السجل البدائي - الفصل 420

الفصل 420: الإسقاط النجمي

لم يعد كوباس يستخدم عصا، فقد تعلم إلقاء تعاويذ قوية دون مساعدتها، وكان كل من معه قادرًا على القيام بهذه المآثر. صفع راحتيه معًا وأدار مصفوفة روحه، وربط بسرعة أربعًا وثمانين فتحة نقش ليشكل تعويذة الهجوم الجليدية الأكثر شهرة من الرتبة الثالثة: الرمح المتجمد.

أشهر من القتال أكسبت بقية رفاقه فهمًا راسخًا للتكتيكات والتعاون. هاجموا جميعًا في الوقت نفسه، حتى دون أي تحريض من بعضهم البعض. تردد العفاريت، فقد كانوا مخلوقات فرص، وكانوا يهاجمون كلما سنحت لهم الفرصة.

كانت الهجمات مفرطة، ولكن هذا لم يمنع الجميع هنا من إعطاء كل ما لديهم، كان المهيمنون أقوياء، وكان لدى بعضهم قدرات سلالات مذهلة.

انهالت عشرات الرماح الجليدية على جسدَي المهيمنين، ففبتتهما على الأرض ومزقت أجزاءً من أطرافهما. تسببت الهجمات المتضافرة في انفجار الرماح المجمدة، مما أدى إلى تمزيق الجسدين إلى أشلاء متناثرة.

حاصر الضباب الجليدي الأرض، ولوح كوباس بيده لطرد الضباب، وانتشرت الهتافات عندما رأوا نتيجة هجومهم، وأخيرًا تم الانتهاء من الصيد الطويل، وسيتم مكافأة كمية كبيرة من النقاط لجميعهم.

لا بد أن هاذين المهيمنين كانا عباقرة من عائلتيهما، فقد كانا أقوى من رتبتهما. كان أحدهما يتمتع بقدرات دفاعية هائلة، والآخرى قناصة ماهرة. كان الوعي القتالي الذي أظهره هذان الاثنان على مدار أسابيع مُذهلًا، وما زال كوباس يجد صعوبة في تصديق أنهما سيختاران الاستسلام بعد كل هذه المقاومة الشرسة.

صرخ العفاريت من السعادة وانقضوا لتناول لحوم المهيمنين، وبعد فترة وجيزة سمع صوت تكسير العظام إلى جانب أصوات لعاب العفاريت.

استدار كوباس، مستعدًا للعودة إلى المعسكر، حيث أصبحت ساحة المعركة خطيرة بشكل خاص خلال هذه الفترة.

لم يكن في مزاج يسمح له بمشاهدة العرض المثير للغثيان الذي قدمته العفاريت وهي تتناول وجبتها، على الرغم من أن السحرة الآخرين هنا بدا وكأنهم يستمتعون بالمنظر، إلا أن العديد منهم فقدوا أحباءهم وأصدقائهم بسبب هذين العفريتين أثناء الصيد.

وفجأة توقفت صرخات الفرح الصادرة من العفرتين المحتفلة بالعيد.

شعر كوباس فورًا بقشعريرة في قلبه، ولم يشك في حدسه، فهرب. لم يلتفت، ولم يُصدر أي تحذير لفريقه. وجّه كل طاقته الأثيرية لربط أربع وتسعين فتحة في مصفوفة روحه، وفعّل تعويذة ذروة الرتبة الثالثة – عاصفة الجليد، فأحيطت ساقاه بانفجار هائل من الجليد والرياح، دافعًا إياه آلاف الأقدام في لحظة، متسارعًا باستمرار.

لقد فر لمسافة ثلاثمائة ميل قبل أن يسقط على الأرض، حيث أن أي تحركات أكثر براقة مثل هذه من شأنها أن تعرضه لخطر الموت على يد المقاتلين الأعداء وحتى النيران الصديقة، فقط الأقوياء حقًا هم من يحكمون سماء ساحة المعركة.

استدار وهو يلهث إذ رأى أنه وحيد. لقد رحل السحرة الخمسة الذين كانوا معه. ابتلع كوباس ريقه، فقد رأى العديد من المشاهد الغريبة في ساحة المعركة، وسيعتبر هذا المشهد واحدًا منها، وكان محظوظًا بنجاته مما حدث.

استدار، فأوقفته عينٌ ضخمةٌ تنظر إليه بفضول. رفع رأسه فرأى عملاقًا ذهبيًا، يزيد طوله عن أحد عشر قدمًا.

كان العملاق ملفوفًا بدرع ذهبي محكم من رأسه حتى أخمص قدميه، محفور عليه نصوص غامضة تبدو قديمة جدًا. رمشت عينه الكبيرة الوحيدة على صدره، فانفتح فم كوباس ليصرخ، لكن لم يفلت منه شيء، إذ شعر بقوة داهمة داخل صدره.

نظر إلى أسفل ليرى يدًا ذهبية ضخمة تم دفعها من خلال ظهره وخارجه من أمامه، فتحت اليد الذهبية بلطف وتمكن من رؤية قلبه النابض، الذي توقف ببطء عن النبض.

لم يستطع أن يرى إلا من زاوية بصره أن عملاقًا آخر مشابهًا قد ظهر خلفه. كان هذا العملاق هو من أسر قلبه. بلغ الرعب الذي كان يشعر به ذروته، لم يكن هذا مثل أي شيء رآه من قبل، وكان أقرب وصف استطاع وصفه لتلك الفظائع الغامضة التي تجوب الكون المادي.

انقطع صراخه القادم عندما أمسكت يد عملاقة برأسه وسحبته من جسده، بسهولة كما لو كنت تسحب العشب من الأرض.

احتفظ نزراقيم بالرأس داخل مساحة تخزينه، طوال فترة وجودهما في المعركة كانا يجمعان جثث السحرة والشياطين، وكان كل هؤلاء مطلوبين للتجارب التي أجرتها سيدة الظلال.

أومأ نزراقيم برأسه إلى دورا، وبرزت أجنحة ملتهبة من أكتافهما التي كانت تمتد لأكثر من خمسين قدمًا من أحد الطرفين إلى الطرف الآخر، وواجه الشمال الشرقي، بينما واجهت دورا الجنوب الغربي.

بحركة من أجنحتهما، تطاير ريشهما بالكامل. انطلقت ملايين الريشات المشتعلة في السماء، وبدأت تنتشر لآلاف الأميال.

كانت هذه هي قدرة الإسقاط النجمي للنورانيين، حيث كانا يعملان معًا في انسجام تام، وكان بإمكانهما تغطية آلاف الأميال وكل شيء داخل هذا النطاق سوف يتم الكشف عنه لحواسهما.

في اللحظة التي اتخذا فيها شكليهما الحقيقيان، كانوا قد بدئا العمل بالفعل. انتشرت شائعات لا تُحصى في ساحة المعركة عن تسلل جنس غريب من الكائنات الفضائية بينهم. لم يمضِ وقت طويل حتى تم اكتشاف الشذوذ الذي يمثله وجودهما.

سرعان ما اكتشفت دورا روحين سلاحيتين، إحداهما تحوم في ساحة المعركة والأخرى أُسرت. كان نزراقيم هو من اكتشف هدفهما الرئيسي، فاندفع الاثنان في اتجاهين متعاكسين.

كان نزراقيم أول من تواصل مع مايف. كانت تحمل فأسًا ضخمًا مصنوعًا من عظام الشياطين، وكانت ضمن وحدة صغيرة تحاصر ثلاثة سحرة من الرتبة الثانية.

انقضّ نيزراقيم وأمسكها من خصرها قبل أن ينطلق في السماء. حوّل وصوله كل شيء حوله إلى رماد لأميال.

أمسك بفأس أرسلته مايف نحو رقبته بحركة شريرة كادت أن تخلع كتفيها.

صرخت وهي تحاول أن تخدش يده المدرعة بينما تنحني لتعض يده، وضحك نزراقيم تقديراً لشجاعتها وشراستها، “لقد أرسلني سيدكِ مايف”.

الترجمة : كوكبة