السجل البدائي - الفصل 348

الفصل 348 : من هو أندار ؟

كان هذا اللون أبيضا كالقمر، ويبدو أنه يحمل هواءً باردًا يهز المناطق المحيطة.

كان الجميع هنا داخل القاعة يعلمون معنى ذلك اللون، فثارت ضجة بين الحشد. وبدأت شائعة الحدث الذي جرى داخل القاعة تنتشر في جميع أنحاء المدينة، وتوافد الناس من كل حدب وصوب لمعرفة سبب هذه الضجة.

كان ضجيج عبقري يهز الأرض ولد داخل مدينتهم ينتشر مثل النار في الهشيم، وبدأت كل الأنظار تتجه إلى قاعة المدينة.

لم يكن حال الناس على المنصة أفضل بكثير. أمسكت ليفيا بولفري بحواف رداء والدها بقبضة قاتلة، وعيناها مفتوحتان على اتساعهما من الحماس والفرح، فظهور موهبة كهذه من بلدتهم الصغيرة كان خبرًا سارًا لهم جميعًا. من عساه يكون؟ هل هو أحد معارفها؟

في ذهنها، لم تستطع الوقف عن التفكير في شخص ما، لو كان هناك من يستطيع إيقاظ موهبة من الرتبة البيضاء، فسيكون هو.

ومع ذلك، لقد تأكدت، لم يكن أندار هنا، لكانت لاحظت بسهولة وجوده المذهل، مثل طائر الكركي الفضي الذي يقف بين الدجاج.

كان دانيال يعض شفتيه بذهول من الأحداث الجارية، حتى عندما بدأ الدم ينزف، لم يلاحظ. هل يُمكن أن يوجد شخص بموهبة التلميذة الكبرى هنا؟ لا، هذا مستحيل، لا يُمكن لأحد أن يمتلك مثل هذه الموهبة في مكان كهذا، لا بد من وجود خطأ ما.

كان من حسن حظه إذًا أنه لم يكن يعرف شيئًا عن الأجساد الروحية. كان مفتونًا بمواهب أخته التلميذة الكبرى، فلو وُجدت موهبة مماثلة لها في هذه المنطقة النائية، لكان ذلك ظلمًا.

بدأ سيلاس، الذي كان بجانبه، يرتجف، وجفّ فمه، وبدأ يفحص القاعة بشراسة، مستخدمًا تقنيات سحرية. كانت مصفوفات أرواح من الرتبة السادسة في المستوى الأبيض كافيةً لإخراج الوحوش القديمة من داخل جبالهم.

ولكن ماذا لو علموا أنها ليست مجرد مصفوفة روحية من الدرجة السادسة، بل هي أيضًا جسد روحي من الدرجة السادسة؟

لم يسمع قط عن جسد روحي بهذه الدرجة من قبل، ولم يكن يبدو من الممكن لشخص واحد أن يكون مباركًا إلى هذا الحد!

السبب الوحيد وراء عدم إصابة سيلاس بالجنون ظاهريًا هو بسبب التصرف البارد لسحرة البرج الأسود وصيغة الروح التي مارسها، ومع ذلك كان على الحافة.

لم يُظهر الخيميائي الجالس بجانبه أي علامة ظاهرة، لكن سيلاس سمع وقع قدم سريع داخل ردائه الضخم. موهبة من الرتبة البيضاء كفيلة بأن تصبح ساحرًا كبيرًا في المستقبل، وجسد روحي بهذه الرتبة يمكنه أن يرتقي إلى مستويات أعلى ويصل إلى آفاق لا يمكن تخيلها.

كانت هذه الموهبة أقرب إلى قمة هذا العالم.

في البرج الأسود بأكمله، سيكون من الغريب وجود أكثر من مئة ألف شخص من هذا النوع. يصبح هذا العدد أكثر غرابة عندما ندرك أنه حُسب على أساس فترة عشرة ملايين سنة. أي أنه لم يكن هناك سوى مئة ألف موهبة من ذوي الرتبة البيضاء في البرج الأسود، خلال العشرة ملايين سنة الماضية.

لم يكن أيٌّ منها، إن تذكر، أجسادًا روحية. على الأرجح، هذه أول مرة يحدث فيها شيءٌ كهذا.

“يجب عليّ… يجب عليّ الاتصال بمعلمتي على الفور، هذا كثير جدًا… لقد تجاوز مستواي، فقط رئيسة السحرة يمكنها التعامل مع هذا الأمر،” تمتم سيلاس بينما استعاد بيده المرتعشة تميمة اتصال، أراد تشغيلها لكنه استمر في الفشل.

“إيه، كبير… كبير.” نقره دانييل في جانبه.

“ماذا؟” صرخ سيلاس، “ألا ترى أنني أتواصل مع معلمتنا قبل أن ينتشر الخبر في هذا المكان.”

أشار دانييل بصمت إلى الخرزة، كانت عيناه مهووستين وتوقف سايلس عندما رأى الصدمة الخام على وجه الصبي، وهدأه ذلك قليلاً.

‘أنا ساحر.’ فكّر في نفسه. ‘عليّ ضبط مشاعري.’

ومع ذلك، فإن صوت الخيميائي الذي وقف في حالة صدمة دفع سيلاس إلى النظر إلى الأعلى، وسقطت عيناه تلقائيًا نحو الكرة، ولم ير سوى اللون الأسود.

في البداية، ظنّ أن كرة مصفوفة الروح قد عادت إلى لونها الأسود الأساسي، وأن ما حدث كان مجرد صدفة، لكنه أدرك بعد ذلك أن السواد المنبعث من الخرزة كان مختلفًا. كان يتمدد.

كان الظلام يمتص كل ضوء في محيطه، وكأنه شمس سوداء. سقطت تميمة التواصل من بين أصابع سيلاس الضعيفة. كادت مصفوفة روحه، التي صنعها بعناية، أن تتكسر إلى قطع، لو حدث ذلك، باستثناء الخيميائي، لكان الجميع هنا قد هلكوا.

‘هذا سخيف! كيف… كيف لشخص كهذا أن يتواجد في هذه البلدة الصغيرة على كوكب إيكارون الرابع؟ هذا لا ينبغي…’

التفت إلى العمدة وصرخ: “هذه علامات صحوة حديثة! موهبة كهذه لا يمكن أن تكون مجهولة، لديك سجلات كل ولادة ووفاة في ذهنك، ففكّر بسرعة. من بين قومك هذه الموهبة؟ لماذا لا أعرف عنها شيئًا؟”

تلعثم العمدة المرتبك قائلًا: “لا أستطيع الجزم، أنا أيضًا مرتبك، هل أنت متأكد أن هذا ليس عطلًا في كرة مصفوفة الروح خاصتك؟ معظم الشباب الموهوبين في العقود الثلاثة الماضية قد وُثِّقوا بالفعل.” ثم كأنه أدرك شيئًا ما، التفت نحو الخيميائي قائلًا: “إلا…”

صمت العمدة مصدومًا وهو ينهار على ركبتيه، وقد تحولت الخرزة السوداء المتوهجة إلى اللون الفضي. هل هناك لون يفوق الدرجة العليا؟

تنهد جوناثان ميلبروكس عندما أدرك حقيقة ما حدث، وقال: “أندار!”

فجأة غطته الصاعقة واختفى، وتفرق الحشد فوقه عندما اخترق بسرعة أكبر من الصوت عدة مرات.

نظر سيلاس إلى المكان الذي كان فيه الخيميائي، وأصبح وجهه أبيض والتفت إلى العمدة الراكع، وأمسك به من ردائه، وصرخ في وجهه، وبصاقه يغطي وجه الرجل المسكين بسخاء “من هو أندار؟”

الترجمة : كوكبة