السجل البدائي - الفصل 468

الفصل 468: ميرداس

عدّل الشكل ملابسه ونظر حوله، ثم نحو الأفق بينما كانت عاصفة رملية عاتية تقترب. استدار الشكل ونظر إلى الرونيثوريين الذين تركهما خلفه، فهذه العاصفة ستسلخ لحمهم عن عظامهم إن لم يساعدوهم.

توقفت الشخصية ثم اتخذت قرارًا وألقت الأثير المتبلور على الرونيثور، بدا الحيوانان المهيبان ذكيين حيث أومأوا برؤوسهمل للشخصية وتناولا بلورات الأثير.

وبعد لحظة، اتجها نحو العاصفة وصهّلا بتحدٍّ بينما كان الضوء البني يتوهج من أجسادهما بينما كانا ينتظران أن تضربهما العاصفة.

بخطوات سريعة، دخل الشخص المبنى ودفع الباب الخشبي الدوار الذي كاد أن يسقط من مفصلاته. بدا المكان وكأنه حانة، لكن لم يكن فيه أحد سوى رجل واحد، رأسه على المنضدة، غارق في نوم عميق بسبب شخير الشخص.

كان وجه الرجل يبدو عليه التعب كما لو أنه عاش تحت الشمس لعقود من الزمن، وكان هناك ندوب متعددة على وجهه وكان شعره الأشقر الخشن قد تم تبييضه بواسطة الشمس حتى أصبح أبيض تقريبًا.

خلف الرجل، كانت هناك سكين ملطخة بالدماء معلقة على الحائط. لا بد أن السكين استُخدمت بكثافة، إذ كان شفرتها مشقوقًا، وكان الدم الجاف متكتلًا عليها بكثافة، مع خصلات شعر عالقة بالقرب من مقبضها.

وصل الشخص ذو القلنسوة إلى المنضدة، وطرقها بقوة دون أن يتلقى أي رد. بعد انتظار قصير، طرقها مرة أخرى، لكن هذه المرة كان الطرق مصحوبًا بوميض برق أيقظ الرجل النائم.

“ماذا!” صاح الرجل بقسوة، “لماذا تقاطغ راحتي اللعينة؟”

“أنا أبحث عن شخص ما.” تحدث الشخص ذو القلنسوة بهدوء.

ضاقت عينا الرجل وكأنه يحاول الرؤية من خلال غطاء رأس السائل قبل أن يسعل ويبصق البلغم الذي كان أحمر اللون بسبب الدم على المنضدة حيث استخدم أكمامه لتنظيفه.

في تلك اللحظة، ضربت العاصفة الرملية المكان محدثةً دويًا هائلًا كنيزك يرتطم بالأرض، فاهتز المبنى. كان الشخص ذو القلنسوة على وشك الالتفاف ليرى ما يحدث في الخارج، لكن قاطعه الرجل خلف المنضدة.

“حسنًا، لا تقف هناك فقط، من الذي تبحث عنه؟”

“أنا أبحث عن ميرداس.” تحدث الشخص ذو القلنسوة.

“حقًا؟ يا الهـي ، أخيرًا حصلت تلك السافلة على عقد بعد كل هذا الوقت. اللعنة، لقد خسرت الرهان. هذا يعني أنني سأخسر نصف كبدي… سحقا!”

استدار الرجل واستعاد النصل خلفه، ودفعه بلا مبالاة إلى معدته، وأطلق أنينًا من الألم بينما بدأ في قطع نفسه بنوبة جنونية.

كانت عيناه تخرجان من الألم، وكان العرق يتصبب من جبهته، ومع تناثر الدم في كل مكان بما في ذلك على الشخص الذي يرتدي غطاء للرأس والذي ارتجف، نجح في قطع نصف كبده، وألقاه على المنضدة.

كان العضو لا يزال ينبض ويقطر دمًا، والشخصية المقنعة كادت أن تتقيأ من الرائحة القادمة من العضو الداخلي.

الرجل الذي قطع للتو نصف كبده تنهد من الألم وقال “ستكون معكِ قريبًا، أيتها السافلة اللعينة”.

انحنى الرجل وبدأ سلسلة من الصرير والفرقعة المزعجة تخرج من جسده، وعندما استقام لم يعد رجلاً بل امرأة.

تحول شعره الأشقر الخفيف إلى شعر أسود كثيف، مُجعد ومنسدل على كتفيه الرقيقتين. كل هذا أحاط بوجه بيضاوي ساحر الجمال.

فتحت شفتي المرأة، “مرحبا عزيزتي، أنا ميرداس، وقد استدعيتيني.”

توقفت الشخصية التي ترتدي غطاء الرأس وسحبته لتكشف عن ملامح مألوفة وجميلة أيضًا – سيريس بورياس.

نفضت الغبار عن ملابسها ونظرت إلى المرأة الجميلة خلف المنضدة. صُدمت قليلاً من هذا التحول، إذ كانت المرأة أمامها لا تزال تنزف بغزارة من بطنها، وإن شعرت به، فلم يكن هناك أي أثر له على وجهها المبتسم.

كانت سيريس قوية الإرادة، لكن الغريب والمخيف كانا دائمًا يتركان فراغًا في روحها. مؤخرًا، انكشفت على جانب غريب من الواقع لم تكن لتتخيل وجوده، وسرٌّ من ماضيها هدد بتحطيم نظرتها للعالم وكل ما هو عزيز عليها.

بعد أن صفت رأسها، تحدثت قائلة: “أنا هنا من أجل صندوق الأمان الذي وضعه أحد أفراد عائلتي، إنها…”

“أعرف من هي،” قاطعها ميرداس، “وأنا أعرف من أنتِ أيضًا. انتظري هنا، سأحضر لكِ ما هو لكِ. تم دفع ثمن هذه الخدمة بالفعل.”

لم تضطر سيريس إلى الانتظار لفترة طويلة قبل أن تعود ميرداس بصندوق أسود صغير، مدت سيريس يدها لاستعادة الصندوق لكن ميرداس أمسكتها بقوة، ولم تتركها.

نظرت سيريس إلى الأعلى، وكانت نظرة انزعاج في عينيها، وابتسمت لها ميرداس وتراجع غضب سيريس عندما رأت الشفقة في عيون هذه المرأة الغريبة.

“سأحذركِ يا سيريس بورياس، ما بداخل هذا الصندوق سيغيركِ، وربما سستهلكك غضب من شأنه أن يقودكِ إلى طريق لا يمكنك الذهاب إليه،” قالت ميرداس الكلمات بنبرة جعلت عقل سيريس يهتز لأنها تعرفت عليها.

كيف يمكنها أن تنسى الطريقة التي تتحدث بها نانا، كانت نبرة الصوت وغرابة الكلام مألوفة لدى سيريس مثل وجهها، بعد كل هذا كان هذا هو الصوت الذي كان بجانبها لأكثر من خمسين عامًا.

عاد صوت ميرداس إلى طبيعته: “لقد سلمتُ صندوق الأمان والرسالة: انتهى اتفاقنا… أم ترغبين في عقد صفقة جديدة؟ لديّ العديد من الخدمات، والسعر سيكون مناسبًا أؤكد لكِ ذلك.”

الترجمة : كوكبة

——

بغير إسم سيرس لسيريس