السجل البدائي - الفصل 462

الفصل 462: عالم جديد

ظهر روان فوق ما تبقى من ساحة المعركة بينه وبين سامي النهر داو ما. لقد دُمّرت تمامًا.

بسبب صدامهما، لم تعد المساحة المحيطة بهذا المكان مستقرة، وكانت الطاقات التي كانت هنا فوضوية ببساطة، مليئة بالغازات السامة والعديد من القوى الأخرى وكانت هذه المنطقة تتحول بسرعة إلى منطقة خطرة.

لقد أدت معركتهم إلى ظهور منطقة بدأ فيها الأثير بالازدهار، ومع بقايا زهرة الخلود التي كانت تزين هذا الموقع ذات يوم، لا يمكن معرفة التغييرات التي قد تحدث هنا.

والأهم من ذلك، أن ساميا قد مات هنا، فحدثٌ كهذا سيترك أثرًا عميقًا في كل شيء في هذه المنطقة، إذ تغلغل يأس داو ما في كل حجر، وفي كل معدن، وفي كل دم، وفي كل عظم، وحتى في الواقع نفسه. لو أصغيتَ، لسمعتَ صرخات غضبه وحزنه، وخلف تلك الصرخات صمتٌ بارد.

كان هذا الصمت هو الهالة المتنامية لروان.

ما حدث هنا سيُزلزل الكون مع مرور الزمن. يُمكن هزيمة السامين، وتدمير أجسادهم بسهولة، وحتى شراراتهم السامية يُمكن تحطيمها، لكن كان من المستحيل قتل ساميا حقًا لأن روحه خالدة ولن تفنى إلا في نهاية عصر.

لم يكن روان يعلم كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن تُدرك القوى العظمى في هذا الكون أن ما يُسمى بخلودها مُهدد. مهما كان ذلك الوقت، فإن كل قوة الكون، أو حتى كل الأكوان، ستريد قتله.

تجاهل روان هذه الفكرة ونظر إلى كل شيء أمامه، وركز نظره على بقايا زهرة الخلود المحطمة، وتنهد. مدّ يديه، ووسّع حواسه حتى استطاع لمس كل شيء ضمن دائرة مليون ميل لمستها معركتهما، وأطلق مجساته الحركية بأمر: “اجتمعوا!”.

باستخدام بقايا زهور الخلود كأساس، تم جمع حطام كل ما حدث هنا، بما في ذلك الفضاء والدم والعظام وحتى صرخات المعركة، وأحرق روان ثورانًا، موجهًا كل تلك القوة إلى قدرته على التحريك الذهني، ومع هدير خافت، شكل عالمًا جديدًا من الحطام.

كان متعدد الألوان، أجزاء منه تتألق بتوهج من عالم آخر، بينما كانا الآخرى داكنة بشكل غامض، لكن معظمه أحمر. أحمر كالدماء المسكوبة حديثًا. قبل هذه المعركة، كان هذا الكوكب قويا للغاية، مليئًا بأقوى السبائك المعدنية التي استطاع روان تشكيلها.

الآن أصبح أقوى بكثير والقوة التي كان قادرًا على تحملها كانت أعلى من حيث الحجم، لأنه أثناء إنشائه، أضاف روان حجر السامي إليه، وتم دمج دماء وأجساد عشرات الآلاف من سامين الأرض فيه، وحتى أجزاء من جسد ودم داو ما تم دمجها في هذا العالم الجديد.

لقد اجتمعت العديد من الطاقات العشوائية، ولكنها كانت بلا شك مليئة بالعنف والرغبة في سفك الدماء، لتشكل هذا العالم الذي كان يبنيه، وكان روان يعلم أن هذه ليست النهاية.

سيكون هذا ميدان الذبح، وسيُجتذب السامين إلى هنا ليموتوا. دماؤهم وعظامهم وصراخهم ستنمّي هذا العالم. بدأ عالم الذبح هذا يتقلص حتى وقع في يدي روان المفتوحتين، فأبعده.

مع وميض من الضوء الأبيض الحليبي، اختفى، آخذًا معه كل نورانييه تاركًا وراءه مساحة من الشفاء البطيء.

*****

البرج الأسود، منذ ساعة واحدة.

“ما زلت بعيدًا عن فهم النية، أيها المسافر الصغير، ولكن قبل أن تفعل ذلك، من المهم أن تتخذ قرارًا.” تحدث لاباليتاي باب الفوضى إلى روان.

“هل لي أي رأي في هذا الاختيار الذي سأتخذه؟” أجاب روان.

“يا له من أمرٍ غريب”، قال لاباليتاي بهدوء، “بالطبع لديك خيار. يمكنك تجاهل كل ما أقوله، بل يمكنك حتى عدم الاستماع إليّ وفعل ما يشاء قلبك. بالطبع سيؤدي ذلك إلى مصيرٍ أسوأ من الموت، ولكن أجل، لك رأي، ولديك خيار. لكن لو كنت مكانك، لفضّلت الاستماع إلى الباب الذي عاش لعصورٍ عديدة، لا يوجد الكثير من كبار السن مني في الأكوان العديدة.”

لم يتردد روان طويلاً قبل أن يهز رأسه، فضحك باب الفوضى. كان يعلم أنه لا جدوى من الجدال مع لاباليتاي، فقد ثبته باب الفوضى في مكانه، ولم يشك روان في أن باب الفوضى سيبقيه هنا حتى يُنهي حديثه.

“حسنًا… اختيار جيد.” تخيل روان لو أن باب الفوضى كان له أيادٍ، لكان سيفركهما معًا بحماس.

“حسنًا، هذا ما يجب أن تعرفه. يئس ابن الفوضى من الحرب التي لا تنتهي، وعقد كين صفقة مع أعداء أبينا، وابتكروا تقنيةً خارقةً تُستخدم لإبادة النية!”

عبس روان، “اعتقدت أن النية يمكن أن تمنع وتقاوم النوايا الأجنبية الأخرى.”

“إذا كان هذا نوعًا عاديًا من النية، نعم يجب أن ينجح ذلك،” قال لاباليتاي، “لكنك تنسى أن هذا ليس مجرد أي نوع من النوايا، بل إنه نية من بدائي عظيم، هذه هي نية الفوضى نفسه، مدفوعة بغضبه القاتل، يجب أن تكون بدائيًا بنفسك لمحاربة نيته وجهاً لوجه.”

“إذا كانت هذه هي الحالة، ما نوع التقنية التي تسمح لك باستهلاك النية البدائية؟”

“حتى بعد كل هذا الوقت، لم أستطع فهم كل شيء. لهذا يُطلق على كين لقب أعظمنا جميعًا، ويُطلق عليه أيضًا لقب المخادع والخائن العظيم، ولكن من يهتم بكل هذا الهراء؟ المهم أنه لولا مساعدته لما وُلد أسلوب كهذا.”

كان باب الفوضى هادئًا لبعض الوقت كما لو كان غارقًا في ذكرياته قبل أن يواصل شرحه،

٫هذا ما منحنا حريتنا، وفي النهاية ما أدى إلى شقاق بين أبناء الفوضى. فكما ترى، لم نكن جميعًا نرغب في التحرر من سيطرة أبينا، فبعضنا، خدمة إرادته، هي سر وجودنا، وأي شيء أقل من ذلك خيانة… مجانين، جميعهم! هؤلاء الحمقى يتجاهلون أننا لسنا سوى أدواتٍ سهلة المنال لأبينا.”

الترجمة : كوكبة