السجل البدائي - الفصل 361

الفصل 361: هدية الخيميائي

صمت أندار بعد سماعه كلمات معلمه. كان اليقين في نبرته جليًا، فهو رجلٌ يفهم رحلة الساحر، والطريق إلى تحقيق إمكاناته.

فجأة شعر أندار بالرغبة في البقاء بجانب هذا الرجل، بعد كل شيء، فقد أمضى معلمه أكثر من عقد من الزمان في إيجاد طرق لإدارة حالته، ولم يطلب منه شيئًا أكثر من تفانيه ومثابرته.

بإمكانهما الانتقال إلى مكان آخر وبدء حياة جديدة. بمواهبه، سيتمكن من حماية معلمه في وقت قصير.

[استمتع روان بهذه العملية الفكرية لأندار، وتركها تتجلى، فهو سيفعل أشياءً مماثلة في المستقبل ليخلق نموًا طبيعيًا لهذه الشخصية من شاب ساذج إلى ساحر متعب. بالطبع، كان روان أندار، لكنه كرر وعي الطفل تمامًا.]

“يا سيدي، أعلم أن لديك بعض كتيبات التدريب، يمكنني استخدامها لأصبح مساعدا وأبدأ مسيرتي كساحر، لأبقى بجانبك. أنت المسؤول عن معظم إنجازاتي، وأفضّل أن أكون تلميذك ما حييت على أن أصبح ساحرًا كبيرًا ينسى كل من يحبه.”

“يا لك من طفل أحمق!” انفجر الخيميائي ضاحكًا: “دليل التدريب الذي أحمله معي لن يُفيدك إلا إلى حدٍّ ما. سيكون ذلك أكبر إهدار لموهبتك، وسأُهلك نفسي أولًا قبل أن أسمح لشخصٍ عظيمٍ مثلك بتدمير مستقبله. كما تعلم، لدينا مستويات مُختلفة لدليل التدريب، وأفضل ما لديّ هو المستوى المتميز. وجدتُ هذا الدليل مؤخرًا، وأضفته أيضًا إلى المُقتنيات التي سأُهديها لك قريبًا، لكنني آمل أن تُبلي بلاءً حسنًا، فالخطر المُقبل كبيرٌ جدًا، وسيكون من المستحيل الاختباء منه. لا يُمكنك إلا مُواجهته وجهًا لوجه.”

لاحظ الخيميائي ارتباكه، فبدأ يُفصّل: “لكل دليل تدريب سبع درجات، وهي: عادي، ومتميز، وفائق، وتراثي، وأسطوري، وقدر سماوي، وأسمى. يُشرح التقسيم الصحيح لكتيبات التدريب بشكل أفضل في ساحة الاختبار، لكن تقسيمها واضح من الأدنى إلى الأعلى.”

كرر أندار الدرجات في ذهنه بصمت، “معلمي، هل يمكنني العثور على درجات أفضل من كتيبات التدريب داخل منطقة الإختبار؟”

“بالطبع، هذا أحد أفضل الأماكن للعثور على الدليل المثالي لك. وهو أيضًا سبب وجيه للذهاب إلى منطقة الإختبار، فهي منطقة مميزة تتقاطع مع العديد من الأبراج العظيمة، وهي أرض تجارب مشتركة. قد تتمكن من العثور على دليل بمستوى أسطوري أو أعلى.”

وسرعان ما وصلا إلى وجهتهما، ورأى أندار ميناءً صغيراً على الجانب الغربي من النهر الجاري، فتولى معلمه قيادة السفينة ووجههما نحوها بشكل صحيح.

نزلا كلاهما وتوجها إلى مصعد مخفي حملهما إلى الأعلى، وفي طريقهما إلى السطح، تغير وجه الخيميائي ولعن،

“لقد تعطل مُعطِّل الإشارة خاصتي، وقد حدث ذلك أسرع مما كنتُ أخطط له. علينا الإسراع. خذ هذا الخاتم المكاني، فهو يحتوي على كل ما قد تحتاجه، بما في ذلك دليل التدريب، وبلورات الأصل، وجميع أدوات الخيمياء، والكتب، وغيرها من الأشياء الصغيرة التي ستحتاجها في رحلتك.”

وبعد أن اخذ روان الخاتم المكاني، وضعه على إصبع السبابة الأيسر، وتبع معلمه إلى الأعلى حتى وصلا إلى السطح، ووجدا نفسيهما داخل مستودع فارغ عرضه مئات الأقدام.

أخرج معلمه عصاه من خاتمه المكاني، مصنوعة من خشب أرجواني من شجرة البرق النادرة. كان طولها سبعة أقدام، وفي أعلى العصا أربع أزهار أرجوانية تشبه الورود، أضاءتها صواعق برق أرجوانية ساطعة تشبه الثعابين المتجولة.

أنزل نهاية العصا وضرب الأرض ثلاث مرات، فأرسل صواعق من البرق الأرجواني إلى الأرض، وكانت أصوات العصا التي تضرب الأرض طويلة بشكل غير طبيعي، وكان على أندار أن يثبت نفسه عندما بدأت الأرض تحته تتحرك.

انخفض فكه عندما انفتحت الأرض وظهر مخلوق عملاق، يبلغ طوله مئات الأقدام، ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى اكتشف أن هذا المخلوق كان حوتل سحابيا نائمًا.

كان هذا وحشًا شهيرًا ربّاه السحرة للسفر لمسافات طويلة. كبر حجمه وأصبح قادرًا على الطيران بحرية في السماء لفترات طويلة وبسرعات هائلة. حتى أن الحيتان البالغة منه كانت قادرة على السفر عبر الفضاء، وكانت تُسمى آنذاك حيتان الفراغ.

كان حوت السحاب هذا صغيرًا حيث كان طوله ثلاثمائة قدم فقط من الخطم إلى الذيل، وكان جلده أزرقًا ساحرًا وكان لديه أربعة أزواج من العيون مرتبة من فمه إلى زعانفه الضخمة.

“هذه هديتي لك يا عزيزي المتدرب، كان من المفترض أن تكون هديتي لك عندما تستيقظ وتبلغ رتبة الساحر، لكن الظروف أجبرتني على تقديمها لك قبل الموعد. الآن افتح يدك اليسرى لأتمكن من ربط روحه بيدك أثناء نومه. هذا مخلوق قوي يُضاهي الساحر، لكن بمساعدة النص الذي سأضعه عليك، سينخفض جزء كبير من العبئ.”

مدّ أندار يديه للأمام دون تردد. كانت عيناه مليئتين بالثقة والحماس لإمكانية امتلاك حوتٍ سحابي.

تنهد معلمه، فما زال تلميذه يثق به كثيرًا. لقد حذره من مخاطر موهبته عندما يكتشفها الآخرون، لكن هذا الطفل…

بدأ الخيميائي يردد الكلمات على شكل تعويذة أثناء وضع النصوص على ذراع أندار.

الترجمة : كوكبة