السجل البدائي - الفصل 309

الفصل 309: الظهور (الجزء الثاني)

كان صوت إلورا مصبوغًا بالصدمة وهي تهمس: “لا أعلم إن كان ذلك ممكنًا دون اتخاذ القرار قبلك، ولكن الوقت قد فات الآن، ورغم أنني لا أتفق معك، فسأختار احترام قرارك. لا أستطيع أن أخبرك من هو، لكنه فوق كل شيء في هذا الكون”.

“كل شيئ؟” قال روان، وشعره الأشقر الطويل يتحول ببطء إلى اللون الأحمر وهو يضحك، “أمي، ماذا تعرفين عن التفرد بداخلي.”

“أعلم أنه كان أعظم ما تمتلكه، لكنه جلب معه أيضًا أعظم مصائبك. انجذب إليك هذا التفرد عند ولادتك. لن أنسى أبدًا نظرة الصدمة على وجهه عندما رأى ما تجلّى في ولادتك، كان عليّ أن أكون أكثر حذرًا عندما رأيت تلك النظرة، لكنني لم أفهم كم كان وحشيًا آنذاك. لأنه عندما رآه، لم ينتهِ شغفه بقوته، ويغمرني فرحٌ عظيمٌ لأنه رغم أنه قضى ملايين السنين يحاول كشف أسرارها، إلا أنه فشل.”

قال روان: “إنه لا يشتهي قوة التفرد فحسب، بل يخافها أيضًا لأسباب وجيهة، فمعرفته القليلة عن غايته تتجاوز إدراكه. يا أمي، عندما تقولين إن قوة أبي تفوق إدراكي، فأنتِ مخطئة… أنا أبعد مما يتصوره.”

انطلقت يد متلألئة بالدم من صدره عندما همس صوت الأمير الثالث البارد في أذنيه، “ماذا عن الآن؟ هل أنت أبعد مني؟”

نظر روان إلى اليد في صدره، ثم أدار وجهه بنظرةٍ خفيفة. أما إلورا، فبدت عليها علامات الاضطراب من جروحه، فقد لطخ دمه وجهها، وارتسمت على عينيها نظرةٌ من الرعب والخوف والترقب.

أغمض روان عينيه، “دعنا نكتشف ذلك.” ثم انفتحت عيناه فجأة على اتساعهما،

“فيونا، افعليها الآن!” همس روان.

“أخيرًا.” دوى ضحك أنثوي، وخرجت يدٌ جميلة من ظل روان ودخلت ظل الأمير الثالث الذي أصبح الآن مرتبطًا بروان، بدت وكأنها تبحث عن شيء ما، ثم سحبت واختفت في الظلال آخذةً معها عشرات الأشياء، ولدهشة روان وسعادته، اخذت صفحةً من سجله البدائي!

لقد حدث هذا بسرعة كبيرة وفي صمت مطبق، دون أي إشارة أو اضطراب في الأثير المحيط.

اتسعت عينا الأمير الثالث من الدهشة، ثم غضب، “كيف تجرؤين، أيتها الغراب القذرة! أعيدي ممتلكاتي، وإلا سأحول تيرمينوس إلى ارض للخبث.”

لم يجيبه إلا ضحك فيونا شادوسول الخافت.

قبل الآن، كان روان قد حقق في جميع القدرات التي كان أعضاء العهد معروفين بها، وكانت تلك التي لفتت انتباهه أكثر هي قدرة فيونا شادوسول.

لقد قيل أنها أفضل لص في المجرة.

كما يوحي اسمها، كانت لديها القدرة على سرقة ممتلكات الهدف، من العناصر وحتى قدراتهم، باستخدام ظلالهم كوسيط.

كانت مشهورة بسرقتها في جميع أنحاء المجرة، وكان تيرمينوس، كوكبها الأصلي، نقطة تجارة المرتزقة والعناصر السرية من جميع أنحاء المجرة مع العشرات من القوى الكبرى التي لها مصلحة في داخله.

صر الأمير الثالث على أسنانه، “ما الذي يهم، لقد حصلت عليك الآن وكل التفرد، وسأبحث عن الصفحة في أي وقت أريده.” هدر مثل الوحش، واللعاب يتدفق من جانب فمه، وترك صورة رجل سمين ومبهج بعيدًا، ولم يتبق سوى كائن من الجشع والشهوة الخالصة في مكانه، “لقد كانت خطة عظيمة، لكنها انتهت الآن.”

“ليس بعد.” قال روان، “ألم تنسَ شيئًا؟ أم أن جشعك حطم عقلك؟ قل لي يا أبي، ما لون دمي؟”

سحب الأمير الثالث يده بعيدًا عن جسده ونظر إلى الدم الأحمر المتجمع حول روان، الذي انهار فقط لدعمه من قبل والدته، لكن روان كان يحمل ابتسامة مجنونة ودموية على وجهه.

“كيف…كيف فعلت هذا؟”

“لقد تأخرتَ كثيرًا… يا أبي. رمشتَ وفوتَّت حركةً واحدة، وهذا سيكلفك الكثير، فلن أدعك تسدُّ هذه الفجوة، وستضطرُّ إلى مراقبتي والخوف مني وأنا أقترب من حلقك مع كل لحظة.”

بدأت عيون الأمير الثالث تتوهج بالكثير من اللون الأحمر، وامتد إشعاعه من عينيه مثل الثعبان والتف حول جسده، ثم صرخ.

في جزء من الثانية قبل الصراخ المروع الذي كان على وشك الظهور من فم الأمير الثالث، نظر روان إلى النظرة المذهولة على وجه والدته، وضحك.

بعد كل شيء، لم يعد هنا. كان جسده الذي يكافح للوقوف، ولا تدعمه إلا أمه، مختلفًا تمامًا عن جسده الحقيقي.

كان هذا الجسد عبارة عن إستنساخ صنعه روان بقدرة جانبه.

لقد حدث التبديل منذ فترة قصيرة، وكان ذلك في اللحظة التي دفع فيها قصر إيروهيم السامي إلى الفضاء باستخدام الأسطرلاب، ولأن الضجيج كان مرتفعًا، فقد فعل شيئًا مهمًا، وهو أنه خلق تشتيتًا.

كان عليه أن يخدع شخصين، فيوري والأمير الثالث، كل منهما يفهم جزءًا من الصورة ولكن ليس كلها، لذلك كان عليه أن يقدم صورة تكون قادرة على خداع كليهما في نفس الوقت، مع الحفاظ على السرد الذي فهموه عنه في المقدمة.

لقد صُدم فيوري وانشغل بمشهد قصر سامي ضخم يُسحب بعيدًا أمامه، بالطبع لقد رأى روان يتحرك بسرعة سامية باستخدام ضوء أبيض، لكنه لم يكن يعلم أنه يستطيع حمل قصر سامي بطول ثمانية آلاف ميل ويأخذه إلى الفضاء، والأهم من ذلك، لم يكن والده على علم بذلك أيضًا.

لقد كانت مخاطرة، ولحسن الحظ نجح، مع ضجة رفع القصر السامي إلى الفضاء، قام بتبديل الأجساد.

في هذه اللحظة كان في غرفة واسعة حيث كان مستلقيًا على السرير الأكثر فخامة ونعومة الذي صادفه.

كانت عيناه مغمضتين، وبينما كان يستريح، لم يكن لديه سوى عمود وعي واحد لا يزال نشطًا. كان يأمل أن يكون كافيًا لما سيفعله لاحقًا.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]

——

إسم “شادوسول” يعني حرفيا “روح الظل”