندما شعرت بموجةٍ هائلةٍ من القوة تنبعث من هذه الشخصيات. لم يكن جميعهم من المهيمنين، بل كانت لتقسم أنها رأت أيضًا سحرةً وشياطين يجلسون خلف بعض الطاولات، لكنها سرعان ما هدأت عندما تذكرت أن كيرين البرق قد أقسمت على أنه تم منع أي شخصٍ من ارتكاب أعمال عنف على هذا الكوكب.

كان هذا أحد أكثر الأماكن أمانًا في الإمبراطورية بأكملها، بعد العاصمة أروث.

رغم أنها شعرت بموجة عنفٍ مُتصاعدة بين رواد هذه الحانة، الذين لم يكن يكبحهم سوى القيود المفروضة. أعداءٌ كبارٌ يجلسون جنبًا إلى جنب، ولا أحد منهم مستعدٌّ لكسر هذه القاعدة.

جلست سيرسي على طاولة فارغة في منتصف الحانة، وطارت أرخميدس لتطلب مشروباتهما. تنهدت بارتياح عندما لاحظت أن طاولتها مزوّدة برموز رونية تحجب موجات الطاقة المتسربة من أجساد الجالسين عليها.

من صنع الأحرف الرونية يجب أن يكون صانع رون ماهرًا، حيث أنها لم تمنع موجة الطاقة التي ينبعث منها الأشخاص الموجودون هنا فحسب، بل كانت تؤدي أيضًا وظائف أخرى، مثل حجب الأصوات أو المشاهد، وكان من الممكن أيضًا مشاهدة الأخبار الحالية، والتعامل في الأعمال التجارية والعديد من الوظائف الأخرى المتاحة باستخدام شاشة ثلاثية الأبعاد معلقة في منتصف الطاولة.

كان الضغط الذي تعرضت له سيرسي مذهلاً في الأيام القليلة الماضية. بالكاد نجت من تفاعلها القصير مع السامي في المكان الذي ذهبت إليه لاستعادة الصندوق الذي تركته لها نانا والذي لم تفتحه بعد، ومع تزايد عدد الكائنات القوية التي قابلتها أثناء حمل أرخميدس لها عبر المجرة، دفعها ذلك إلى التساؤل مرارًا عن دوافعها.

كان الإيمان أمرًا بسيطًا في بيئة آمنة، لكن هذه المعتقدات ستُختبر حقًا عندما لا يوجد ما يحميها من العاصفة، وقد اختارت سيرسي أن تؤمن بنفسها. كان هذا تقريبًا استنتاجها بعد أن مرّت بتجربة الأيام القليلة الماضية المروعة، وأدركت أن الأمر سيزداد صعوبة من الآن فصاعدًا.

كانت بأمان مع روان الغامض، لكنها لم ترغب في الانجرار وراء لوائه. كان هذا الرجل يُخيفها بشكلٍ لم تعرفه من قبل، ولن تُنكر أنها وجدته أيضًا ساحرًا للغاية.

دخل عالمها وتغير كل شيء، كان شيئًا عظيمًا ومرعبًا في آنٍ واحد، كعاصفة، والقرب منه أشبه بالوقوف بجانب إعصار أو بركان ثائر. كانت سيرسي يراعة، وروان شعلة أبدية، ستفقد نفسها إن لم تهرب.

حتى الآن، كانت رغبة التواصل معه حاضرة في قلبها، كانت تعلم أنه سيستمع، وأن عينيها الذهبيتين كعيني التنين ستجعلان مشاكلها تبدو تافهة. كان سيبتسم ابتسامةً ساحقة، ويقول: “هذا لا شيء أمامي…”

عادت أرخميدس وهي تحمل بين يديها زجاجتين ثقيلتين من سائل رغوي غامض، قاطعة الخيال في ذهنها.

“اشربي يا فتاة، بعد كل هذا الضغط النفسي الهائل الذي تحملناه خلال الأيام القليلة الماضية، نستحق بضع قطرات من أروع مشروب في المجرة. صدقيني، لقد أوصلتنا إلى هنا، سابع أروع مشروب في القائمة، الضباب الأزرق! أتمنى لو أستطيع طلب المزيد، لكن عليّ أن أكون سامية لأشتري شيئًا بهذا السعر. يا الهـي ، أريد أن أتذوق أفضل مشروب في القائمة قبل أن أموت.”

تنهدت كيرين كيرين بأسف وفتحت الزجاجات، وكادت سيرسي أن تطير من الرائحة القوية المنبعثة من الزجاجات المفتوحة، متجاهلةً سيرسي، ابتلعت كيرين كيرين زجاجتها بلذة، ووجهها الشبيه بوجه القطة يرتجف من شدة اللذة.

سقطت في حالة استرخاء تام على كرسيها، وعيناها مغمضتان وهي تتجشأ، وبدأ بخار أزرق يتصاعد من جسدها، وتنهدت بلذة قبل أن يغطى جسدها بالكامل بالضباب الأزرق.

بعد عشر دقائق فتحت عينيها وعقدت حاجبيها، كانت سيرسي لا تزال تنظر إلى زجاجتها، أطلقت صاعقة صغيرة على الفتاة وتأوهت بصوت عالٍ، “ يا الهـي يا فتاة، اشربي هذا الشيء اللعين، لا تخبريني أن القليل من الخمر سيجعلكِ تفركين يديك مثل عذراء صغيرة على وشك أن تُضاجع. انتظري، هل ما زلتِ عذراء؟”

عبست سيرسي عند سماع كلماتها الفظة، لكنها التقطت الزجاجة بحزم وبدأت في ابتلاعها،

“هذا هو…” غنت أرخميدس، “أبطئ قليلاً، أنتِ لا تريدين أن تختنقي، إذا فعلتِ ذلك، سيتم تفجير رأسكِ بالكامل، أنت تبتلعين طاقة كافية لإضاءة مدينة.”

اختنقت سيرسي، وبقوة إرادتها منعت نفسها من بصق الشراب، حتى لو لم تمت، فسوف ينفجر نصف وجهها، ‘هذه القطة السخيفة تحب لعبتها’، غضبت داخليًا.

وبعد أن انتهت، فتحت فمها لإدانة أرخميدس، ثم توقفت عندما بدأ الضباب الأزرق يتسرب من كل مسام في جسدها، وغمرها شعور بالاسترخاء لم تعرفه من قبل.

“لقد أخبرتك أنني سأحضرك للحصول على الأشياء الجيدة، أليس كذلك؟” ابتسمت أرخميدس واسترخيت في مقعدها.

وبقيا على هذا الحال لفترة من الوقت، فقدا في النعيم عندما شتت انتباههما فتاة ذات شعر أبيض جاءت إلى طاولتهما لجمع الزجاجات وسألتهما إذا كانا يريدان المزيد.

بدت أرخميدس متضاربة قبل أن تئن، “اللعنة، دعينا نكسر البنك. جولتين أخريين.”

“قادمًا في الحال،” ابتسمت الفتاة، وبدت أسنانها البيضاء شديدة اللمعان عند وضعها على بشرتها السوداء.

كان هناك شيء ما في بشرتها السوداء وشعرها الأبيض الطويل أثار اهتمام سيرسي، لكنها كانت غارقة للغاية في ضباب الكحول لدرجة أنها لم تتمكن من فهم مصدر قلقها.

وصلت المشروبات قريبًا ولم يكن لديهمغ الوقت للاستمتاع بها عندما اقتحم شخص قوي الحانة ولم يكلف نفسه عناء إخفاء هالته.

نظر الرجل حوله ووقع نظره على سيرسي وأرخميدس وابتسم.

الترجمة : كوكبة