السجل البدائي - الفصل 263

الفصل 263 : من أنت؟

أدرك روان أنه كان لا يزال ضعيفًا بعض الشيء لتناول هذا الكم من الطعام داخل فمه، حيث أدى صوت طقطقة عالية إلى تدمير أحد أعمدة وعيه المخصصة لامتصاص روح إيروهيم تقريبًا، حيث كان تمزيق روح السامي حتى مع كل مزاياه من سلالة دمه أمرًا صعبًا للغاية، وانتقل بسرعة إلى عمود آخر أثناء انتظار شفاء عمود الوعي المتصدع.

لو كانت هذه هي روحه السابقة، فإن هذا الشق سيكون نهايته، مثل الثعبان الذي يحاول ابتلاع حصان، سوف ينفجر ببساطة، ولكن الآن…

تم الانتهاء من العمود السادس ويتم إنشاء العمود السابع.

كانت التأثيرات فورية وتوسع عقله مرة أخرى والآن استخدم عمودين للوعي لسحب الروح ومعالجتها، مما أدى إلى تخفيف الأعباء التي كان يضعها على عمود واحد.

انتهى العمود المدمر تقريبًا من الشفاء بوميض ساطع من الضوء الذهبي.

قام روان على الفور بتعيين الوعي في أحد ثعابين أوروبوروس الخاصة به، ومشاهدته وهو يرتكب الفوضى داخل مملكة إيروهيم السامية، واستخدام عينيه للبحث في جميع أنحاء المملكة السامية.

في المرة الأولى التي رأى فيها مملكة سامية بأكملها، حتى لو كانت من سام ساقط مثل إيروهيم، شعر بالدهشة، وإذا حاول وصف كل ما كان يراه، فسيكون ذلك مشكلة لأن بعض أجزائه كانت مستحيلة الوصف جوهريًا.

كيف تصف الصوت لشخص أصم، أو الألوان لأعمى؟ كانت هناك مفاهيم لم يستطع إلا تجربتها، لكنه لم يستطع فهمها. كان من الجيد إذًا أنه كان يحاول فقط استيعاب هذا الشيء اللعين بدلًا من فهمه، لأنه كان يخشى أن يستغرق سنواتٍ ليفعل ذلك.

ومع ذلك، لم يمنعه ذلك من الانطلاق لتذكر أكبر قدر ممكن مما كان يراه، فكلها ستكون بيانات لا تقدر بثمن بالنسبة له في المستقبل القريب وأول شيء لاحظه بغض النظر عن الحجم، هو أن المملكة السامية بدت وكأنها مصنوعة من الجليد واللهب، وكان حجمها مذهلاً، حيث كان بإمكانه أن يتسع لعشرة كواكب بحجم جاركار بداخلها.

على غرار المجال الذي كان محاصرًا فيه من قبل، كانت المملكة السامية مثل الكرة، حيث لم يكن لها حواف ولكنها كانت منحنية حول نفسها وعندما طارت ثعابين أوروبوروس نحو الوسط، أثرت عليها الجاذبية وبدا أن اتجاهها قد تغير، وأصبح “الأعلى” “أسفل”، كانت تجربة مثيرة إلى حد ما، أيضًا على عكس المجال، كان عنصرها المتكون من دمج بين الجليد والنار موجودًا معًا في وئام.

كانت هناك سهول واسعة وسلاسل جبلية لا نهاية لها وغابات وشلالات ضخمة، وكانت جميعها مصنوعة من عنصرين فقط، اللهب والجليد.

كانت هناك أشجار من الجليد تحمل ثمارًا مصنوعة من اللهب، وجبال من الجليد عليها ثلج مصنوع من جزيئات ملتهبة، والعديد من الظواهر المذهلة التي تحير العقل، وما وجده روان الأكثر إثارة للاهتمام هو الكائنات الحية داخل المملكة السامية.

لم تكن قوية، بل كانت معظمها مخلوقات وحيوانات صغيرة مثل الأرانب والطيور الصغيرة، ولكنها كانت مصنوعة بالكامل من الجليد أو النار، نهر من اللهب مع أسراب من الأسماك الجليدية تسبح في الداخل.

أثارت تركيبة هذه المخلوقات اهتمام روان بشدة، فلم يلحظ أي قوة تحميها من العناصر المعادية، فمنع ثعابين أوروبوروس من التهامها، لكن ما كان ينبغي أن يكترث، فقد اجتاحت نبضة هائلة المملكة السامية، مدمرة الأرض ومسقطة الثعابين أرضًا. ونفس النبضة قتلت عددًا هائلًا من تلك المخلوقات الغامضة.

انقطعت صرخة ثعابينه الغاضبة عندما حُطمت بالقوة التي أطلقها إيروهيم داخل مملكته السامية. ورغم أن أجسادهم كانت شديدة المقاومة للأذى، إلا أنها لم تكن كافية. تأوه روان وهو يبصق دمًا ذهبيًا يشبه شرارات اللهب، وازدادت حرارة جسده المطلق مع زيادة مدة إحياء الثعابيين.

كان يعلم أن الأمر لن يكون سهلاً، فأعدّ نفسه لتحدٍّ طويل، إذ لم يكن إيروهيم ليسقط دون مقاومة شرسة. ستكون هذه أصعب معركة في حياته حتى الآن.

بدأت ألسنة اللهب في هذه القارة الرابعة الخفية تتجمع لتشكل شكلاً عملاقاً، كان حجمه هائلاً لدرجة أن ضجيج اللهب المتجمع هزّ جسد روان. كان الشكل الذي ظهر بطول آلاف الأميال، ومن مكان جلوسه، بالكاد استطاع روان أن يرى ما فوق قدميه.

أظلمت السماء إذ غطى ظل المخلوق القارة بأكملها، ثم أشرقت مجددًا حين بدأ وجه ضخم يهبط، كما لو كان إنسانًا يحاول رؤية نملة على الأرض. تطلعت إليه عيون بحجم أقمار صغيرة، ومن منظوره، غطت عين واحدة الأفق بأكمله!

لم يُزعج هذا العملاق روان، إذ رأى في عينيه أن الطاقة الكامنة فيه تُضاهي طاقة دوريان، بل ربما أقوى بقليل، لكن بالنسبة له في تلك اللحظة، لم يكن هذا المستوى من القوة كافيًا لهزّه. لم يعد يُبالي بالمظاهر، بل كان الشيء الوحيد الذي يُهمّه هو مستوى قوة ما يواجهه. كان الرعب أو الجمال المُطلق يفقدان تدريجيًا تأثيرهما على حالته النفسية.

“من أنت؟”

كان صوت العملاق بطيئًا ومدويًا، مثل صوت ألف صاعقة.

تجاهل روان الظهور الهائل أمامه عندما تشكل عمود وعي جديد داخل قصره الجليدي، مما جعل إجمالي عدد الأعمدة سبعة، وجعله يهتم بإمتصاص روح إيروهيم أيضا، مما أدى إلى تعزيز قوة الشفط وتوليد عمود جديد حيث كان العمود الثامن يتشكل.

عبس الوجه العملاق أعلاه ومن مقلة العين المفتوحة انطلق رمح من اللهب يبلغ قطره آلاف الأقدام نحو روان.

وباستخدام قدرته على التحريك الذهني، أخرج مئات الدروع في سواره المكاني، ومن سوار دوريان أخرج الدروع من هناك أيضًا، وعندما عادت إيفا بالخاتم المكاني من حاكمي ترينادو ومريناه، أضاف دروعهم الغامضة إلى الدفاع مما أدى إلى إنشاء ثلاث طبقات من الدروع فوقه.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون ]