السجل البدائي - الفصل 370

الفصل 370 مكتب النقل المركزي

مع البيئة المستقرة نسبيًا، بدأ أندار في التفكير في كل الأحداث منذ توليه هذا الجسد وإيقاظ مصفوفة روحه، ولاحظ التناقضات والحيل التي ربما فاته وقام بتأجيلها إلى وقت لاحق.

بدأ السائق بإجراء محادثات قصيرة لتمضية الوقت بينما كان مرطزا على التحكم في مركبته، وكان أندار يستمع ببعض المرح مع مرور الوقت.

فجأةً خطرت له فكرة. افتقد دراجته النارية.

وصل إلى وجهته أسرع مما تصوّر. دفع للسائق من ماله الخاص، إذ كان لديه مخزون وافر من 400 رقاقة أصل، وفوجئ مجددًا بقدرة معلمه على إخفائها في خاتمه المكاني. ظنّ أنه يُخبئها جيدًا، لكن بمعرفته الإدراك الذي سيتطور مع ازدياد قوة المرء، أدرك أنه لا يملك أسرارًا يجهلها سيده.

كان ندمه الوحيد أنه لم يتمكن من استعادة نيفي قبل مغادرته. كانت تتمتع بذكاء اصطناعي بدائي للغاية، لكنها كانت تتمتع بجرأة وذكاء خارق. تساءل أندار أحيانًا كيف استطاع برمجة شخص مثلها بإتقانه للنصوص البرمجية من الدرجة 0، وعلى الأرجح أن سيده قد ساعده من الظلام.

عبر أندار الطرق متعددة المسارات ونظر إلى أعلى فرأى مبنىً شاهقًا كان وجهته. كان هذا مكتب النقل المركزي، أو اختصارًا CTB. كان يتحكم بشبكة النقل الآني بأكملها داخل الاتحاد الأسود وخارجه.

كانت منظمةً عملاقةً ذات امتدادٍ واسعٍ يصل إلى أقصى أقاصي الكون. وقيل إن السبيل الوحيد للوصول إلى أقاصي الكون هو عبر CTB.

كان هناك تدفق مستمر من الناس يدخلون ويخرجون من المبنى، وسرعان ما اختفى أندار وسط الزحام. لم يخدم هذا المبنى سكان إيكارون الخامس فحسب، بل كان أيضًا محطةً للمسافرين.

كان من الممكن رؤية بعضٍ من أروع المناظر والأشخاص إذا قضيت بضع دقائق داخل مبنى CTB، وربما، إن حالفك الحظ أو لم يحالفك الحظ، قد ترى ساميا يمرّ. مع ذلك، سيتعين عليهم إخلاء المبنى بأكمله وجزءٍ أكبر من المدينة إذا ما حدث ذلك.

توجه إلى بهو الفندق، وسار إلى أحد موظفي الاستقبال. كان هناك مئات من موظفي الاستقبال في كل طابق من المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 250 طابقًا، إذ كان عدد المسافرين الذين يمرون عبره بالآلاف في الثانية.

كان موظف الاستقبال الذي اقترب منه رجلاً نحيفًا، يضع كأسًا ملونًا على أنفه الطويل، وكان شعره مضفرًا، وكان زيه الأبيض والأسود أنيقًا وملائمًا. لا بد أنه كان يقف هنا لساعات، لكنه ابتسم ابتسامة عريضة عندما اقترب أندار قائلًا: “مرحبًا، اسمي ميشيل. كيف يمكنني مساعدتك يا سيدي؟”

مد أندار يده ببساطة وأظهر له وشم المكعب الدوار.

“أوه، أنت أحد المشاركين في أرض التجارب. تهانينا بالمناسبة. انتظر لحظة ريثما أتحقق من ترتيبات نقلك، هل تسافر وحدك؟.”

كان أندار صامتًا، يراقب الرجل وهو يلمس كرة بيضاء دوارة بيديه، وعينه تتدحرج نحو رأسه حتى لم يبدُ منها سوى بياض عينيه. لم يُجب على أي أسئلة، لأنه كان يعلم أن موظف الاستقبال يبحث عن الشائعات والمعلومات، فهذا جزء من عمله.

كان موظف الاستقبال ساحرًا من الرتبة الأولى، وكان تابعًا مباشرًا لـ CTB. لا بد أن المنظمة قد درّبته من مستوى مساعدا إلى أن أصبح ساحرًا للعمل لديها، وكانت هذه إحدى الطرق التي تربي بها معظم المنظمات أعضائها الداخليين.

كانت هناك مزايا للانضمام إلى فصائل مختلفة كمساعد، وقد قدمت CTB بعضًا من أفضل الفوائد والبدائل المفضلة للمساعدين الشباب الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى متطلبات الموهبة للبرج الأسود.

وبعد ثماني ثوان سحب موظف الاستقبال يديه من الكرة وابتسم لأندار، وسأله عن اسمه وأعطاه أندار، ثم مرر موظف الاستقبال بطاقة معدنية عليها اسم أندار وشعار البرج الأسود.

“تفضل بالتوجه إلى الطابق ١٠٧، سيتم توجيهك إلى البوابة ١٢٢٣-AC. البطاقة المُعطاة هي تذكرتك، وهي لرحلة ذهاب فقط إلى أرض التجارب. رحلة آمنة.” ابتسم ابتسامة عريضة، فأومأ أندار إليه متجاهلاً تلك الغرابة.

لقد شعر أن كل ساحر كان مجنونًا بعض الشيء، وكان هناك دائمًا شيء غريب في تقنياتهم ونظام قوتهم، لكن هذا كان مجرد شعور ولم يكن لدى أندار أي أساس لحكمه.

سار أندار عبر الردهة الواسعة واستقل المصعد السريع إلى الطابق ١٠٧. كان في الداخل برفقة شباب يُفترض أنهم في العشرينيات من عمرهمم، جميعهم يرتدون ملابس البرج الأسود، وجميعهم مساعدون، وكان أعلاهم مساعدا من الدرجة الثانية فقط. كان هناك أربعة رجال وامرأتان، نظروا إليه خلسةً قبل أن يُشيحوا بنظرهم عنه.

على الرغم من أنه كان لا يزال بشريًا، إلا أن بنيته الجسدية ومزاجه جعلا وجوده يلمع مثل المصباح، وبالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم ثقة في قدراتهم، سيكون من الصعب حتى النظر في عينيه.

خرج أندار من المصعد إلى وجهته ونظر حوله بحثًا عن حارس ليظهر له الاتجاه إلى البوابة التي اختارها، لكنه سرعان ما وجد أنه ليس بحاجة إلى ذلك.

كانت هناك أوصاف لغرفة البوابة رقم 1220، وحتى رقم 1229، مثبتة على أبواب بيضاوية كبيرة، وكان من السهل تتبع وجهته، وفي غضون خمسة عشر ثانية وقف أمام المدخل البيضاوي للغرفة رقم 1223.

كانت الغرفة فارغة إلا من باب خشبي وحيد يلوح بصمت في وسطها. على واجهة الباب نقشٌ لطفل. ما إن إقترب أندار حتى صدر من الباب صرير خفيف، فانفتحت عينا الطفل، وتألأت النار في داخله.

الترجمة : كوكبة

———