السجل البدائي - الفصل 359

الفصل 359: استراتيجية الخروج

وقف العمدة وانحنى للمعلم قبل أن يتجه إلى أندار، “تذكر أن تتحقق من المخزن العام لأي شيء تحتاجه قبل أن تغادر. سأودعك، من فضلك اعتني بابنتي في رحلتك، إنها فتاة سخيفة، لكنني متأكد من أنها ستكون مفيدة لك.”

وبعد ثوانٍ قليلة ركضت ليفيا خلف والدها، وهي تمسك بشيء ما بإحكام في يدها اليسرى، ونظر أندار إلى شكلها المنسحب بريبة قبل أن يتجه إلى معلمه.

أشار له معلمه بالصمت واتباعه. أومأ أندار، وسارع معلمه إلى مكتبه، حيث وصل إليه وفعّل زرًا مخفيًا.

شعر أندار بهزة أرضية تحته عندما بدأت الغرفة تدور. اتسعت عيناه إذ لم يكن يعلم أن مثل هذه الآلية قد وُضعت في هذا المكتب بعد كل هذه السنوات التي قضاها هنا.

كشفت الغرفة الدوارة عن ممر طويل، وفي نهايته درج يؤدي مباشرة إلى الأسفل. بدأ معلمه بالنزول على الدرج، وتبعه أندار. كان الدرج منحوتًا من الصخر أسفل المختبر، ومن العلامات عليه، كان كل هذا مصنوعًا يدويًا.

كان الفضول في قلبه معتدلاً فقط بأفكار عميقة حول تصرفات معلمه الحالية.

نزلوا لأكثر من سبعة طوابق، بينما ظن أندار في البداية أن هناك طابقين فقط تحت الأرض. وعندما وصلوا إلى القاع، سمع صوتًا خافتًا لتدفق الماء، وسرعان ما كشف عن وجود مجرى جوفي تحتهم طوال هذه المدة.

نظر أندار حوله بدهشة فرأى ميناءً صغيراً عملياً، مع قارب ومؤن مرتبة في أقسام مختلفة، تكفي لإطعام وتوفير احتياجات جيش صغير لمدة شهر.

بدأ معلمه في التحرك بسرعة ووضع ما يحتاجه على متن القارب ودفع الآخرين إلى حلقة مكانية.

“أندار، أوصّل فوهة الوقود بالقارب، فمنفذ الحقن أقرب إلى المؤخرة، أدر الغطاء إلى اليسار لا اليمين، فبقوتك ستمزق هيكل القارب. سأخبرك سبب رحيلنا هكذا، لكن الوقت يضيق وأنت في خطر.”

لم يتردد أندار، وذهب إلى مهمته دون أي تساؤل. لقد وثق بمعلمه. كان بإمكان هذا الرجل أن يستغل أندار أو يسيء معاملته في سعيه لفهم موهبته، لكنه لم يفعل، فقد عامل أندار كابنه، ولم يُعطِه أي سبب ليصدق أنه سيخونه.

كان هذا هو فكر أندار، لكن في أعماقه ازداد حذره وبدأ في وضع الخطط، على الرغم من أنه شك في أنه سيكون قادرًا على الهروب أو القتال إذا كان معلمه لديه نوايا سيئة في ذهنه.

نجح في توصيل المضخات بالقارب، وبدأ خزان الوقود يمتلئ. كانت هذه التقنية بدائية. نظر بعيدًا وراقب معلمه وهو يُجهّز.

بدأ الخيميائي يتحدث إليه بذهول بينما كان مشغولاً بترتيب المؤن. شك أندار في أنهم سيحتاجون إلى معظم ما يجمعه، لكن معلمه كان دائمًا مستعدًا للأسوأ.

“هذا قاربٌ صنعتُه باستخدام تقنية الوقود الأحفوري القديمة. لا أستطيع استخدام النصوص أو أحجار الأثير أو السحر لتشغيله لأمنع أي شخص من رصد أي انبعاثات منه. بالطبع، إنه صامت. كان هذا هو المسار الاحتياطي للمختبر الذي أنشأته قبل خمسين عامًا. تذكر يا أندار، يجب أن يكون لديك دائمًا استراتيجية خروج.”

كان أندار معتاداً على هذه العادة لدى معلمه، وهو أن يتكلم في الأمور العامة بينما يكون عقله بعيداً في أمور أخرى.

بعد دقائق، انتهى معلمه من عمله، وصعدا إلى القارب الذي بدأ العمل بضغطات قليلة على الأزرار. بدأ المحرك السفلي بالتحرك بهدوء، وبدأ القارب يتحرك للأمام، وكانت الملاحة آلية، ومع ذلك ظل معلمه يُبقي عينيه مفتوحتين، ومع نظرة التركيز على وجهه، لا بد أنه كان يستخدم أساليب مراقبة أخرى بنشاط.

كان الجزء الأول من الرحلة صامتًا، مما جعل أندار يتساءل إلى أي مدى يتدفق هذا النهر الجوفي، إذ لابد أنهم تحركوا لمسافة ثلاثين ميلاً على الأقل، وهذا من شأنه أن يضعهم خارج أراضي البلدة.

وبدا أن معلمه قد تنفس الصعداء بعد أن عبروا مسافة معينة، فزاد من سرعة القارب والتفت إليه،

“لقد كنا محظوظين لأن الساحر الذي تم إرساله أثناء إستيقاظك كان صغيرًا جدًا، وإلا لكان قد أمسك بك على الفور وأخذك بعيدًا … حظ محض.”

قفز قلب أندار، “معلمي، هل هناك أي خطأ في إستيقاظي؟”

“خطأ؟” هزّ معلمه رأسه، “لا، لا ابدا، بل على العكس تمامًا، كل شيء سار على ما يرام في إستيقاظي. كل شيء سار على ما يرام لدرجة أنه غير طبيعي و… مخيف.”

نظر إليه معلمه بنور غريب في عينيه، بينما أخذ يد أندار وبدأ يتتبع الأوردة الفضية المتوهجة تحت جلده بأصابعه،

“جسدك هو الإناء المثالي للساحر، هل تفهم ذلك يا أندار؟ لا يبدو أنه نتيجة أي إستيقاظ رأيته في حياتي، إنه…” بدا معلمه وكأنه يكافح لإيجاد الكلمات المناسبة لوصفه، “…فن!”

كان الفضول والجوع المشتعل في عينيه صادمًا، وبقوة الإرادة سحب نفسه بعيدًا وبدا وكأنه ينهار بجانبه، وأصبح صوته منخفضًا وهو يقول: “تلميذي، نظرًا للطبيعة الفريدة لمواهبك، بدأت في التحقيق بشكل مكثف في جميع مواضيع الإستيقاظ، ولذا، يمكنني أن أقول بجرأة أنني في الكوكب بأكمله أحد أبرز الباحثين في عملية الإستيقاظ.”

وبينما كان يتحدث، اكتسب صوته قوةً ووضوحًا بينما كان يغرق في ذكرياته، “كما تعلم، أثناء إستيقاظك، حطمت بوابتك وفتحت مصفوفة روحك، إن الجمع بين بوابتك التي تم سحبها إلى مصفوفة روحك مع عامل فريد داخل تلك المساحة من شأنه أن ينتج منتجًا ثانويًا من شأنه أن يرقي ويغير جسد المستيقظ. إن أسرار هذه العملية تتجاوزني.”

الترجمة : كوكبة