السجل البدائي - الفصل 332

الفصل 332: المناطق البيضاء

كان كوكب تريون واسعًا، ولأنهما لم يتمكنا من استخدام قدرتهمل على الطيران للوصول إلى ساحة المعركة في الوقت المناسب، كان عليهما أن يشقا طريقهما ببطء عبر الكوكب.

لقد كان ذلك دليلاً على براعة النورانيين أنهما تمكنا من الوصول إلى جبهة المعركة في عامين فقط وكانا يمتلكان جسدين.

بفضل حواسهما النورانية، تمكنا من اكتشاف الاضطراب الذي ينتظرهما حتى بدون استخدام بصرهما، حيث أثارت المعارك التي خاضوها شهوة المعركة البدائية داخل دماء النورانيين، ووجدت دورا نفسها تلعق شفتيها بينما كانت تنظر إلى أعماق القارة التي كانت محاطة بالشفق.

بالنسبة للمعلومات القليلة التي استطاعت استيعابها باستخدام حواس المهيمن الذي تمتلكه، رأت أن كل معركة هنا كانت مكثفة، مع حشود من السحرة والشياطين والمهيمنين والعديد من القوى الغريبة الأخرى التي تقاتل وتموت في كل لحظة، ولكن على الأقل كان هناك مظهر من مظاهر التفكير الذي يمكن أن تدركه العقول البشرية.

كان العمق في ساحة المعركة هو القوى التي تجاوزت عالم أراضي الأراوح، وكان الجنون الحقيقي هو أقل المخاطر التي يمكن العثور عليها هناك.

كان هذا الطريق الذي كانوا على وشك المرور به قد استولى عليه السحرة، وقد احتفظوا به طوال السنوات الخمسين الماضية، ولكن مع تدفق الموجة الجديدة من المهيمنين إلى ساحة المعركة، بدأوا في كسر جميع التحصينات التي أقامها الشياطين والسحرة، حيث بدأ تدفق الجثث غير المنضبط في التراكم في الحرب.

لم يكن من الممكن اعتبار هذا الطريق طريقًا إلى ساحة المعركة قبل ثلاث سنوات، ولكن الآن كان هناك ما يكفي من الجثث لبدء إغلاق القارتين بالكامل، حيث كان يتم تجميع الملايين من المهيمنين كل أسبوع وإرسالهم نحو جميع الحواجز حول القارات.

كانت الإمبراطورية تُخفي أنيابها وتنتظر الفرصة المناسبة طوال هذه الفترة. كان الرأي السائد حول أسباب بدء الإمبراطورية في خوض هذه الحرب بنشاط مرتبطًا بمعركة جاركار. مهما حدث هناك، فلا بد أنه أغضب السامين غضبًا شديدًا.

تم إطلاق العنان لقوة الإمبراطورية الكاملة وكانت النتيجة قد هزت المجرة بأكملها.

كانت الاستراتيجية العامة للجنرالات هي تطويق القارتين بالكامل ثم البدء في الانكماش إلى الداخل، والقضاء على كل المقاومة على طول الطريق.

كان من المقرر إرسال المهيمنين الأضعف إلى مفرمة اللحم بالمئات من الملايين أو حتى المليارات، حتى يصبح الطريق واضحًا للقوى الحقيقية للقتال في أعماق القارة.

“هل نحن مستعدون للتحرك؟” نادى ميكا على المهيمنين خلفه.

أومأ الثلاثمائة والثلاثون من المهيمنين برؤوسهم موافقين على زعيمهم، الذي أحضر صافرة طويلة إلى شفتيه وأطلق نداءً طويلاً.

حول المهيمنين، تعالت هدير وحوش خفية، فنظر الجميع حولهم في حيرة قبل أن يلاحظوا جيشًا من الوحوش الذئبية، يسير على قدمين، يُعَدّ بالمئات، يظهر حولهم. بدت الوحوش الضخمة وكأنها تبتسم للمهيمنين قبل أن تختفي عن الأنظار.

اهتزّ جميع مهيمني حالة التجسد لظهور الوحوش، إذ اشتعلت في صدورهم رغبةٌ عارمةٌ في اكتساب هذه القدرات. كان كلٌّ من تلك الوحوش في حالة التجسد، مع وجود زوجٍ في المقدمة كانا في الدائرة العظمى الثانية.

استطاعت عائلة حوروش السيطرة على الوحوش بمختلف أشكالها وأنواعها. وقد استطاع عباقرة عائلتهم السيطرة على آلاف الوحوش بفضل أراضيهم الشاسعة، الملائمة بطبيعتها لإنجاب الوحوش وتطويرها.

على عكس السلالات النبيلة الأخرى، كان لدى مُهيمن من عائلة حوروش في الدائرة العظمى الثانية أراضي أكبر بثلاث مرات من نظرائهم. كان بإمكانهم تغذية جحافل هائلة من الوحوش داخل أراضيهم، وكان الموهوبون منهم قادرين على الاندماج مع العديد من الوحوش القوية داخل أراضيهم.

كانت مهمة هذا المهيمن في الدائرة الثانية هي نقل أكثر من ثلاثمائة من المهيمنين عبر العتبة وإلى مواقعهم المخصصة لأنه كان متجهًا أيضًا في نفس الاتجاه.

لم تكن هذه هي المجموعة الوحيدة المتجهة نحو ساحة المعركة، فقد أطلق معسكر عائلة تيبيريوس ما يزيد عن عشرين ألفًا من المهيمنين ليخوضوا مباراتهم عبر هذا الطريق؛ وقد تم تقسيمهم جميعًا إلى مجموعات، ولم تكن كل المجموعات محظوظة بما يكفي للحصول على مسيطر من الدائرة الثانية كزعيم لها.

كان هؤلاء المهيمنون المتجهون إلى ساحة المعركة من بين الموجة الجديدة من المهيمنين الذين كانوا جميعًا حريصين على البدء في زيادة ممالكهم إلى ارتفاعات جديدة، حيث لم يعد هناك أي عائق يمنعهم.

بعد الإعلان عن رفع قفل السلالات، كانت هناك موجة متزايدة من المهيمنين يتدفقون إلى ساحة المعركة لأنها، من بين أمور أخرى، كانت أعظم مكان للتقدم في تريون بأكملها.

إن المعارك التي لا تنتهي بين السامين والكائنات القوية الأخرى لم تخلق مناطق خطرة فحسب، بل مناطق مليئة بالفرص المذهلة.

لقد حصل الجنرال اوغسطس على برج الجشع في ساحة المعركة، وكان هناك أيضًا العديد من الكنوز المنتشرة في جميع أنحاء القارات.

كان من الممكن جدًا لمهيمن متواضع من الدائرة الأولى أن يلمس كنوزًا من كائنات من عوالم أعلى، بما في ذلك السامين. بهذه الفرص، كان من السهل الصعود إلى السماء بخطوة واحدة.

انتشرت قصص لا تُحصى عن عباقرة ذوي سلالات أو مواهب متواضعة، دخلوا ساحة المعركة، وجمعوا ميراثًا وفرصًا ثمينة، مما سمح لهم بالتخلي عن أجسادهم البشرية لأجساد السامين. حكايات عن كنوز تهز السماء، تُمكّن مستخدمها من عبور المكان والزمان، بل وتُمكّن البشر من محاربة السامين.

كان هذا مجرد جزء صغير من السبب وراء أهمية ساحة المعركة لجميع الأطراف في الحرب.

كان هناك أيضًا حقيقة مفادها أن المعارك التي لا تعد ولا تحصى والتي استخدمت فيها الكثير من القوى التي تكسر الواقع قد خلقت مدًا كثيفًا من الأثير الذي تسرب من الفراغ وخارج الكون المادي، مما أدى إلى زيادة كميات الأثير في ساحة المعركة إلى مستويات مثيرة للإعجاب، لا يمكن العثور على ما يعادلها إلا في مواقع معينة داخل كوكب أعلى.

كانت السحب السوداء الدائمة فوق القارتين ناتجة عن تيارات أثيرية عنيفة للغاية، شديدة اللزوجة، لدرجة أنها كانت شبه صلبة. لم يكن بإمكان سوى مُسيطري الدائرة الثالثة وما فوقها اختراقها.

بمجرد المضي قدمًا على طول حافة ساحة المعركة، سترى زيادة في كثافة الأثير في البيئة وكلما دخلت أعمق في ساحة المعركة، ستبدأ في مواجهة مناطق تسمى المناطق البيضاء.

الترجمة : كوكبة