السجل البدائي - الفصل 476

الفصل 476 واهب النور

كان روان بحاجة إلى حصاد مجرة سيروليان بأكملها لكسب هذا الرقم، الذي كان أقرب إلى تريليون نقطة روح، لكن هذا ما كان يحتاجه من أجل النمو والاستفادة من قدراته القوية.

وبعد أن اتخذ قراره بشأن سلسلة الإجراءات التالية، وضع خططه موضع التنفيذ.

بدأ روان بتوسيع أراضيه، ليس ظاهريًا، لأن بحر الظلام البدائي كان قد وصل بالفعل إلى حافة فضائه العقلي، وكان عليه فقط أن يجعل هذا البحر الذي كان عمقه أقل من ستة أقدام بحرًا حقيقيًا ذو أعماق لا نهاية لها.

إن استخدام 2400 بلورة روحية في وقت واحد من شأنه أن يخلق ضجة هائلة بسبب تريليونات الجالونات من مياه البحر التي سيتم إنتاجها على الفور تقريبًا.

لأنه لم يرغب في إزعاج سلام النورانيين الأربعة الذين كانوا على وشك الوصول إلى ذروة نضجهم، نقل روان بلورات الروح إلى حافة أراضيه، وبفكرة واحدة، سحقهم جميعًا، موجهًا مادة الخلق لإنتاج بحر الظلام.

انطلق صوت انفجار قوي من المنطقة التي سحق فيها للتو بلورة الروح، وأشع ضوء أسود بقوة كبيرة لدرجة أنه أرسل تموجًا انتشر في جميع أنحاء فضائه العقلي، ومن الهواء الرقيق بدأ فيضان هائل من مياه البحر الأسود في الظهور وامتد لآلاف الكيلومترات.

انفجر البحر تحته مع تدفق تريليونات الجالونات من الماء كل ثانية، حيث ارتفعت موجة هائلة تجاوز ارتفاعها ثمانمائة ميل من البحر وبدأت بالانتشار. انطلق ضباب أسود بقوة هائلة، حتى أن الفضاء داخل فضائه العقلي التفت، واشتعلت أكثرها في الهواء، مُنتجةً أضواءً فسفورية بيضاء.

اهتز وعي روان وتم دفعه بقوة إلى الوراء لأن القوة التي تم توليدها في تلك المنطقة كانت كافية لسحق قارات متعددة إلى غبار.

على الرغم من أن موجة المياه كانت هائلة قبل أن تصل إلى مركز فضائه العقلي، إلا أنها هدأت، ولم تترك سوى تموج بسيط بالقرب من مركز فضائه العقلي.

فحص روان حالة بحر الظلام البدائي، فاكتشف أنه ازداد عمقًا بمقدار عشرين قدمًا أخرى. كان هذا نموًا هائلًا، وتساءل: لو لم يستخدم طاقة سو لتوسيع نطاقه، بل اعتمد على الوقت والزراعة لسحب الأثير من الكون، لكان قد أمضى ملايين السنين ليصل بنطاقه إلى هذا المستوى.

لم يعد بركة، بل بركة ماء، فكّر بسخرية. ازدياد بحره البدائي يعني أن قوته قد قفزت قفزة هائلة إلى الأمام.

كان الوقت يقترب، إذ سيحتاج إلى استخدام قدر هائل من القوة، إذ لم يتوقع أن يبقى ما يحدث داخل المجرة طي الكتمان طويلًا. حينها، ستتطلب منه محاربة هذا العدد الكبير من السَّامِيّن وجيوشهم في آن واحد إطلاق العنان لقواه دون قيود.

مثل هذا المنظر سيكون… كارثيا.

بعد إتمام هذه المهمة، انطلق لإيقاظ ألفي ملاك. استعان بإيفا لهذه المهمة، وبدأت هي باختيار نورانيي تشار لإيقاظهم.

أول من تم اختياره كان النورانيون الذين يتناغمون مع سوريال، وإروديل، ونيزراكيم، ودورا. ولأن هؤلاء كانوا أول رؤساء النورانيون، كان من الضروري إيقاظ نظرائهم المندمجين. بعد ذلك، حرصت إيفا على اختيار النورانيون الذين يتناغمون مع مئات نورانيي تشار قادريين على أن يصبحوا ملوكا واكثر.

وكان سبب هذا القرار هو تطهير النية من هؤلاء النورانيون مسبقًا حتى يتمكن روان من بدأ دمج النورانيين الأقوياء بعد إستيقاظهم مباشرة.

بعد أن تم اختيار كل الألفي ملاك تشار، قام روان بجذبهم إلى وعيه المنتظر فوق البحر البدائي، وبنفس الطريقة، أخرج ألفي عين.

في السابق كانت هذه العيون تحيط بعرشه الجليدي، ولكنها الآن تنمو بسرعة في قاع بحر الظلام البدائي، وإذا تمكنت من النظر عبر الظلام والنظر تحت البحر، فستجد عددًا كبيرًا من العيون بلا جفون تنتشر في قاع البحر، لدرجة أنها تشبه الرمال.

بعد أن وضع عين بجانب كل ملاك، بدأ في غرس كل الألفي عين بنقاط الروح التي اكتسبها من سحق ألفي بلورة روحية، وكما لو كانت هناك رؤوس حربية نووية حرارية لا تعد ولا تحصى تنفجر، انفجرت أجساد نورانيي تشار بالضوء.

كان النور ساطعًا لدرجة أن عُشر مساحة روان العقلية أُضيئت. بدا هذا التوهج تحديًا لمدينة شيول، فتحولت إلى مدينة منيرة.

في البداية، ظن روان أن هذه المدينة تحتوي على مباني ذات أضواء ساطعة، لكنه اكتشف أنها مصنوعة بالكامل من الضوء.

ضوءٌ من كل الألوان نسجته لتُشكّل مدينةً شاسعة. جسورٌ من ضوءٍ بنفسجيّ وجدرانٌ من أضواء فضية، منازلٌ وأنهارٌ وأشجارٌ، جميعها مصنوعةٌ من ضوءٍ بألوانٍ مختلفةٍ أشرقت بنعومةٍ لم تؤثر على مشهد هذه المدينة الخلابة.

انبهر روان للحظة، وخطر بباله أن تحول مدينة شاول ربما لم يكن عشوائيًا، وأن كل مشهد تحول إليه لا بد أن يكون موجودًا في مكان ما، أو ربما كان موجودًا في الماضي البعيد. وتساءل أيضًا إن كان بإمكانه إحداث هذا التغيير، وما هو المحفز له.

كانت التغييرات التي حدثت لنورانيي تشار سريعة، وفي غضون ثوانٍ قليلة، اهتز الهواء فوق بحر الظلام البدائي عندما اصطدمت ألفان من الركبتين بالهواء الفارغ، وارتفعت أجنحة من الذهب واللهب في الهواء.

قام روان بإنشاء استنساخ حول وعيه، وقد تفاجأ عندما تحولت الملابس الحمراء والدروع التي تأتي عادة مع هذا التحول إلى دروع وأردية بيضاء وذهبية.

بدأ جسده يتألق بالنور الذي انعكس من الأجنحة المتوهجة لنورانييه حديثي الولادة، وهتفوا مثل الرعد.

“كل التحية للمنشئ.”

“كل التحية لواهب النور.”

أشرق مجد روان على ظلام البحر، وامتدت أطراف ردائه لأكثر من ألف قدم خلفه، حتى أصبح نوره مبهرًا مثل الشمس.

خلفه، انطلقت خمسة أشعة من الضوء في وقت واحد من الجدران المتوهجة لشاول، والتي اخترقت بعيدا في الأفق.

كان نورانيوه ناضجين!

وصل شعاع الضوء هذا من صعودهم إلى قمة فضائه العقلي، وبدأوا في التجمع، مما أدى إلى ظهور موجات مكثفة من الضوء والحرارة وأمام نظرة روان المصدومة، تحول هذا الضوء إلى أربع شموس!

الترجمة : كوكبة