السجل البدائي - الفصل 321

الفصل 321 : “المنطقة المحرمة”

كان الحارس الملكي بيرس من عائلة حوروش يعبث بدرعه القوي، يُجري فحصًا آخر للتأكد من أن خوذته مضبوطة بشكل صحيح. كان في الفضاء، ورغم أنه كان مُهيمنا من الدائرة الثانية، وكان قادرًا على النجاة في الفراغ دون مشاكل، إلا أن هذا الجزء من الفضاء تحديدًا لم يكن طبيعيًا.

كانت هذه هي المنطقة الفضائية التي لقي فيها مليارات الأشخاص حتفهم، وعلى الرغم من أن مثل هذا العمل المروع الذي حدث هنا من شأنه أن يسبب العديد من الآثار الجانبية غير الطبيعية في المنطقة، فإن القوى التي استخدمت لارتكاب هذه الفظائع تركت علامة في هذه المنطقة من الفضاء والتي أشعرت الحواس بالإشمئزاز التام.

كان هناك ضباب أحمر يحتل مساحة من الفضاء تمتد لمئات السنين الضوئية، وكانت مهمته إلى جانب العديد من الآخرين هي القيام بدوريات خارجها، والتأكد من عدم وجود أي تغيير في المنطقة والحفاظ على أي شيء قد يوجد في الداخل حتى تأتي القوى العليا للتحقق من الوضع هنا.

بعد أن أصيب كل مهيمن تحت الدائرة الثانية بالجنون وقتل نفسه عندما اقترب من هذه المنطقة، تم اعتبارها منطقة محظورة وتم نشر الحراس النخبة في المنطقة، ومع ذلك لم يكن مهيمنوا الدائرة الثانية آمنين من أي قوة كانت داخل هذا المكان وكان لا بد من تدويرهم كل ثماني ساعات وإلا فإن وفاتهم كانت التالية، على الأرجح بسبب إصابة أنفسهم.

هذه المنطقة بأكملها، ما لم يتم تطهيرها بالكامل من قبل رؤساء العائلات، سيتعين تسجيلها كمنطقة محظورة، على غرار أن المهيمنين من الدائرة الثالثة فقط سيكونون قادرين على التجول في هذه المساحة، لكن هذا من شأنه أن يؤدي إلى خسائر فادحة للإمبراطورية.

كانت هذه المنطقة من الفضاء طريقًا مزدحمًا للسفر إلى الفضاء ومرتبطة بأكثر من ثلاثين كوكبًا مملوكًا للإمبراطورية، وكانت آثار تقييد هذه المنطقة تزعزع استقرار المنطقة بأكملها، حيث توقفت الواردات القيمة والأنشطة التجارية، وبالنسبة للعديد من الكواكب التي تحتاج إلى هذه الطرق المكانية لتجنب التكلفة العالية للنقل الآني، فإن البقاء لفترة طويلة بدون سلع معينة من شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات مدنية والعديد من العواقب الوخيمة الأخرى التي يفضل حارس الملك بيرس عدم تخيلها.

بصفته حارسًا من عائلة حوروش، كان درعه القوي يشبه وحشًا طائرًا يناسب تجسده الشخصي، وكان أمامه حوالي ثلاث ساعات أخرى قبل أن يتم استبداله بحارس آخر. كانت هذه ثلاث ساعات طويلة جدًا في رأيه.

مر الوقت في بضع ومضات من عينه وظهرت له هلاوس، عبس وخدش خوذته متمنياً أن يتمكن من دفعها وحفر أصابعه في عينيه، حيث كان إغراء قتل نفسه ينمو على مر الساعات وإذا بقي هنا لفترة أطول، فسوف يستدعي وحشه ليلتهمه.

كان جزءٌ مُخيفٌ من نفسه يعلم أنه سيستمتع بتلك التجربة، لأن موته سيكون أمتع ما قد يختبره في حياته، ولم يبدُ إغراء الانتحار أعذبَ من الآن قط. ما فائدة الحياة حين يُمكن للمرء أن يختبر مثل هذه المتعة؟ الموت ثمنٌ عادل.

لم يكن أكثر سعادة من أن يأتي بديله.

هذا التشتيت جعله لا ينتبه إلى التناقضات في ملامح الحارس الذي يجب أن يحل محله، لقد اعترف بوجوده بشكل ضعيف وانطلق بعيدًا للهروب من المنطقة، بينما كان لديه حدس خافت أنه إذا لم يتم تطهير هذه المنطقة قريبًا، فسيكون هذا هو المكان الذي سيموت فيه.

لو كان في كامل قواه العقلية، لكان قد لاحظ على الفور أن الحارس الذي جاء ليحل محله كان من عائلة فولجيم بينما كان من المفترض أن يكون حارسًا من عائلة تيبيريوس.

لقد ساهمت جميع أفراد العائلات النبيلة بحصتهم من حرس النخبة الخاص بهم لدورية المنطقة، وكان هناك نظام تناوب محدد يجب اتباعه.

يبدو أن حارس عائلة فولجيم هذا يفحص محيطه بدقة، وبدلاً من القيام بدوريات حول المحيط، ذهب إلى عمق المنطقة المحرمة.

كان هذا “الحارس” هو سوريال، وعلى الرغم من أنه كان يكره إحساس امتلاك لحم الكائنات البشرية، إلا أن هذه المهمة كانت مهمة بشكل خاص ولا يمكن تركها في أيدي أقل منه.

كان بإمكانه أن يشعر بالخيط الضعيف من الجوهر الذي تركه منشئه داخل العنصر الذي أخفاه وتركه خلفه وتحرك في الاتجاه المعاكس، وكان هذا هو التأكيد النهائي لموقفه.

أخذ وقته في تحسين موقع القطعة وتحديده بدقة حتى تمكن من تحديد موقعها بدقة دون أي خطأ. وعندما تأكد من تحديدها بدقة، بدأ العملية أخيرًا بعد كل هذا الوقت الذي قضاه في التحضير لها.

كان هناك احتمال كبير أن يكون هذا الموقع تحت مراقبة العديد من العيون الخفية، وخاصة عدو منشئه، في المخطط الأكبر للأشياء، قد يبدو هذا المكان غير مهم، مجرد موقع حيث قاتل السامين، ومع ذلك قد يكون مفتاح النصر لمنشئه.

بالنسبة لأمر مهم مثل هذا، لن يدخر سوريال أي جهد للتأكد من تحقيق أهدافه.

حرصت سيدة الظلال والصقيع على أن يسير كل شيء بسلاسة، إذ كررت تحسين الخطة مرارًا وتكرارًا. وقدّر سوريال الجهد المبذول في التفاصيل الصغيرة، فكان ذلك أقل ما يمكن توقعه من رغبة المنشئ.

كان من المقرر أن تتم هذه المهمة في وقت ما في المستقبل، ولكن الاتجاهات الحالية للإمبراطورية فرضت ضرورة القيام بذلك على الفور قبل أن يؤدي أي عامل غير معروف إلى زعزعة استقرار الوضع.

حافظ سوريال على تركيزه على المهمة، فنظر حوله باستمرار. بالاتجاه الذي يتحرك فيه، كان من المفترض أن يغادر المنطقة المحظورة قريبًا، وكان ذلك وقتًا كافيًا لتفعيل الفخ الذي نصبه، والذي كان مرتبطًا بمسار حركته الذي تتبعه أجهزة مثبتة على درعه، إذ كان كل هذا مخططًا لتوفير وسائل التشتيت اللازمة عند الحاجة.

بدأ في السير على طول مسار دوريته المعتاد، وكان يتصرف عمومًا كما كان من المفترض أن يفعل.

اليوم كان هو الوقت المناسب للتحرك، لذلك كان سوريال قد خاض مخاطرة الدخول بعمق إلى المنطقة المحظورة بعد التدقيق في أفضل مرشح يجب أن يكون عاديا بدرجة كافية لعدم التحقق من أنماط تحركاته أو ما إذا كان البديل الصحيح.

كان بيرس هو الهدف الصحيح، لأنه كان المهيمن ذو الروح الأضعف في الأسطول بأكمله.

فوق المنطقة المحظورة كانت هناك أربع سفن حربية من فئة الإمبراطورية كانت بمثابة مقر قيادة للمهيمينن المكلفين بدوريات هذه المنطقة، وتمكن سوريال من التسلل بسهولة إلى إحدى السفن قبل بضعة أسابيع.

الترجمة : كوكبة