السجل البدائي - الفصل 367

الفصل 367: تضحية التنين

نقر الخيميائي على طرف عصاه في الهواء، وبدأت المعركة. أدرك أنه لا يستطيع مواجهة الرماح البلورية وجهاً لوجه، فسعى لتحويل مسارها. لو استطاع إيصال تعويذة واحدة إلى سيلاس، لكان قد فاز.

استخدم تعويذة الإعصار الجهنمي التي استخدمها سابقًا لسلب سيلاس حمايته، بحيث تكون أي تعويذة عشوائية تُصيب سيلاس قادرة على إنهاء المعركة. كانت هذه استراتيجية شائعة الاستخدام في المعارك بين السحرة.

كان هناك فرق كبير بين قوة ساحر الرتبة الثالثة وساحر الرتبة الرابعة، أكبر بكثير من الفرق بين ساحر الرتبة الثانية وساحر الرتبة الثالثة. لذا، لم يكن بحاجة إلا لفرصة واحدة.

أدرك الخيميائي الآن أن هذه الرماح يمكن أن تزعزع استقرار أي بنية أثيرية تلمسها، وأصبح مدركًا لهذه الحقيقة بعد أن مزقوا تعويذة الإعصار الجهنمي إلى قطع، لذلك قام بحماية نصوصه بكل قطعة من المواد التي يمكنه توفيرها والتي يمكن أن تمنع الرماح حتى لثانية واحدة.

كان يعلم أن خطته محكوم عليها بالفشل الذريع، لكن لم يكن أمامه خيار سوى المضي قدمًا. أجرى ألف عملية حسابية في جزء من الثانية، وتتبعت عيناه مسار الرماح البلورية المتجهة نحوه، فأطلق العنان لقوته.

هزت صدمة اشتباكهما السماوات والأرض، وبدأ سيلاس يضحك من شدة البهجة، فقد مزق الانفجار جزءًا من الفضاء، ورغم أنه لم يستطع رؤية نتيجة الاشتباك، إلا أنه كان يعلم أنه الفائز بلا شك.

كانت المساحة امامه ملتوية بسبب الفوضى، وكانت كل أنواع السحر التي اصطدمت بالرماح الكريستالية قوية حيث ارتفعت السحب السوداء المغطاة بخطوط من الصواعق الأرجوانية لأميال، وكان من الممكن رؤية هذا المشهد الخيالي بالعين المجردة لمئات الأميال.

أن يقاتل ساحر من الرتبة الرابعة قطعة أثرية لساحر كبير كان غباءً مُفرطًا، مهما كانت مهاراته وقوته. لم يكن بحاجة إلى أن يبقى الساحر على قيد الحياة، بل كان يحتاج فقط إلى أندار، لذلك لم يتردد سيلاس.

بدأ عقله يفكر في مطاردة كلاب الصيد الزجاجية للتأكد من أن المهمة تسير بسلاسة عندما أشرق بريق أرجواني في وسط الضجة وأطلق صاعقة نحو سيلاس.

سخر وأرسل رمحًا بلوريًا لتشتيت البرق، يبدو أن الخيميائي ما زال لديه بعض الشجاعة. وبينما كان على وشك استدعاء المزيد من الرماح لإنهاء كل شيء، لم يلاحظ أن البرق الذي بددته بالرمح لم يختف.

وبشكل غير متوقع، تقارب البرق المتناثر وتحول إلى الخيميائي، وكان لديه ثقب كبير في صدره وكانت معظم أرديته ممزقة، لكنه كان على بعد مائة قدم من سيلاس، بالنسبة للسحرة من مستواهم، كان من الممكن أن يكونوا ممسكين بأيدي بعضهم البعض.

اتسعت عينا سيلاس في حالة من الذعر، حيث بدأت صرخة الرعب ترتفع من صدره، لكنه كان قد فات الأوان.

اصطفت عصا الخيميائي مع رأسه، وبدأ ضوء أرجواني ينبعث منها. بدت علامات اليأس واضحة في عين سيلاس عندما نقر الخيميائي أصابعه، فأطلق تعويذة “تضحية التنين” من المستوى الخامس.

البرق الذي خرج من العصا حطمها إلى قطع، كان من الضروري التضحية لإلقاء تعويذة أعلى من رتبته، كما تفاقمت إصابته حيث تقيأ الدم وكاد يسقط من السماء.

لقد اتخذت التعويذة شكل تنين واقعي أصدر زئيرًا رهيبًا، وكان من الممكن رؤية كل الأنياب الطويلة واللعاب الدموي داخل فم التنين.

مع زئير طويل مدوٍ بدأ التنين في التوسع بينما كان يحلق نحو سيلاس حتى أصبح جسمه الثعباني طوله خمسين قدمًا على الأقل.

أغمض سيلاس عينه الوحيدة متوقعًا موته، كان على الخيميائي اللعين أن يستخدم تعويذة من المستوى الخامس ضده، كيف كان من المتوقع أن يستجيب لذلك خاصة عندما فات الأوان لإجراء أي تعديل على البلورة التي كان يحملها.

هزه صوت صاخب من ذهوله، وفتح عينيه ليرى نفسه داخل فكي التنين، لكنه كان لا يزال على قيد الحياة.

خرج صوت هائل من فم التنين عندما أحاط البرق الساخن بما يكفي لإذابة الفولاذ والحجر بسيلاس لكنه لم يصب بأذى.

كانت حدة عقل الساحر كبيرة، لذلك لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يفهم أنه كان محميًا بواسطة القطعة الأثرية السامية.

ولم يكن سيلاس يعلم أنه قادر على فعل ذلك بعد كل هذه السنوات من استخدامه. في الواقع، لم يكن من الممكن يفعل ذلك. هذه البلورة كانت للهجوم فقط، وأخبرته معلمه عدة مرات أنها أفضل وسيلة للدفاع.

لم يعرف سيلاس ابدا مدى قوة ما كان يحمله، ولم يستطع إلا أن يبتسم، لأنه كان يعتقد أنه داخل بيت السامي، حتى القطط والكلاب كانت أقوى من التنانين.

لقد توسعت البلورة وغطت جسده وبغض النظر عن كمية البرق التي أطلقها التنين عليه، لم ينجح الأمر، فقد رأى أنياب التنين تبدأ في التشقق بينما بدأ الدم ينهمر على الأرض، ولم يستطع سيلاس إلا أن يشعر بلسعة الحسد وهو يتأمل هذه التعويذة من المستوى الخامس التي كانت واقعية تقريبًا.

مع زئير أخير محبط انفجر التنين، ولعدة ثوانٍ كان الشيء الوحيد الذي يمكن لسيلاس رؤيته هو موجة لا نهاية لها من البرق الأرجواني، كان آمنًا من الحرارة أو الصدى، وطوى ذراعيه وهو معجب بالمنظر.

عندما انتهى الانفجار، كان مشهد الدمار واضحًا على بعد أميال. بدأت تعويذة من المستوى الخامس تلامس عالم القوانين، وكان تأثيرها على البيئة لا يُستهان به.

نظر سيلاس للأمام ليرى نظرة الخيميائي على وجهه، متوقعًا صدمته، وانزعج قليلًا عندما لم يرَ أي ذعر أو يأس، بل مجرد قبول. كانت عيناه الرماديتان الباردتان لا تزالان تنظران إلى الدرع البلوري المحيط بجسد سيلاس، كما لو كان يُقيّم أي ضعف.

“ماذا تفهم عن السامي…” شعر سيلاس بألم لاذع في عموده الفقري، لكنه تجاهله، أراد أن يتفاخر، “ماذا تفهم…”

هذه المرة، أصبح الألم شديدًا جدًا لدرجة أنه لم يستطع تجاهله، فسيطر على جسده كله. توقف ثم صرخ من الصدمة.

الترجمة : كوكبة