السجل البدائي - الفصل 387

الفصل 387 القتال من أجل البقاء على قيد الحياة.

راقبه روان لبعض الوقت، لم يكن أندار قد وصل إلى حدوده بعد، لكنه كان يقترب بسرعة، سيمنحه بضع لحظات قبل أن يقرر التدخل.

كانت الفتاة ميرا تتمتع بتقنية رائعة للتعامل مع الألم، لكن مع خبرة روان، لم تكن كافية. كان الألم الذي كان يعانيه أندار أشد وطأة مما تستطيع التقنية التي كانت تستخدمها تحمله.

كان روان أيضًا مخطئًا جزئيًا في هذا لأن بنية أندار كانت حساسة للغاية لجميع أنواع الطاقة، كل شيء يمر عبر جسده سيتم الشعور به بشكل أعمق بكثير من أي شخص آخر.

بالنسبة لروان لن يكون هذا مشكلة، فهو يتوق إلى مثل هذا الشيء، والذي من شأنه أن يجعل هدفه في فهم جميع أشكال الطاقات واضحًا، ولكن بالنسبة للعقل الهش لأندار، فقد يكون هذا كثيرًا جدًا.

ما كانت ميرا تعلمه لأندار هو أن ينفصل عن الألم، ويتركه خلفه مع الحفاظ على عقله وقدراته العقلية، وهذا لن ينجح مع شخص مثل أندار الذي كان جسده أكثر حساسية بعشرات المرات من الطبيعي.

كما أن روان لم يؤمن بهذا النهج في التعامل مع الألم، فقد كانت شخصيته دائمًا عنيدة للغاية ومع سلالاته، فقد تحول عناده ببطء إلى إيمان لا يتزعزع بنفسه، والذي يمكن الحكم عليه على الأقل بأنه غطرسة وعلى الأكثر بأنه تعصب.

كان روان يؤمن أن لا شيء يستطيع كسره. لا الألم، ولا اليأس، ولا الوحدة، ولا الفشل، ولا الفقدان…

كل شيء سيأتي ويمر، ولن يتراجع عن القتال.

لتأتِ الأمواج، لتتحطم وتضطرب، سيبقى دائمًا، ثابتًا كجبلٍ سامي. أراد أن يُؤثر بهذه الشخصية على أندار، لكنه أراد أن يكون دقيقًا، فالتغييرات الجذرية لن تُجدي نفعًا.

كان روان يعلم أنهم على الأرجح تحت المراقبة، ولم يكن بإمكانه إحداث تغييرات جذرية في شخصية أندار دون إثارة الشكوك. لكن ما كان بإمكانه فعله هو توجيه وعي أندار نحو كيفية التعامل مع الألم.

كان هذا الموقف أفضل فرصة لأندار لتغيير تفكيره والنمو. أخيرًا، قرر روان أن الوقت قد حان، فأطلق شرارة واحدة في عقل أندار: الغضب!

لقد كانت مجرد شرارة، ولكن هذه الشرارة يجب أن تحمل ما يكفي من القوة لإحراق غابة.

ثم حدث شيء جعل روان مندهشًا وحتى جسده الرئيسي البعيد تحرك قليلاً.

كانت تجربة أندار الحياتية الإجمالية قصيرة، ورغم أنها لا يمكن مقارنتها بمعاناة وقسوة حياة روان، إلا أنه لا يزال هناك دروس يمكن تعلمها، وفي بعض الأحيان كان الأطفال هم أفضل مستقبلي الخبرة، لأن عقولهم لا تزال قابلة للتغيير وعرضة للتغيير عند تحفيزها.

ترك هذا الصبي من قبل امه في سعيها وراء السلطة، ورغم أن الخيميائي، معلمه، حاول إخفاء الحقيقة عنه، إلا أن أندار لم ينخدع طويلًا. كل ما كان يعرفه هو أن أمه تركته لأنه كان فاشلًا، وأن مستقبلها أفضل بدونه.

أدرك حينها أن ورقة المساومة الوحيدة في هذا الكون هي قوتك الشخصية. أدركت والدته ذلك، فتركته خلفها، وفهم جسده الرئيسي ذلك. كان هذا سبب هروبه إلى مجرة أخرى لتنمية قواه.

كان هذا هو السبب الذي جعل معلمه يخفيه ويدفع الثمن الباهظ لإحضاره إلى منطقة المحاكمة، وكان كل ذلك لإعطائه الفرصة للوقوف على قدميه وتنمية قوته الشخصية.

لقد تجاوز كاسرو الحدود حدودهم لإحضاره إلى هنا.

استخدمت ميرا جميع نصوصها واتبعت توجيهاته، فقط لإحضاره إلى هنا.

لقد دفع الجميع وساهموا كثيرًا، فقط من أجل أن يكون هنا.

هل كان مستعدًا للفشل هكذا؟

كانت التجربة خير معلم، وأي تجربة أفضل من الموت والمعاناة؟ عندما توفي روان، كان رد فعله على الموت والنكسات هو أن يزداد قوة، وأن يجعل نفسه حصنًا منيعًا في وجه كل ألم وتجربة تعترض طريقه.

كانت عقلية أندار مختلفة عن عقلية روان، وحتى لو كان تطبيقا، فهو، من ناحية ما، يمتلك روان وكان شخصه، بأفكاره ومشاعره.

لقد كان أندار مع كل خبرة روان، لكنه كان حرًا في الاختيار ما إذا كان سيستغل تلك الخبرة أو يقاتل ضد انتكاساته بنفسه.

لقد أعطى روان هذا التجسد الجديد له، هذا الاختيار، وبدأ أندار يشعر بالحزن، لأنه حتى مع هذا الاختيار، كان لا يزال ضعيفًا جدًا بحيث لا ينجح بمفرده، بعد كل المزايا التي مُنحت له.

إن تصرف روان المتمثل في إضافة الغضب إلى الصراعات العقلية في ذهنه لم يؤد إلى النتيجة التي كان يتوقعها.

لم يعد غضب أندار موجهًا فقط نحو الألم بل نحو نفسه!

من المهم ملاحظة أن روان، عندما أيقظ مصفوفة روح أندار، فعل ذلك فورًا تقريبًا بعد امتلاكه جسده. كان قادرًا على فعل ذلك بفضل قوته وخبرته، لكن هذا الفعل كشف الحقيقة لأندار أيضًا.

كان من الصعب جدًا على أندار أن يستيقظ بمفرده، لكنه لم يكن مستحيلًا. لطالما ألقى باللوم على موهبته الخارقة، بينما كان هو سبب فشله طوال الوقت. كان ضعيف العقل جدًا.

ترك إخفاقاته تدفعه إلى الاستسلام، حتى أنها أدت إلى وفاته المخزية. لم يكن أندار يؤمن بنفسه، وافتقر إلى العزيمة لتجاوز المعاناة والنكسات.

كان لا بد من إنقاذه من الموت ليصبح شخصًا آخر. ربما مات معلمه وضحى بنفسه ليحصل على هذه الفرصة، والآن عندما واجه تحديات جديدة، فشل، وجاءت المساعدة من جديد…

رفض القبول…

‘كم مرة يجب أن يتم أنقاذي حتى مع كل مواهبي؟’

هذه هي بداية رحلته نحو السلطة، فما الحق الذي يملكه في الوقوف أمام الكون وإعلان قوته إذا لم يستطع أن يمر بهذه المحنة؟

لقد كان مجرد ألم، حتى لو كان الألم كبيرًا لدرجة أنه قد يقتله… كان لا يزال ألمًا وكان عليه محاربته باستخدام المواهب التي يمتلكها.

في تلك الفترة القصيرة التي كان أندار يتخبط فيها في المعاناة، مر بتفاصيل حياته، ووجد الشيء الوحيد الذي قد ينقذه فاستغله.

لأنه كان يعلم أنه عندما أعاد روان جسده إلى الحياة، فقد أعطاه خيارًا ثمينًا وفرصة أخرى للحياة، وإذا لم يتمكن من الوقوف على قدميه فسوف يموت قريبًا وما سيبقى لن يكون سوى روان.

لقد صنع روان نسخةً مثالية. ربما كانت مثاليةً أكثر من اللازم.

كان أندار لا يزال على قيد الحياة بطريقته الخاصة، وكان يقاتل.

الترجمة : كوكبة