السجل البدائي - الفصل 351

الفصل 351: أنا انعكاس

كانت الروح هي كل حياة الكائن الحي، بكل ما فيها من حبٍّ وخسائر، وآلامٍ وأحزان. تعرّف عليها وفهمها أكثر من أي شخص آخر، حتى أصدقائها وعشاقها لن يعرفوها بعمقٍ كما عرفها روان.

لكن السؤال كان كيف سيتمكن من تحطيم بوابة بهذا الحجم بإدراكه الضعيف؟

وصل إدراك روان إلى البوابة وضغطت عليه قوة مجهولة وتحول إدراكه إلى شكل جسد.

اتضح أنه جسده الرئيسي. كان طوله ثمانية أقدام، بشعر ذهبي يصل إلى خصره، وعيناه الشبيهتان بعيني ثعبان تتوهجان بلهيب ذهبي بينما يتسلل البرق من خلالهما.

“مثير للاهتمام.” تمتم ومدّ يديه ووضعهما على البوابة. استجمع قواه ودفعها.

شعر على الفور أنه ذبابة كانت تحاول تحريك جبل.

لم يكن روان معتادًا على العوائق التي لم يكن قادرًا على تحريكها أثناء وجوده في الإمبراطورية، وكان وجود حدود أو التخطيط للمشاكل ضروريًا له فقط لأنه كان يقاتل السامين عندما كان قد قضى أقل من عام في هذا العالم وكان ضعيفا جداً.

لقد واجه روان انتكاسات ملحمية وخيارات صعبة، لكنه لم يتراجع أبدًا في المجال التي تتطلب القوة البدنية والعقلية، ولم يكن ينوي أن يبدأ الآن.

شرع في المهمة وبدأ باستخدام قوته العقلية لفرض سيطرته على إدراكه. أخبر نفسه أنه لا يمكن أن يفشل، فقد سبق له أن حطم جبالًا أكبر، ولن يكون الأمر مختلفًا هذه المرة.

يدفع!

لم تتزحزح البوابة، ولم يتزحزح هو أيضًا. استمر في الضغط أكثر، مستدعيًا قدرًا لا ينضب من المثابرة والقوة.

برزت عضلات جسده كله. برز كل وريد فيه بكثافة كالثعابين، وكانت أسنانه مشدودة بقوة لدرجة أنه استطاع قضم الماس.

‘لن أفشل في أول مهمة عظيمة أطبقها على نفسي في هذا الجسد الجديد.’

استمد روان المزيد من القوة من مكان ما في أعماقه وصرخ، لكن صراخه لم يطغى على الانهيار القوي الذي جاء من البوابة، حيث انتشرت شبكة عنكبوتية من الشقوق من تحت يديه وبدأت في الصعود عبر البوابة.

انتشرت الشقوق لمئات الأقدام ثم توقفت.

لقد فشل روان.

كما هو الحال دائمًا عندما واجه روان موقفًا صعبًا، لم يضطرب أو يصبح مفرط النشاط، بل ذهب إلى الطريق المعاكس وأصبح باردًا ومنطقيًا.

تراجع عن البوابة ورأسه منحني في تفكير. كان ليتمكن من عبور هذه البوابة لو كان جسده الرئيسي معه.

لقد كان انعكاسًا لروان، وكان يمتلك جزءًا صغيرًا فقط من كامل قوى وعيه.

كان عمود وعي واحد فقط لدى روان أقوى بعشر مرات مما من عقل الإنعكاس، وكان لدى روان وعي متعدد، وبحلول الوقت الذي استيقظ فيه كان هذا العدد قد نما بالتأكيد.

لن ينجح لو حاول القيام بهذه المهمة معتقدًا أن لديه نفس القدرة على التحمل التي يتمتع بها جسده الرئيسي. ما الذي كان ينقصه إذًا؟

وضع يديه مرة أخرى في البوابة، ولم يدفع، كان يفكر فقط.

قد يبدو وكأنه يملك كل الوقت، لكنه كان يعلم أنه على وشك النفاذ. كان جسد أندار الجديد مذهلاً، لكنه لم يستطع الصمود طويلاً، إذ بدأت موهبته المنحرفة تملأ جسده بالأثير.

أي أنه سوف يعود قريبًا إلى نفس الوضع الذي واجهه المالك السابق لهذا الجسد، وسوف تُغطى بوابة مصفوفة الروح تحت موجة لا نهاية لها من الأثير.

‘ماذا ينقصني؟ هل أخطأتُ، وطبيعةُ سلالةِ مستولي الأرواحِ خاصتي تمنعني من فتحِ بوابةِ مصفوفةِ الروح؟”

فكر روان دون ذعر في عينيه حتى عندما بدأت البوابة في الضباب، حيث بدأ الأثير داخل أندار يملأ جسده حتى أسنانه.

كان من الممكن ملاحظة أنه خارج جسد أندار، أن تيارات صغيرة من الأثير الفضي بدأت تتسرب من أنفه أثناء تنفسه.

لقد نفذ منه الوقت.

كان الضباب قد غطى نصف البوابة وما زال روان ليس لديه حل، وبينما كان يقترب ويغطي تسعين بالمائة من البوابة، توقف روان ونظر إلى يديه التي كانت تلمس البوابة، وكاد يبتسم وهو يكتشف الإجابات.

‘أنا لم أعد مجرد انعكاس لروان كورانيس، أنا هنا من أجل بداية جديدة، لإنشاء جزء بدون أي روابط مرئية مع نفسي، ومع ذلك فقد بدأت بالفعل في الفشل.’

كان الضباب الآن قريبًا من يديه، وسيُطرد من البوابة في أي لحظة. لكن ببطء، بدأت تلك الأيادي تتغير مع تراجع روان، مما سمح لشخصية أندار ووعيه بالسيطرة.

انكمش جسده، وذبلت عضلاته الضخمة، وتحول شعره الذهبي إلى اللون الأبيض الباهت، وتساقط من رأسه مثل الرماد، ولم يعد روان موجودًا.

تقدم أندار، وضغط بيده على الجزء الصغير من البوابة حيث نقشت عليه أسماء الأشخاص الثلاثة الوحيدين الذين عرفهم على الإطلاق، وباستثناء صورة الخيميائي التي صمدت لبضع ثوانٍ، انهارت البوابة تحت يده.

بدأ الانهيار يتزايد، حيث ضرب إعصار هائل من الرياح والحجارة حوله، كما بدأت بوابة عالية بما يكفي لكشط السماء في الانهيار.

تحت الدمار الهائل، بدا أندار صغيرًا جدًا، عندما نظر إلى يديه التي فتحت بوابة من شأنها أن تمنع ساميا.

ضحك ضحكة جافة، “اتضح أنني نقطة ضعفي.” نظر إلى ظلمة هذا الوعي وتنهد، “كان أن أصبح شيئًا جديدًا أصعب مما ظننت. روان لم يعد موجودًا، والآن أنا أندار. إلى أن يحين الوقت ويصبح أندار روان. سأنتظر وأراقب، ألست أنا مجرد انعكاس؟”

الترجمة : كوكبة