السجل البدائي - الفصل 306

الفصل 306: إمبراطورية الحياة.

أصبحت عيون روان باردة، “اكبر قدر ممكن من الحقيقة؟”

تنهدت والدته وقالت: “أنا مرتبطة بشدة بهذا الوحش، ومن خلالي تمكن من الوصول إلى الإمبراطورية”.

لاحظت ارتباكه، فتنهدت، “ما سأقوله لك قد يبدو لا يصدق، لكني أريدك أن تصدقني”.

“صدقيني يا أمي، هناك عدد قليل من الأشياء التي يمكن أن تفاجئني بعد الآن.”

نظرت إليه متشككة ثم ابتسمت، “هناك بعض الأشياء التي سأحتاج إلى توضيحها قبل أن نستمر، أنا أعرف عن اندماج روحك ونموها، أو يجب أن أقول أنني كنت أعرف ذلك، والآن لم يعد بإمكاني اكتشاف حالة روحك وهذا شيء جيد.”

تراجع روان قليلاً، “هل كنت تعرفين عن اندماج روحي؟ كيف حدث هذا؟”

لاحظت حركة روان فابتسمت بحزن، وقالت: “كنت أمًا سيئة، لكنني أحاول أن أبذل قصارى جهدي بما هو متاح لي. قبل ملايين السنين، أنجبت سبعة أطفال، لكنهم ولدوا من طبيعتي البدائية وكانوا متوحشين، ومهما حاولت جاهدةً لقيادتهم نحو النظام، ظلوا دون رادع، كل ما استطعت فعله هو إبقائهم في مكانهم ومنعهم من افتراس بقية الكون. في هذه الفترة العصيبة، جائني الوحش الذي سيصبح والدك، عارضًا عليّ إنقاذ أطفالي، ووسيلة لجعلهم يتجاوزون طبيعتهم البدائية، وكان ثمنه الوحيد أن أتزوجه وأنجب له طفلًا. كان قويًا، وبدت خطته ناجحة، فوافقت.”

بدأ روان يشعر بإحساس متزايد بالقلق، وبدأ عقله يربط بين قطع مختلفة لم يكن يعرف حتى أنها مرتبطة ببعضها البعض في المقام الأول.

تنهدت وتابعت: “كنتَ ثمرة اتحادنا، وأحببتُك يا أعزّ أطفالي. ومع ذلك، لم أحظَ بوقتٍ طويلٍ معك، على مرّ آلاف السنين التي لا تنتهي، أُخذتَ مني. جمعتُ كل قوتي وحاربتُ والدك، و… خسرتُ.”

قال روان بهدوء، “من أنت؟”

“يا صغيري، لقد رأيتني مرات عديدة من قبل، وجزء منك يتعرف عليّ حتى في ظلام دامس. داخل النيكسوس، رأيت معبدي. أنا الأم المهجورة للرجسات، حاملة المصائب والسامين. إمبراطورية الحياة. اسمي إلورا.”

اقتربت منه وضغطت على يده، ثم عانقته وهمست في أذنيه ببطء: “في تلك اللحظة، أثناء معركتي مع والدك، عندما أدركت أنني سأخسر، فعلتُ شيئًا محرمًا تمامًا من قِبل منشئي، وخرجتُ من الكون لأستدعي جوهرك من خارج كل حقيقة معروفة، مجهولة لا لوالدك ولا لوالدي. هذا هو السر الذي نتشاركه، والذي لا ينبغي لأحدٍ آخر أن يعرفه. كنتُ آمل في التغيير، وقد تحققت أمنياتي بوجودك يا بني، واقفًا أمامي رغم كل الصعاب.”

ضحكت قليلاً، إذ رأت نظرة عدم التصديق على وجهه، وقالت: “أعتقد أنك بذكائك ستبدأ بفهم جوانب كثيرة من الصراعات. سامين تريون جاءت نتيجة حل ذلك الوحش لمشكلتي. لقد انتزع النور من أطفالي، جاعلاً إياهم أقرب إلى الوحوش، ومن نورهم انشأ سامين تريون. لقد حبست اجسادهم الجسدية في أعماق الأرض.”

“أنتِ حورية البحر بثلاثة أذرع”. لم يستطع صوت روان إخفاء دهشته، “عندما استيقظت، أول ما رأيته هو أنتِ. أنتِ إمبراطورية؟ من هو والدي؟ كيف له أن يسجن شخصًا بقوتك؟”

“نعم يا روان، أنا إمبراطورية الحياة، وقد خانني والدك”. شمت إلورا، “لا تنظر إليّ بازدراء، كان من الصعب هزيمتي، إذا أردت أن تعرف، فقد هزت معركتنا كل الخليقة.”

“ولكنك خسرت.” أشار روان.

“لو لم تتكلم، لظهرتَ أكثر حكمة، كما تعلم. أُدعى إمبراطورية الحياة، لا إمبراطورية المعركة. لطالما حاولتُ الوصول إليكَ بمدى محدود، لكنني كنتُ أعلم أنك ستجد طريقةً للوصول إليّ. أنت آخر مولود لي، ولملايين السنين حُرمتَ من الكثير مما أنت عليه.”

ارتجف الواقع، فنظرت حولها، “ليس لديّ الكثير من الوقت، وأي شيء يتعلق بوالدك ممنوع عليّ البوح به لأحد، لأنه سجنني تمامًا، وهذا الجزء الصغير مني لم يستطع الفرار والوصول إليك إلا بفضل أفعالك. هناك أشياء كثيرة أتمنى لو أستطيع إخبارك بها، لكنك في طريقك لاكتشافها. ومع ذلك، عليك أن تكون على دراية ببعضها.”

توقفت وكأنها تقاتل ضد شيء ما، ومن حافة إدراكه، بدأ روان يسمع هديرًا خافتًا من الغضب الذي كان يزداد ارتفاعًا.

“أنت تزداد قوة، لكن بمعدل نموك هذا، سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا لتصل إلى ذروة إمكاناتك وتُطلق العنان لهديتي التي تركتها في أعماق التاريخ، والتي تحتوي على ملايين السنين من ذكرياتك وسلالتك. يمكنني أن أكسبك المزيد من الوقت ضد والدك، لن يكون طويلًا، لكنه سيكون كافيًا للهروب من قبضته وتأخيره لفترة وجيزة. سامين تريون ليسوا أعداءك، لكنهم ضُلّلوا وأُرسلوا إلى طريق خاطئ، وهذا يجعلهم خطرين عليك للغاية، فلا تتردد إذا واجهتهم.”

فجأة أصبح وجهها جادًا وبدأت تتحدث بنبرة جادة، وأصبحت عينا روان أيضًا باردة وهو يستمع باهتمام إلى ما كانت على وشك قوله، “هناك أشياء كثيرة أريد أن أخبرك بها، وأشياء كثيرة أتوق إلى تعلمها منك، ولكن أولًا، أود أن أعرف، أتمنى أن تكون لديك زوجة الآن، أو إذا لم يكن كذلك، هل لديك مرشح في الاعتبار”.

“ماذا… ماذا… لا…” صعق روان، وتحولت مسار الحديث فجأة إلى شيء لم يقتربه قط، “أمي!” صرخ، “هذا ليس الوقت المناسب لذلك!”

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]

——

حورية البحر هو عنوان الفصل الأول من الرواية ولما إستيقظ روان لأول مرة شاف تمثال لها ولما راح لهذاك المعبد تحت النيكسوس وجد تمثال لها وهي تحمل ستة اطفال حديثي الولادة وهم لاميا وإخوتها أي أن روان هو شقيق لاميا والكاتب كان مخطط لذا التويست من اول فصل في الرواية.