السجل البدائي - الفصل 251

الفصل 251 : “حتى السامي… يموت”

كانت سلالته تستهلك الأرواح، وإذا رأت روح أحد السامين أنه من المناسب دخول المكان الوحيد في الكون الذي لا ينبغي لأي روح أن تدخله، فإنه لا يستطيع إلا أن يلعن سوء حظها أو حماقتها.

كان وصول سامي إلى هذا المكان صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا، فهم من القلائل في الكون الذين قد يبقون على قيد الحياة حتى نهاية الكون. أما أن يواجه هؤلاء المخلوقات سلالة الحراس البدائيين، حتى تلك التي تحولت مثل الخاصة بروان، فكان أمرًا نادرًا للغاية.

كانت روح إيروهيم تواجه مثل هذا المصير.

زمجر جسد روان العملاق، وضرب الأرض بقدميه، فتحطم السهل أمامه. انتشرت شقوق تلك الضربة المستحيلة حتى حاصرت المنطقة بأكملها، وسقطت من الأعلى قطع جليد ضخمة وأعمدة من اللهب المشتعل.

كان يستنزف طاقته بمعدل خطير، وكان مستوى الثوران حينها ٢٥٪. كانت كمية الطاقة المتدفقة في جسده كافية لتحطيم كوكب، ولكي يحرر نفسه من قيود مملكة السامي، ترك جسده يحترق بهذا القدر من السطوع ولهذه المدة، لم يحاول السيطرة على تلك القوة، بل أطلقها فحسب.

أطلق العنان له، وكانت طقطقة تلك الوطأة بقدمه مُرعبة. زأر، وتبعته ستة زئيرات أخرى أعلى في انسجام تام، بينما انفجرت ثعابين أوروبوروس من صدره وظهره، وخرج واحد من رقبته، أجسادها الذهبية اللامعة وأشواكها الماسية تتألق، وكواحدة بدأت تتمدد بسرعة، بينما ترددت موجات الصدمة في أرجاء المجال، بينما اخترقت أجسادها القيود.

سقطت عيون ثعابين أوروبوروس على الغنيمة أمامهم وكان زئير فرحهم يصم الآذان، كان ينبغي أن يكون هذا من بين أفضل الوجبات التي تناولوها على الإطلاق وسقطوا معًا على مجال السامي وبدأوا في استهلاكه.

راقب روان حالته العقلية بعين ثاقبة، بينما كان عقله لا يزال يخطط ويحلل كل لحظة. لو كان في أي مكان آخر، لربما هربت هذه الروح، لأن روح السامي لا تُمسك بسهولة، ولكن داخل قصره الجليدي، كان أثيره يتجدد باستمرار بسرعة مذهلة، ولأنه يمتلك خاصية تجميد الروح، حتى روح السامي إذا كانت بحجم كافٍ. تجمدت روح السامي في مكانها.

“لا يمكنك فعل هذا! هل تعرف من أنا؟ هل يمكنك إدراك نتائج أفعالك؟ أنا سامي!”

“ولكن ما هي السامين إلا نمل أكبر قليلاً. أمامي حتى السامي سيسقط!”

تجاهل روان هذا الهراء، والآن عليه أن يقضي عليه. وهو ما ظنّت روح إيروهيم أنه مستحيلٌ إذا ما واجه روان إستهزاءاتها.

“يا أحمق… ما فائدة سجن جزء من روحي؟ هل ستبقيني في أعماق صدرك، حيث يمكن لخنجري أن يصل بسهولة إلى قلبك؟.”

تجاهله روان، فمن الواضح أنه لم يفهم ما هو. مع أن هذه المهمة شكلت تحديًا فريدًا له، فقد كان حدسه يصرخ بضخامة الروح التي انتزعها للتو، حتى لو كانت جزءًا صغيرًا من روح إيروهيم.

نعم، لم يكن هذا كل شيء من إيروهيم، بل كان جزءًا من روحه، وهو أمر جيد بالنسبة لروان، حيث كانت أفعاله القادمة تعتمد على ذلك.

يجب أن يكون الأمر سهلاً بشكل لا يصدق بالنسبة له ولكن أيضًا صعبًا بعض الشيء لجمع هذه الروح، ولكن سيتعين عليه القيام بذلك، على الرغم من أنه لا يزال لديه أسنان لبنية، سيتعين عليه مضغ هذه العظمة الصلبة من أجل الفوائد التي ستمنحه إياها والتي كانت لا تضاهى.

وبينما كانت ثعابين أوروبوروس تتغذى على مجال الجليد والنار، بدأ يرى شقوقًا كبيرة أظهرت له رؤية العالم الخارجي، ورأى أنه لا يزال في الفضاء، وعلى الرغم من أن المجال المحيط كان كبيرًا مثل مائة ميل، إلا أنه في العالم الخارجي كان أصغر من حبة غبار.

مع التدمير المستمر للمجال، خف الضغط على جسده، وأخيرًا يمكنه أن يبدأ في تقليل كمية الحيوية التي كان يحرقها وبدأ جسده في الانكماش وهو يجلس متربعًا.

كان تركيزه عميقًا داخل فضائه العقلي، حيث كانت المعركة الحقيقية بينه وبين إيروهيم على وشك أن تبدأ.

لم تكن معركة كبيرة، بل كانت صراعًا لفتح فمه على مصراعيه ليتسع لروح بحجم كوكب.

أحضر روان القمر الأرجواني الذي يدل على نقاط روحه فوق روح السامي الساقط، وتبعه عرشه، لقد فوجئ بذلك، قبل أن تخبره إيفا أنه بنفس الطريقة التي خدم بها عرشه كوسيلة لمعالجة تجربته لإنشاء أعمدة الوعي، فإنه يمكن أن يدعمه أيضًا وهو يلتهم روح الخالد.

أومأ روان برأسه موافقًا ووضع العرش فوق روح إيروهيم المتجمدة التي كانت بحجم جبل كبير، وبدأ في تجفيفها.

بدأ تيار أحمر وأبيض من طاقة الروح يدخل ببطء إلى القمر الأرجواني الذي بدأ في التضخم، ثم صرخ إيروهيم.

“ماذا يحدث؟ كيف يُمكن أن يحدث هذا؟ ما هو أنت؟”

استطاعت حواس روان أن تستشعر موجة من الخوف والمفاجأة الشديدة من روح السامي الساقط، لو كان رجسا يتغذى على الخوف، لكان غارقًا في النعيم. ومع ذلك، فإن سلالة أوروبوروس الخاصة به تغذّت على تلك المشاعر، فبدأت سلالته تغلي. أشبع خوفه من الخالدين، وشعر بارتياح جسده المطلق، وازدادت رغبته في مواصلة تحقيق المستحيل مع تزايد موجة الخوف القادمة من روح إيروهيم.

كما كان من الصعب على الإنسان أن يطير، كان من الصعب أيضًا على السامي أن يعرف الموت الحقيقي.

داخل فضائه العقلي، لمع الحاجز الأرجواني، وتردد صدى صرخة ضعف روح السامي. كانت صرخة معبرة، إذ كان اليأس فيها مطلقًا يفوق إدراك أي بشري، فلو تردد صدى هذه الصرخة في الكوكب، لانتحر كل مخلوق فاني يأسًا.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]