السجل البدائي - الفصل 378

الفصل 378 فنون التأمل.

“يسعدني رؤيتكِِ أيضًا ميرا”، قال أندار بسخرية بينما دفع الخريطة المتوهجة جانبًا.

من السذاجة اعتبار هذه الفتاة مجرد فتاة جميلة بلا عقلخ. أي شخص يفترض ذلك مخطئ تمامًا، فلم يرَ أندار في مثل هذا العمر من هو أكثر منها إصرارًا.

لم يستطع إلا أن يضايقها. اقتحمت غرفته ودخلت في صلب الموضوع مباشرة لأنها لم ترغب في إضاعة وقتها في أمور جانبية، وكان أندار هو الوحيد الذي رأته جديرًا بالتعاون معه وتخصيص الوقت للتعرف عليه عن كثب.

مثل أندار، وُلدت بموهبة عظيمة وجسد روحي، لكن مستوى موهبتها وجسدها الروحي لا يمكن أن يكونا بمستوى موهبته وجسده الروحي. كانت تمتلك موهبة من الدرجة السادسة من الرتبة البيضاء، وجسد روحي بنفسجي من الدرجة الخامسة، وبالمقارنة، كان لدى أندار موهبة من الدرجة غير المصنفة تفوق موهبة الدرجة العليا التي كانت سوداء اللون، بالإضافة إلى جسد روحي من الدرجة غير المصنفة.

كان من المفترض أن تكون مواهب مثل ميرا أقرب إلى قمة عالم السحرة، حيث يمتلك جميع العباقرة الكبار مواهب متشابهة في التصنيف. بالطبع، لم يُخبرها أندار برتبته الحقيقية، بل أعطاها رتبته كشيء يتجاوزها، لكن فضولها لمعرفة رتبته الحقيقية جعلها أقرب إليه.

لم يُبدِ أندار أي اهتمامٍ لقربها منه، فهذا هو نوع الرفقة التي كان يأمل في بناءها وجمعها إلى جانبه. بخلاف جسده الرئيسي الذي كان مساره معزولًا، كونه فوق كل خليقة معروفة، كان عليه أن يسلك طريقًا مختلفًا لتحقيق أهدافه هنا.

كانوا داخل هذه القلعة لمدة أسبوع، وكما سيكتشف أندار قريبًا، كان هناك ما مجموعه ١٠٧ قلعة، كل منها يضم ٣٣٠ مرشحًا للاختبارات. لذا، في كل عام، كان هناك دائمًا ٣٥٣١٠ مرشحا للاختبارات.

لقد استخدم أندار هذا الوقت هنا لتوثيق العلاقات مع جميع المرشحين، معظمهم لم يكونوا أكبر من أربعة عشر عامًا، وعلى الرغم من أنه كان يعلم أنه في هذا العالم أن العمر ليس العامل الرئيسي للنضج، إلا أنه لا يزال قادرًا على جلب الجميع أقرب ما يمكن إليه، وأصبح هو وميرا بمثابة قائدين للمجموعة.

وكان كل هذا ضروريًا لتحقيق أفضل النتائج في أرض الإختبار.

لفهم كيفية عمل الإختبار، من الضروري معرفة كتيبات التدريب والتي كانت تسمى أيضًا فنون التأمل.

لم تكن اليد العملاقة التي رآها أندار في الأسفل مجرد تأثير خاص لإثارة رهبة المرشح، بل كانت تخدم غرضًا أكثر أهمية لأنها كانت مكتبة، وكانت السحب التي خرجت من الرسغ المقطوع هي الكتب التي تحتوي على فنون التأمل التي يحتاجونها.

كانت السحب التي استقروا عليها ذات مستويات مختلفة، وكان تكوين السحابة يتغير كلما اقتربت من اليد.

عندما تم فتح أبواب القلعة وتم إطلاق سراح جميع المرشحين البالغ عددهم 35310، كان معظمهم يستقرون فوق السحاب ويلتقطون كتيبات التدريب الخاصة بهم، والتي علم أندار أنها تسمى أيضًا فنون التأمل.

كانت آلاف فنون التأمل محفورة في كل شبر من السحب، لكن هذا كان مجرد المستوى الأول من المكتبة. كان بإمكانك التعمق أكثر في السحب للعثور على فنون تأمل أكثر تفصيلاً، لكنك ستواجه ثلاث مشاكل عند محاولة القيام بذلك.

كانت الأولى هي أن السحب أصبحت أكثر كثافة كلما اقتربت من الأسفل، وكانت السحب الأقرب إلى الرأس أكثر كثافة من المعدن، وكان اختراقها مصحوبًا بخطر الموت، حيث بالغ العديد من المرشحين في تقدير قدراتهم وتعبوا فقط ليتم سحقهم إلى هريس بسبب الوزن المتزايد.

ومع زيادة كثافتها، تقلصت مساحة التغطية، مما أدى إلى المشكلة الثانية.

إذا امتدت قمة السحب لآلاف الأميال، فكلما نزلت إلى الأسفل، سيستمر النطاق في الانكماش حتى يصبح أقل من خمسين قدمًا عند المعصم، لذلك إذا كنت تريد فنون التأمل المعقدة فعليك أن تكون سريعًا، وإلا فلن يكون هناك المزيد من المساحة.

بمجرد أن يبدأ المرشح في قبول فن التأمل، سيتم إغلاق هذه المنطقة، وتضيع الفرصة لأي مرشح آخر، لذلك كان الأمر يتعلق بالسرعة، وكان الحصول على فن تأمل في وقت مبكر هو الخيار الوحيد، حيث لن تتمكن من الدخول مرة أخرى.

بشكل عام، كان معروفًا أن أفضل فنون التأمل هي الأكثر تعقيدًا وإذا لم تكن موهوبًا بدرجة كافية، فسيكون من العبث تعلمها، حيث ستظل عالقًا كمساعد حتى لو جمعت تقنية تأمل من الدرجة القديمة وكان لديك مواهب ضعيفة.

ولكن هذه الحقيقة لم تثني العديد من المرشحين عن القتال من أجل فنون التأمل الأكثر تعقيدًا، ليس فقط بسبب القوى المتزايدة التي سيجلبها والمؤثرات الخاصة الأخرى، ولكن كانت أيضًا الطريقة الوحيدة للصعود إلى الارتفاع الأعلى لعالم السحرة ليصبحوا سحرة كبار.

المشكلة الثالثة هث التدخل البشري الحتمي. فالجميع أراد الأفضل لنفسه، وكان كل مرشح مُجتمع هنا موهوبًا بذاته، وقد اختير معظمهم من بين آلاف، ومن بين هذا العدد الكبير، كانوا الوحيدين الموهوبين بما يكفي ليتم اختيارهم. وهذا سيؤدي حتمًا إلى شعور بالنخبوية.

لم يرغب أي مرشح هنا في اختيار أدنى شكل من أشكال فن التأمل، بل أرادوا جميعًا الذهاب إلى أعماق السحب حتى يصلوا إلى حدودهم، ولهذا السبب يحاولون شق طريقهم عبر السحب، ومع وجود قيود الوقت للحصول على أفضل المناصب، يمكن أن يتحول الصراع إلى شأن دموي.

تتجمع معظم القلاع معًا للقتال ضد مرشحين آخرين من قلاع أخرى والحصول على مناصب أكثر فائدة، يمكن أن تكون هذه المعارك غير دموية، ولكن ليس في كل مرة، لأن طبيعة البشر كانت غادرة وكان بعض المرشحين لديهم أيدي ثقيلة وأخلاق لين .

سيكون أندار قادرًا على التأثير على بقية المرشحين في قلعته تحت لوائه باستخدام جاذبيته وموهبته، لكنه لم يفعل ذلك، لأن ذلك لن يخدم أي غرض بالنسبة له، بل سيؤدي فقط إلى تأخير تقدمه.

كان بإمكانه أيضًا خداع المرشحين واستخدامهم كوقود للتقدم بشكل أعمق في السحب، لكن سمات المرشحين كانت ضعيفة للغاية، حيث كانوا لا يزالون فانين، حتى لو كان لدى بعضهم مواهب عالية.

ومع ذلك، فقد جذبهم إليه، لأنه أراد لهم النجاح، وإذا كان بوسعه تحقيق ذلك مع القليل من الألم من جانبه، فسوف يفعل ذلك، وإذا كانوا مدينين له بمعروف لمنحهم هذه الفرصة، فهذا أفضل.

الترجمة : كوكبة