السجل البدائي - الفصل 315

الفصل 315 : “الكاسر الأول”

كانت السامية مينيرفا، التي تتجول وحيدة، ذات بشرة سوداء داكنة، وشعر أبيض طويل يصل إلى الأرض ويمتد خلفها. كانت عيناها كحبتين مظلمتين، وكان ثوبها يبدو كأنه مصنوع من خيوط العنكبوت. لم تكن تمشي، بل كانت تنزلق على بُعد بوصات قليلة من الأرض، ورأسها منحني في أفكارها، وكان إخوتها يدركون ضرورة الحذر منها عندما تكون في هذا المزاج، حتى من يُزعم أنهم الأقوى.

أما الأربعة الباقية فتضم فولجيم، وباخوس، وحوروش، وبورياس.

كان فولجيم شابًا قصير القامة، بالكاد يتجاوز طوله خمسة أقدام، بشعر رمادي فاتح يشبه المعدن، وعيناه متعددتا الألوان كزجاج متشقق، تتحركان في أشكال مختلفة كأحجية صور لا نهاية لها، وعلى ظهره قرص معدني دوار عرضه قدم. كانت ملابسه أيضًا مصنوعة من معدن ينحني ويتحرك كالأقمشة.

دفع بورياس الذي لم يظهر مختلفًا كثيرًا عن تجسده الذي ظهر على جاركار، مع إكليل من الزهور على رأسه ودروع مصنوعة من الجليد.

كان فولجيم الأقرب صلةً ببورياس وباخوس. غمز له، فابتسم له باخوس. كان هؤلاء الثلاثة أغبياء كاللصوص، إذ اختاروا تقاسم جزء من أراضيهم مع بعضهم البعض تعبيرًا عن ولائهم الراسخ.

أعطى باخوس بورياس سلطته على النباتات، وخاصة الزهور، لتعزيز مظهره، لأنه كان معروفًا بوضوح أن بورياس كان الأكثر غرورًا بين جميع السامين.

لقد كرمه بورياس بصنع منها إكليلاً فوق رأسه، ومنح بدوره باخوس سلطة الرياح، مما جعله سريعًا إلى حد لا يقارن، ومن تلك السلطة صنع باخوس كنزًا مشهورًا معروفًا بسرعته، كان باخوس يرتدي حذاءً أخضر، وكانت ستراته وسراويله خضراء أيضًا مع أحجار كريمة صفراء باهتة متناثرة في جميع أنحائها، كانت عيناه كبركتين عميقتين من الماء الأخضر تدوران في دائرة.

لقد أعطي فولجيم سلطة البرق من قبل بورياس، وقد كرمه بإنشاء معبد السامي الحديدي، وجعل برق بورياس رمزًا له.

كان حورش يمشي بالقرب منهما أيضًا، صامتًا ويقظًا، كان ساميا قليل الكلام، وترك أفعاله تتحدث عنه، وبدى الأكثر وحشية بين جميع السامين بقرنين منحنيين على رأسه خلف خصلات شعره الكثيفة وذيل متأرجح يشبه ذيل الثور، وبأكثر العيون إنسانية بين جميع إخوته، كانا بنيتين، ويبدو أنهما يحملان لطفًا عميقًا بشكل صادم.

توجهوا جميعًا نحو قصر المصنوع من الخشب، وكانت مينيرفا آخر من دخل الباب المفتوح قبل أن يغلق خلفهم بصوت عالٍ.

وبداخل هذا القصر، عاشوا لمدة ثماني سنوات تالية، ولم يكن أحد على دراية بحقيقة أن السامين كانت الآن بينهم.

لم يكن معروفًا ما هي الخطط التي كانت تُدبَّر، ولكن كان من السهل ملاحظة الزخم المتغير للإمبراطورية على نطاق واسع، حيث بدأت رياح التغيير تجتاحها.

*****

“راقبي العيون، فهي تخبركي بكل القصة التي يجب أن تعرفيها.”

“أنا خائفة.”

“هذا أمر جيد، فأنت الآن تعرفين ثمن الفشل.”

كان تيلموس، سامي الأرض من عائلة مينيرفا، أعظم محارب عرفته الإمبراطورية على الإطلاق، ويُطلق عليه لقب الكاسر الأول بسبب قدرته على كسر القواعد، والرجل الوحيد الذي يمكنه تحدي السامين، وعمك يا عزيزي القارئ، وقف في الهواء وشاهد بأذرع متشابكة ابنته البالغة من العمر ست سنوات وهي تجلس القرفصاء أمام مانتيكور الهادر، وكان سلاحها الوحيد أظافرها وأسنانها.

كان المانتيكور وحشًا ذئبيًا ذو جلد متقشر بلون المعدن الصدئ، وأسنان تشبه الخنجر يبلغ طولها 12 بوصة (حوالي 30 سنتيمترًا)، مع ثلاثة رؤوس وعضة سامة، يمكن لهذا الوحش الذي يبلغ ارتفاعه عشرين قدمًا أن يتحدى المهيمنين في الدائرة الثانية وفي معظم الحالات كان يفوز.

لكن من تحدّاها كانت فتاة في السادسة من عمرها، في حالة التجسد. كان شعرها الأبيض مضفرًا ومربوطًا بحبل رمادي، وبشرتها السمراء تتلألأ بقطرات عرق تحت ضوء القمر.

كان المانتيكور يحوم حولها طوال هذه المدة، وأخيرًا عوى وهاجم. شحب وجه الفتاة عندما غمرتها شراسة وحش متعطش للدماء في الدائرة الثانية، ولم تستطع إلا أن تستدعي تجسدها.

ظهر فوقها حاكم يحمل سبع علامات، وسرعان ما قامت بتنشيط العلامة الأولى وأضاءت باللون الأحمر، حيث توقف المانتيكور كما لو كان قد ضرب جدارًا معدنيًا غير مرئي، ارتدت الرؤوس الثلاثة وهي تزأر بغضب.

صرخت الفتاة وكاد أن يغمى عليها عندما بدأ الدم ينزف من عينيها وأنفها وأذنيها، لكنها تحمّلت الألم وفعّلت العلامة الثانية. قُذف المانتيكور فجأةً إلى الوراء وهو يعوي من الألم.

شدّت على أسنانها وألقت نظرة على والدها، ثم قررت إثارة إعجاب الرجل السامي الذي كان يقف فوقها بشعر أبيض يلوح في السماء مثل السحب.

صرخت بتحدٍ وفعّلت العلامة الثالثة، ودفعت المانتيكور إلى الأرض بقوة بلا شكل مع ضغط كاسر للعظام أدى إلى تشقق الأرض لمئات الأقدام عبرها ودفنه عميقًا فيها، وإذا كان هذا في كوكب صغير، فإن مقياس الدمار كان من الممكن قياسه بمئات الأميال إن لم يكن بالآلاف، وبالنظر إلى العديد من الأصوات المنبعثة من جسد المانتيكور والدم الأخضر الباهت الذي تقيأه بسخاء في جميع أنحاء الأرض، فقد أصيب بجروح خطيرة.

وبالمثل، انهارت على ركبتيها، وتنفست بصعوبة، وكانت على بعد شعرة من أن تفقد وعيها، وعندما نظرت إلى الشكل العنيد فوقها الذي ظل صامتًا، عرفت ما يريده منها لقتل المانتيكور، لكنها خشيت أن يكون ذلك مستحيلاً بالنسبة لها، فهذه المهمة كانت عظيمة للغاية.

لقد شُفي الوحش بالفعل من الأضرار التي أحدثها وكان يستعد للهجوم وهذه المرة كان متعطشًا للدماء اكثر من قبل.

لم يكن لدى المانتيكور الكثير من التقنيات، بل كان يُعتبر في الواقع ضعيفًا جدًا من حيث القدرات والتقنيات القوية، باستثناء سمة واحدة تتمثل في القوة والمتانة. كان قادرًا على الضرب بقوة وتحمل الضربات، وكان تجدده المذهل عاملًا مهمًا في قوته، حيث ساهم تجسده ونواته في زيادة قوته ومتانته، وكان قادرًا على مواجهة التنانين.

الترجمة : كوكبة

——

صورة لتيملوس تحت