السجل البدائي - الفصل 473

الفصل 473 التتبع

في ظلمة الفضاء، لمع ضوء ساطع ثم اختفى سريعًا. بدا هذا الضوء تافهًا في فراغ الفضاء الشاسع، لكن هذا كان الدليل الوحيد على أن سفينة إس جي-هاريدون وطاقمها المكون من ألفي فرد وقبطانها قد لقوا حتفهم، أو على وشك الموت في حالة القبطان.

بين الأنقاض، رفع نوراني رأس السير رينولد المقطوع. كان حطامًا مشتعلًا، لا يزال يحترق بلهيب نوراني ذهبي. كان وجهه مشوهًا من الألم واليأس، لكن ما زالت هناك حياة في هذا الرأس الذي يتلاشى ببطء، كان فمه مفتوحًا ومغلقًا وهو يحاول أن يلعن أعدائه، لكن دون جدوى.

كان سامي الأرض يستغرق وقتًا ليموت، فلو تُرك على هذه الحالة، فبدون خصائص روان المدمرة للأرواح مباشرةً، سيستغرق هلاكه وقتًا، ربما أسابيع، أو أشهرًا، أو حتى سنوات. كان سامي الأرض أقرب ما يكون إلى السامي الحقيقي.

على يسار النوراني كان رأس ما يسمى بالعاشق، وكان ينظر إلى كليهما كما لو كان يزنهما بنظرته التي لا وجه لها، وقناعه الذهبي عديم الملامح مقشرًا ليكشف عن ملامحه الجميلة، كان هذا هو إيروديل، الملك، وكان هو المسؤول عن الإشراف على المنطقة.

جمع الرأسين معًا، واستخدم معظم قوته وأغرقهما في النيران، والغريب أن رأس القبطان دُمر أسرع من رأس حبيبته، وآخر شيء رآه السير رينولد هو رأس حبيبته يتحول داخل النيران إلى شيء شيطاني.

انفتح الفم الذي اتجه نحوه لتقبيله على مصراعيه حتى وصل إلى أذنيها وبرزت مئات الأنياب الحادة من فمها، وأصبحت عيناها بركة من الكراهية وتحول شعرها الأشقر الطويل إلى يرقات شاحبة كبيرة.

ثم صرخت، وكان صوتها مثل أظافر على السبورة.

لو استطاع السير رينولد أن يصرخ لفعل. انزاحت الغشاوة عن عينيه، وأدرك أنه كان مع شيطانة طوال هذه المدة، حبيبته شينا… نعم، شينا كان اسمها، وقد ماتت منذ زمن طويل. ماتت بسبب الشيخوخة، تنتظر عودته. كيف له أن ينسى؟ لقد كان مفتونًا بمتع الغزو والسلطة لدرجة أنه نسي حب حياته وتركها تموت ميتة بائسة وحيدة مرفوضة.

كان عزائه الوحيد في الموت سماع صراخ الشيطانة المُعذبة التي انتحلت شخصية زوجته لفترة طويلة. لقد شوّهت ذكراها لفترة طويلة، حتى أن السير رينولد رأى أنه من الصواب أن يُحرقا كلاهما.

لقد ذاق الألم وبكى. “حبيبتي، أنا آسف جدًا… سامحيني.”

في دقيقتين، تحول الرأسان إلى رماد، واختفى النورانيون المحيطون بإيروديل منذ زمن. نظر إلى البعيد وعبس، فهذه أول قضية لهم، وكانت علامة على أن الوقت الذي يمكنهم فيه إخفاء ما حدث هنا سينتهي قريبًا.

بعد الأول، سيأتي الثاني والثالث، وسرعان ما ستُصدم مسألة اختفاء مئات العوالم الصغرى المجرة بأكملها. توقع في البداية رد فعلٍ باهت، فحدوث مثل هذا الحدث كان أمرًا غير مفهوم لمعظم الناس، حتى السامين. لكن صدمتهم لن تدوم للأبد، وعندها ستندلع الحرب.

كان قناع إيروديل الذهبي يغطي وجهه، “دعهم يأتون!”

لقد اختفى مع وميض من الضوء الأبيض عائداً إلى بحر الظلام البدائي، وكان بالفعل قريبًا جدًا من شكله الأقصى وكان صعوده إلى رئيس النورانيين قريبًا جدًا، حتى أنه كان بإمكانه تذوقه.

*****

في أعماق الفضاء، يدور عالم صغير مليء بالماء حول شمسٍ آتية. كان ضوء الشمس ضعيفًا، مما جعل العالم في حالة من الشفق الأبدي.

وبينما كانت الأمواج تتكسر بشكل ضعيف على شاطئ صغير، كان الهواء يموج في الأعلى، وخرج رجل قوي يحمل فأسًا كبيرًا مصنوعًا من العظام.

لقد كان أوروغات، السامي الكبير، الذي انتُزعت منه محنة المحارب الهائج.

كان بحثه بلا جدوى تقريبًا لأن من قام بذلك كان خارج سيطرة القدر، حيث لم يتمكن الرائي من العثور على أي أثر، وهو أمر غريب ولكن كانت هناك طرق يمكنك استخدامها لإخفاء آثارك عن القدر.

ولكنه كان محظوظًا، حيث تنبأ الرائي بوجود شخص سيقوده إلى هدفه، وقد كاد أن يفوته عندما وصل للتو.

تذكر أنه رأى لمحة من إنسانة مع كيرين البرق بجانبها؛ كان يتوقع أن وجوده سيقتلهما، لكن تبين أن هذا ليس هو الحال.

كان أوروغات قد تتبع انتقالهما الآني البعيد إلى هذا الكوكب المُقفر، ولكن بعد فحص كل كائن حي على الكوكب، لم يُعثر على أهدافه. كان سطح هذا العالم مليئًا بالماء، وهالتهما مُنتشرة في جميع أنحاء الكوكب. بالنسبة لأي شخص آخر يُطاردهما، ستكون هذه نهاية الطريق، إذ كان من المستحيل تمامًا تعقبهما بعد مرورهما بهذا المكان.

مستحيل بالنسبة لأغلب الناس، وليس للجميع.

ارتفع أوروغات في الهواء حتى وصل إلى الفضاء، ثم سحب فأسه العظيم، ولوّح به مرتين في حركة قطع. انطلقت من الفأس العظيم موجة قوية من القوة، حمراء وسوداء، امتدت لأكثر من خمسين ميلاً، وارتطمت بالكوكب في الأسفل وسحقته.

تم ضغط مليارات الأطنان من الماء والأرض والمعادن وكل ما يشكل كوكبًا في طبقة كبيرة قبل أن تتحلل إلى غبار.

كانت هذه العملية عنيفة بشكل لا يصدق ولم تستمر إلا لفترة قصيرة.

كوكبٌ وُجد لمليار سنة اختفى دون أثر. كان على هذا الكوكب عددٌ قليلٌ من الكائنات الحية، يبلغ بضع مئات الملايين، ماتوا جميعًا دون أن يعلموا أن مصيرهم قد حُسم بأقلّ من أي تفكير من سامي.

الترجمة : كوكبة