السجل البدائي - الفصل 452

الفصل 452: الخروج من كرة الجسد

مثل ستة ثقوب سوداء، انجذبت ملايين الأجساد إلى تلك الدوامات، وبدأت كتلة اللحم تتقلص بشكل كبير. مع أول هدير، ارتجف داو ما، وامتلأت عيناه بالخوف والرغبة.

بصفته ساميا زاحفًا، كان له صدى خاص مع ثعابين أوروبوروس، وكان يشعر بقوة هذه الوحوش، أيًا كانت، مما أثار دهشته. هل يستطيع ترويض هذه القوة والتحكم فيها؟ لو استطاع، لكان بإمكانه تحويل جوهر كيانه، ليصبح مخلوقًا أعظم، ربما يتفوق على سامي كبير ويصبح ساميا أعلى.

لقد قرر بالفعل أن الوحش الذي رآه كان وهمًا، وأن عدوه قوي، لكن لا شيء مما أظهره له أثبت أنه يستطيع التحكم في قوة مثل هذه، والصوت الذي سمعه كان مجرد آخر نفس لعدو مسجون.

ولكن بعد ذلك سمع الزئير الثاني والثالث، فاضطرب وكاد صعوده أن ينقطع، ولكن عندما سمع المزيد من الزئيرات، شعر بالارتياح، لأن وجود حتى واحد من هذه المخلوقات كان بالتأكيد غير محتمل، أما وجود ستة منهم فكان جنونًا محضًا.

‘يجب أن يكون هذا من بين الوهم الملعون الذي يجب أن يخلقه، لا ينبغي أن يهتز عقلي بسبب هذا!’

انتظر لفترة قصيرة ولم يتغير شيء وقرر أن كل هذا كان مزيفًا.

وطأ زهرة الخلود الثالثة، ورغم غمره بالألم والمعلومات، شعر ببعض الراحة. لم تكن لديه فرصة للقضاء على روان سريعًا لأنه كان مشغولًا، ولكن إذا لجأ عدوه إلى استخدام الوهم في المعركة، فلا بد أنه في حالة يأس شديد، فقد كان أمامه تهديد أكبر يلتهم مملكته السامية، وهذا ما ينبغي أن يستحوذ على معظم انتباهه.

لم يدم عزاءه طويلاً حين أحس به، فحتى مع انشغال عقله وآلام جسده الشديدة، ظل يشعر بإحساس يشبه ما يشعر به الفأر عندما تنظر إليه أفعى. كان هذا الإحساس المرعب في مؤخرة العنق هو ما يشعر به البشر عندما يستحوذ الخوف على قلوبهم، ويحين الموت في لحظة.

‘ يا الهـي ! لا تخبرني أن مخلوقات كهذه يمكن أن توجد في الكون. لا، لن أصدق ذلك، هذا ليس حقيقيًا، إنه وهم!.”

لأنه كان يمر بمحنة، لم يكن بإمكانه أن يشعر بما يحدث خارج زهرة الخلود إلا إذا تجاوز هذه المحنة.

ومع ذلك، ما كان بإمكانه فعله هو تسريع معدل خروج وحوشه من مملكته، ومع ذلك لم يكن بإمكانه حرق الكثير من الطاقة في شرارته السامية وإلا فإن صعوده سيفشل، لكنه بنى موارد كافية لتشغيل هجومه ودفاعه بأقصى سرعة لمدة عام كامل حتى بدون إشرافه المباشر ضد عشرات السامين الصغيرة التي تهاجم في نفس الوقت.

لم يكن هناك طريقة يمكن بها تدمير أساسه بهذه السرعة، فهو سيفوز في هذه المعركة، بعد كل شيء، إذا نجح فإن صعوده يجب أن يستغرق ستة أشهر على الأكثر.

لم يعد يخنق السرعة التي استخدمها في إطلاق وحوشه، وقد انفتحت بوابته السامية إلى أقصى حد عندما أطلق العنان لقوته السامية بالكامل، يمكنه الآن أن يشعر بمدى فساد مملكته السامية بواسطة الخيوط الذهبية التي استحوذت على وعي الكوكب.

هذا جعل ثقل هذا التهديد واضحًا تمامًا، إن لم يصعد، سيموت موتًا حقيقيًا ولن يكون رحيله طويلًا، ومع أن موت السامين يستغرق الكثير من الوقت، لكنه سيرحل بسرعة كبيرة، وكأنه لم يكن موجودًا قط. هذا المصير أرعبه حتى النخاع.

ما هي السامين سوى الأنا التي لا نهاية لها والفكرة أنه في لحظة قصيرة، بالكاد غمضة عين في عمره الطويل، سوف يتوقف عن الوجود، وقوته، وروحه، كلها ستذهب جعلته يفهم أن من كان يتعامل معه كان أكثر رعبا من أي سامين أو قوى عرفها على الإطلاق.

شد على أسنانه ودفع من الزهرة الثالثة ألى الرابعة، وللمرة الأولى أراد أن يتم تقليص إمكاناته وتقصير تجاربه حيث ملأ الخوف عقله.

*****

ذبلت كتلة اللحم الضخمة بوتيرة متزايدة الثبات. شعر روان بست نقاط من الحرارة تتصاعد في صدره بينما التهمت ثعابين أوروبوروس كل ما في معدتها اللامتناهية، والتي تحولت بسرعة إلى طاقة غذّت القلوب الفارغة الستة.

كانت هذه أول مرة يشعر فيها بهذا الشعور، ربما لأنها كانت أول مرة يُغذي فيها هذه الوحوش بكمية هائلة من الطاقة دفعةً واحدة. مع كل لحظة، كانوا يلتهمون ملايين الوحوش، وكان العديد منهم في الدائرة الرابعة.

الأمر المهم هو أنهم بدأوا في النمو إلى حجمهم الكامل.

لقد نما جسد روان المطلق كثيرًا من خلال التهام محنة المحارب الهائج وبذر 212 كوكبا صغيرًا، وقد انعكس هذا النمو بشكل أفضل في أجساد ثعابين الأوروبوروس.

كانت كرة اللحم تنمو بشكل مطرد مع تدفق الوحوش الجديدة التي دفعها داو ما بشراسة، لكن ثعابين أوروبوروس الخاصة به لم تشعر بأي ضغط، في الواقع، كان العكس.

لقد كان روان يحد من حركاتهم دائمًا، وكان ذلك لأنه لم يكن قويًا بما يكفي للسماح لهم بالتعبير عن طبيعتهم الكاملة، ولكن ذلك اليوم كان يقترب أكثر فأكثر عندما لن يكونوا مقيدين بعد الآن، وفي معركة مثل هذه، لم يعد روان يقيدهم بأي قواعد باستثناء إطلاق العنان لقوتهم.

مع هدير، انفجرت ثعابين أوروبوروس الستة من الكرة اللحمية وبدأت في الصعود إلى السماء حيث زادت أحجامها حتى ملأت الأفق.

يا له من منظرٍ بديع! كانت أشكالهم الضخمة المتعرجة في الهواء بديعة المنظر، إذ كانت القشور الذهبية على أجسادهم أغمق، وكل واحدة منها تبدو وكأنها لا تُقهر. كان العمود الفقري العظمي المدبب، الذي يشبه الرماح التي تنمو على ظهورهم، أشبه بالماس.

يبدأ هذا العمود العظمي من نهاية ذيلهم إلى رؤوسهم حيث يتجعد في شكل تاج متقن.

الترجمة : كوكبة