السجل البدائي - الفصل 194

الفصل 194 : “العاصفة القادمة”

كانت ميلوزين مغلقة عينيها في تأمل، حيث كانت آثار كل ما تجاهل معركتهم لا تزال جرحًا خامًا في روحها يتلاشى ببطء مع ممارستها.

تتضمن تأملاتها عادةً وضع روحها داخل أراضيها، والتحليق عبر الصفوف التي لا نهاية لها من الخيزران الأخضر، والجداول المتدفقة المليئة بالمياه المتلألئة.

لم تكن أراضيها تحتوي على شمس أو قمر، ولكنها كانت لا تزال مضاءة، حيث كان هناك توهج دائم يمر عبرها، وكانت المياه من الجداول متصلة لتشكل نهرًا متدفقًا يختفي في العدم على حافة أراضيها.

كانت أراضيها تحتوي فقط على الخيزران الأخضر والمياه المتلألئة، لكنها كانت من بين الأراضي الأكثر ملاءمة لأحد افراد سلالاتها، وقدرات سلالتها عززت فقط من فعالية أراضيها، وفي حالة ميلوزين، فإن التأثير المشترك لقدرات سلالتها واراضيها خلق تأثيرًا أعظم من مجموع أجزائه.

الأراضي هي العالم التالي حيث أصبح المهيمن أقرب إلى مصدر سلالته، وبدأ في الاستفادة من عوالم أسلافه.

إن كونها قريبة جدًا من مصدر سلالة دمها يغذي روحها ويهدئها، وبهذا، ستكون قادرة على تطهير كل مصدر للتأثير الأجنبي من روحها.

لم تدخل ميلوزين هذا التأمل العميق خارج غابات منزلها إلا لوجود ليوسوس بجانبها. فقد كانت ضعيفة عندما وضعت روحها كلها داخل أراضيها، لأن إدراكها للعالم الخارجي كان قد تقلص بشدة.

ومع ذلك، حتى في حالة التأمل العميق التي كانت فيها، لا تزال تستطيع سماع الصراخ، مثل الذباب الطنان على حافة سمعها الذي أصبح أكثر إزعاجًا مع كل ثانية.

ارتجفت روحها عندما تخلصت من التشتيت، لكنه كان مستمراً، ومع تأوه منزعج، أمرت روحها بالارتفاع فوق أراضيها وإلى جسدها حيث استيقظت قريبًا.

حتى قبل أن تفتح عينيها، أدركت أن هناك خطبًا ما، لأن ليوسوس لم يكن بجانبها. عبست، وفجأة، كالطوفان، تسللت صرخات إلى أذنيها، فأفاقت تمامًا.

وضعت ميلوزين حجابها على وجهها دون وعي لإخفاء ملامحها، بينما ركضت بسرعة عبر دفاعاتها وأسلحتها، بينما كانت تجهز تعويذاتها، وبدأت في إثارة قوى اراضيها.

كونها من نسل باخوس، وسائرةً على مسار المتجول، كانت قوة الغابة تسري في عروقها، وكان دمها مُمَيَّزًا بالاستدعاء. كان اللقب الذي مُنح للمهيمنين أمثالها: سحرة الغابة.

أرسلت سلالتها نداءً في جميع أنحاء أراضيها، وبدأ الخيزران اللامتناهي في الاندماج في جنود الخيزران الأخضر.

أصبحت مائة خيزران أخضر جندي خيزران واحد مع قدرات في الحالة الأسطورية، قد لا يبدو الأمر كثيرًا، لكن حقول الخيزران الأخضر كانت لا نهاية لها، والحد الوحيد لكمية الخيزران الأخضر التي يمكنها استدعاؤها هو روحها.

في عالم أراضي الروح لم تكن منافسة جيدة ضد نظرائها الذين كانت سلالاتهم أكثر تركيزًا على الهجمات القائمة على القوة أو الطاقة، لكن هذا لا يعني أنها كانت عاجزة بينهم، ومع ذلك ضد أولئك الذين لديهم مستويات قوة أقل، كانت قوة طبيعية لا يمكن التغلب عليها.

ميلوزين، لو أعطيت الوقت الكافي، لاستطاعت اجتياح عالم صغير بأكمله! بإمكانها استدعاء مئة ألف جندي خيزران أسطوري قبل نفاد روحها، وبعد تعافيها، تُواصل الاستدعاء. عمليًا، لو لم تُدمر روحها باستدعاءات لا نهاية لها، لاستطاعت استدعاء عدد لا نهائي من جنود الخيزران الأخضر.

لم يكن من المفترض أن تكون قدراتها خطيرة إلى هذا الحد، لكن قدرة الاستدعاء التي تلقتها في الحالة الأسطورية وحالة الصدع وحالة التجسد اجتمعت لإنشاء فئة محظورة من القوة.

أصبحت ميلوزين قوية بما يكفي الآن، ولكن إذا استطاعت أن تنمو إلى العالم التالي، وهو العالم التوهج، فسيتم ترقية جنود الخيزران الأخضر الخاص بها إلى جنود الخيزران الأسود الذين كانوا في حالة الصدع.

أظهرت قدراتها الأراضية الفرق الحقيقي بين كل دائرة عظمى. وبصفتها مهيمنة، كانت تقترب من السامين. ومن قدراتها الأراضية أيضًا إنشاء درع بين المهيمن والعالم الخارجي، وبناءً على مستوى ونوع اراضيك، تختلف الحماية التي توفرها لك من حيث النطاق والقوة.

كانت الفجوة بين كل دائرة مرعبة، ووفقًا للمعرفة العامة، لم يتمكن أي مهيمن في الدائرة أولى من التنافس مع مهيمن الدائرة الثانية.

حسنًا، لم يكن الكون قد التقى بروان أبدًا، لكنه كان على وشك ذلك قريبًا.

لو كانت قد استخدمت هذه القدرة الأراضية ضد الوحوش في المواجهة الأخيرة، لكانت قد استطاعت بسهولة اجتياحهم جميعًا، وبغض النظر عن مدى قوة وحش حالة التجسد الذهبي، فإن جيشًا لا نهاية له من جنود الخيزران الأخضر سوف يستنزفه إلى لا شيء في أي وقت من الأوقات.

عندما بدأ الخيزران الأخضر في الاتحاد لإنشاء جيش، فتحت الخيمة متوقعة سفك الدماء، ورأت ذلك، ولكن ليس بالطريقة التي كانت تتوقعها.

باستثناء عدد قليل من المهيمنين، ربما مائة أو نحو ذلك الذين تمكنوا من الصمود بقوة إرادتهم، فإن بقية الأسطوريين ماتوا، أو قتلوا أنفسهم أو بعضهم البعض.

كان ليوسوس وبقية المهيمنون في حالة التجسد وحالة الصدع يتجولون ويكسرون الأذرع، ويخضعون البقية الذين من الواضح أنهم ليسوا في حالة ذهنية طبيعية حيث كان معظمهم يصرخون بصوت عالٍ لدرجة أنهم بدأوا في تقيؤ الدماء، كانت أعينهم مفتوحة على مصراعيها لكنها كانت مغطاة بالكابوس.

التقطت عيناها نظرات ليوسوس عبر الحقل وكلاهما عرف أن هذا كان يحدث بسبب ذلك الوجود الذي شعروا به، والبرودة في قلب ميلوزين تجمدت تقريبًا من الذعر.

ربما لم يكن المهيمنون الأسطوريون قادرين على الشعور أو حتى فهم ما حدث في ذلك اليوم، لكن جزءًا من أرواحهم لابد وأن يكون قد لمس نظرة أي شيء يراقبهم، ولم تكن لديهم دروع فوق أرواحهم.

لا بد أن أرواحهم قد تحطمت إلى قطع عند لمس هذا الوجود، ولكن لأنهم لم يكن لديهم وسيلة لفهم الأضرار التي لحقت بهم، لم يولد الوعي إلا عند موت أرواحهم.

كانت النتيجة هي الجنون الذي حلَّ أمامها. أرادت ميلوزين أن تُطلق الماء المُهدئ من أرضها؛ إذ كان سيُهدئ الحالة النفسية لهؤلاء المُسيطرين المُتألمين، لكن لا بد أن ليوسوس كان يعلم بنواياها، فقد هز رأسه ليُخبرها ألا تفعل.

كلُّ الأسطوريين هنا ماتوا بالفعل. لم يكونوا على علمٍ بالأمر بعد.

تنهدت ميلوزين وهزت رأسها، وشمّرت عن سواعدها، ثم هبطت لتساعد في إخضاع من فقدوا عقولهم. كان من المستحيل مشاهدة هؤلاء الجنود يقتلون أنفسهم كوحوش بلا عقل، على الأقل كان عليهم أن يجعلوا مرورهم أكثر راحة.

كانت الصراخات التي أطلقوها مخيفة، وكلماتهم كانت أسوأ، “إنه يأكل روحي! إنه يأكل روحي!”

كل الرجال والنساء المحتضرين كانوا يصرخون بأن أرواحهم تؤكل.

*****

“أغلق الباب أيها الأحمق. هل جمعت كل ما طلبته منك؟ء” نبح أوغسطس تيبيريوس على الرجل الذي دخل مكتبه.

“نعم يا سيدي. لقد حصلت على التصاريح لنا جميعًا. يمنحنا قائد سفينة ميريجولد (سفينة الفضاء الإمبراطورية) ساعتين قبل انطلاقها.”

“حسنًا، جهز رجالك، قابلني عند الأرصفة خلال ساعة، لا أحتاج إلى أن أخبرك بأن تكون حذرًا، أليس كذلك؟”

“بالطبع يا سيدي الجنرال.”

“لا تناديني بهذا الإسم أبدًا من هذه اللحظة.”

“نعم سيدي.”

“انطلقوا، نحن نخسر الوقت.”

وبينما انحنى الرجل وغادر، أخذ أغسطس وقته ونقر على طاولته قبل أن يقف ويبدأ في تحضير نفسه.

كان يتوقع إجراءات صارمة عندما اعترف لعائلته بانتمائه إلى منظمة مثل جماعة العين المكسورة. ومع ثراء اعترافه، لم يكن يظن أنه سينجو من الموت.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]

———

الحب أوغسطس رجع