السجل البدائي - الفصل 385

الفصل 385: التكيف مع الألم

اكتشف أندار حقيقة مروعة عن السحب في هذا المستوى، كل لكمة يوجهها تجلب له الألم، والألم لم يتوقف، بل تفاقم فقط.

كل ضربة كان يضربها كانت تزيد من ألمه حتى أصبح كل ما يعرفه ألمًا. عناده هو ما دفعه للهجوم بجنون، خوفًا من أن يتجمد الألم في مكانه إذا توقف.

كانت هذه أول مرة في حياته يختبر فيها ألمًا كهذا. كان هذا الألم كافيًا لقتل إنسان عادي عشر مرات، ولم يكن سوى بنيته الجسدية القوية تُبقيه ثابتًا في مكانه.

إنهار أندار عندما سيطر الألم على حواسه.

كانت عينا ميرا واسعتين، فقد عرفت هذه الطبيعة الغريبة للسحب عند الاقتراب من القاعدة، وهذا هو سبب امتلاكها لنصوص من الرتبة 0. عادةً، لشق طريقك عبر السحب للوصول إلى الطبقات السفلى، عليك أن تشق طريقك ببطء. ومع ذلك، لا يمكن أن يكونا بطيئين جدًا، لأن هناك حدًا زمنيًا في أرض الاختبار.

كان هذا هو السبب في أنه بعد ملايين السنين، بالكاد تمكن أحد عشر شخصًا من الوصول إلى المستويات الأخيرة، حيث لم تكن تحتاج فقط إلى القوة والحظ والمثابرة، بل كنت بحاجة أيضًا إلى القدرة على تحمل كميات لا حصر لها من الألم.

كان أندار قويًا وموهوبًا للغاية، بل ربما كان أكثر شخص موهوب قابلته في حياتها، لكن يبدو أنه لم يخضع لأي تدريب خاص لإتقان الألم. كان من المثير للإعجاب أنه استطاع الوصول إلى هذا المستوى.

من كان مسؤولا عن تدريبه؟

لم تكن ميرا تعلم أنه قبل الآن، كان من المتفق عليه عمومًا أن أندار لن يوقظ مصفوفة روحه أبدًا، وبالتالي لم يتم تعليمه العملية وما يجب أن يتوقعه أثناء الإستيقاظ.

كذلك، كان لكل برج عظيم ساحة اختبار مختلفة، ولم يكن لدى معلمه أي وسيلة لمعرفة أنواع التحديات التي ستواجهه في البرج الأسود. ومع ذلك، بعد أن رأى مدى موهبة أندار، كان لديه إيمان بقدرته على النجاح.

إذا كان هدف أندار هو فن التأمل بدرجة القدر السماوي، لكان على حق، لأنه في هذا المستوى، يمكنك أن تجد ثلاثة فنون قوية في هذا المستوى، لكنه أراد شيئًا أكثر، أو ربما يجب أن يقال أن روان أراد المزيد.

كان أندار ليُسعد بفن تأمل بدرجة القدر السماوي، لكن ذلك لم يكن يُذكر بالنسبة لروان. أي شيء أقل من مستوى عالٍ من القوة لا قيمة له بالنسبة له.

ركعت ميرا على عجل بجانبه واحتضنت رأسه المتعرق الذي بدأ يسخن، وكادت عروقه أن تنفجر من جلده، بينما كان يئن، وكان تعبير الألم على وجهه مؤلمًا للغاية لدرجة أنها نسيت نفسها وذهبت لمساعدتها.

حتى أنها نسيت أن جسد أندار كان قوياً جداً، لدرجة أنه كان بإمكانه أن يؤذيها بشكل خطير أو يقتلها إذا لم يكن منتبهاً.

“ابق معي يا أندار، واستمع إلى صوتي.”

“إنه يؤلمني… إنه يؤلمني. مؤلم للغاية… يا معلمي، ساعدني… إنه يؤلمني…”

“أعلم، أعلم يا أندار، إنه أمر مؤلم، لكن عليك أن تتجاوزه، ستصبح ساحرًا موهوبًا، وهذا النوع من الألم لا يُذكر. تغلب عليه يا أندار.”

شهق وقال “ميرا؟ لا أعرف كيف…”

ابتسمت بارتياح، سعيدةً أخيرًا لأنها وصلت إليه، “أنت على الطريق الصحيح… استمع لصوتي. اجعله كل ما تفكر فيه. الألم صمتٌ وظلام، بينما صوتي راحةٌ ونور. اتبع صوتي إلى النور واترك الظلام. الألم لا يُسيطر عليك… الظلام لا يُسيطر عليك… الألم لا يُسيطر عليك… الظلام…”

بدأ أندار يهتف معها ببطء، “الألم لا يسيطرة علي… الظلام لا يسيطرة علي… الألم…”

وبينما كان يتحدث ببطء، بدأ صوته يكتسب القوة والحجم، وبدأت عيناه في التركيز ووقف ببطء أثناء الترديد.

قدرته على التكيف وقوته الداخلية جعلت روان يبتسم بمفاجأة.

*****

لقد تم مراقبة وتقييم تصرفات أندار وميرا من قبل جميع الإسقاطات الأربعة لرؤساء السحرة.

التزم الجميع الصمت عندما رأوا القدرات التنظيمية لـ”كاسري الحدود”، لم يكن ذلك مُميزًا. شكّل عدد لا يُحصى من المُرشحين فرقًا وبدأوا يشقّون طريقهم بثبات.

ما جعلهم يبدأون في التركيز على أندار وميرا هو اللحظة التي بدأ فيها أندار بالوقوف على قدميه مرة أخرى بعد أن أعادته ميرا من حافة الألم والجنون.

كان هذا شيئًا نادرًا، فمعظم المرشحين لن يتعافوا أبدًا عندما يتلقون الألم على هذا المستوى، ومعظمهم سيتوسلون الموت في هذا الوقت.

فمن المهم أن نلاحظ أنه عندما عاد أندار إلى قدميه، لم يخف الألم، بل كان يتعلم فقط كيفية الإدارة والعمل حتى في ظل الألم.

وباعتبارهما المرشحين الواعدين أكثر، تم الآن وضع خلفياتهما تحت التدقيق، وتم الكشف عن خلفية أندار.

لا شيء في تاريخ الصبي يُظهر أي تدريب على التأمل أو غيره من الفنون الباطنية للسيطرة على الألم. باستثناء موهبته الواضحة، لم يكن هناك أي مؤشر على مستوى موهبته أو مستوى جسده الروحي.

ما كان معظم السحرة يتوقون إليه هو قوة الإرادة، فبدونها، بغض النظر عن مدى موهبته، لن يكون سوى خنزير بحلقة أنف ذهبية.

لا بد أن الألم الذي كان يشعر به الطفل في ذلك الوقت كان أشبه بحقنه بحمض الأدرينالين. كل أعصابه كانت مشتعلة، وإذا أراد الوصول إلى أفضل فنون تأمل درجة القدر السماوي، فعليه أن يكون ذكيًا في اختياراته وأن يطلب مساعدة شريكته.

وبطبيعة الحال، سمع الجميع عن ادعائاته الغريبة بالوصول إلى فن التأمل الأسمى، لكن الأطفال لم يكونوا يعرفون شيئًا عن العالم، وكان التخيل هو حقهم.

بدأت شخصية محورية بين السحرة الكبار بالكلام. كان لهذا الشخص رأسان، وكتفاه عريضتان، يكاد يكون حجمهما ثلاثة أضعاف حجم رجل عادي.

“الطفل موهوب، لكنه أحمق، ومن أعدّه للاختبارات يجب أن يُعاقب. بنيته الجسدية سخيفة، لماذا لم يُحصّن بالنصوص قبل أن يأتي لهذا؟ أيها العراف، تحت أي سلطة اختير هذا المرشح؟ ما درجة موهبته وجسده الروحي؟”

الترجمة : كوكبة