السجل البدائي - الفصل 302

الفصل 302: قماش

أضاء محيط روان وفجأة كان بورياس بجانبه، كان حجمه الحالي ضخمًا جدًا لدرجة أن روان كان مثل ذرة غبار واحدة بجانبه، وتم الاستيلاء على جسده بواسطة قوة غير مرئية وتوقف بجانب إحدى عضلات بطن بورياس التي كانت بعرض ملعب كرة قدم.

“ماذا تفعل يا أخي؟” قال بورياس: “لماذا أنت بهذه الهيئة؟ أنت تتدخل في شؤون قد تُخل بالتوازن، وستُحاسب على ذلك.”

لم يتوقع روان أن يتحدث بورياس، باستثناء الدفاع عن الكوكب، بدا السامي بخير مع الوقوف ومشاهدة المعركة، وسحب روان إلى جانبه يعني أنه فهم قيمة هذا العمل، وكل كلمة كان يتحدث بها كانت تثير روان بإمكانية معرفة الحقيقة أخيرًا عن والده.

أمال الأمير الثالث رأسه جانبًا كأنه في حالة ذهول، “أخي؟” قال، ثم نقر بأصابعه، “ يا الهـي ، لقد مر زمن طويل حتى أنني نسيتُ أنني أرتدي جلد أخيك. هذا ما يحدث عندما تجد قطعة قماش تناسبك تمامًا، فأنت تميل إلى ارتدائها كلما سنحت لك الفرصة. هل أعجبك ما فعلته بها؟ على أي حال، لقد انتهيت منكم يا رفاق، أنتم جميعًا مجرد أشياء قديمة. الآن…”

نظر الأمير الثالث بعيدًا عنه وركز على روان، “… أين كنت قبل هذه المشتتات؟ نعم، كنت أستعيد عقربي.”

شعر روان بجسده يرتجف، وضد إرادته، بدأ يرتفع في الهواء – بعيدًا عن جانب بورياس، وعندما بدأ يشعر بأن الفضاء بدأ في الانهيار، وهي علامة محتملة على أن الأمير الثالث كان على وشك نقله إلى يديه، تباطأ كل شيء وكان مغطى باللون الأزرق حيث غطته راحة بورياس، وكان محصورًا في قبضته.

سمع روان الأمير الثالث يزأر، وبدأ صوته يتغير من صوته العفوي الكسول الذي اعتاد عليه إلى نبرة أعمق، كما لو أنه أصبح شخصًا أو شيئًا آخر، “ماذا؟ ليس أنت أيضًا؟ إذا أردتَ إعاقتي، فالتأتي لتقاتلني بجسدك، وليس بهذه الكومة من القاذورات التي حشرتَ فيها خنصرك. هل تظن أنني سأستمتع بهذا؟ أن أغرس يدي في أكوام القاذورات؟”

لقد أخطأ روان في تقدير مدى طغيان الأمير الثالث، فلو كان بإمكانه التحدث إلى سام كهذا، لكان على الأرجح ساميا أيضًا، أو شيئًا آخر بقوى تُضاهي قوى السامي. الآن، من الواضح أنه في وضع غير مؤاتٍ هنا، وستكون خططه لقتله أصعب بكثير مما تصور في البداية.

و يا الهـي ! لقد انخفض وعيه إلى عمودين.

سمع روان صوت بورياس المهيب، “من أنت؟”

“أنت تعرف من أنا أيها الأحمق. مع أنني أعلم من كل قلبك أنك تتمنى لو كان الأمر مختلفًا. هذا صحيح، لا داعي لإنكار الشعور بالبرد الذي يتسلل إلى أعماقك. عندما كنتم مجرد حيوانات تلعب بكراتها الصغيرة، كنت أنا من أعطاكم الملابس والنار. الآن أطلق سراح عقربي الصغير وسأمضي في طريقي. أسرع، فجسدك يفوح منه رائحة القذارة.”

“هل تجرؤ على التحدث مع سام تريون بهذه الطريقة؟ مهما كانت خدعتك أو غرضك، سأنزع كل إجابة من عقلك.”

“سحقا لك أيها الأحمق الصغير! سأقتلع عمودك الفقري وحلقك، وأمارس الجنس معك[1]. اسمع صوتي وقل لي إنني لن أفعل ذلك.”

تخيل روان أنه من النادر جدًا، إن لم يكن أبدًا، أن يُخاطب سام بهذه الطريقة. ساد صمتٌ مُريع، ثم شعر بجسده ينتفض إلى الأمام، ويصطدم بجدارٍ أزرق.

قبل أن يتمكن من إعادة توجيه نفسه، تم هزه إلى الجانب، حيث تم ضرب جسده بشكل عشوائي، كما لو كان في قطار ملاهي يتحرك بسرعة عشرة آلاف ميل في الثانية.

وبعد فترة قصيرة، كان اللون الأزرق المحيط به فتحة طفيفة، وتمكن من إدارة حركته لتجنب المزيد من الصدمات على جسده، واستهدف الفتحة، وطار منها.

استخدم الإندفاع بأقصى ما يستطيع، عشر مرات، عشرين… ثلاثين. بدت قبضة بورياس واسعة كعالم، والفجوة الصغيرة التي كان يراها أمامه بدت تتقلص كلما اقترب منها.

مع هدير عالٍ، دفع مهارة الإندفاع الخاصة به إلى الحد الأقصى وظهر من خلال الفجوة في يد السامي، ورأى نفسه داخل مواجهة سامية، وكان بورياس يخسر.

في الثواني القليلة التي قضاها بين كف بورياس، دفع القتال إلى خارج الكوكب. وجد روان نفسه في مشهد دمار، حيث كانت الجبال الضخمة والغبار يتصرفان بشكل عشوائي، وكانت جاذبية الكوكب تتصرف بجنون.

خطا خطوة جانبية وتجنب الجبال المتساقطة، ودفعه الاصطدام بعيدًا، وبدأ يتحرك عبر الفوضى، من أجل العثور على نقطة مراقبة أعلى.

وصل إلى منطقة من الأرض كانت مقلوبة وتخترق مئات الأميال في السماء، مما أدى إلى تنشيط الإندفاع عدة مرات وظهر على طرف المكان وحواسه تتجول حوله وكان فاغرًا.

من حيث كان روان يقف، كان بإمكانه رؤية فراغ واسع تم ثقبه في الكوكب بأكمله، وجثة بورياس ملقاة على الأرض، لكن يبدو أنه لم يصب بأذى وكان قد تم ضربه للتو.

هل كان من الممكن أن يفعل شيئًا كهذا لسامي؟

أما الأمير الثالث فقد تم حبسه!

كان جسده مُغلَّفًا بطبقة كثيفة من الجليد والبرق والرياح، متصلة بملايين الكواكب داخل النطاق المحيط بجسد بورياس. بدا وكأنه عالق داخل جرة مليئة بالغراء، بينما تباطأت حركته حتى كادت أن تتوقف.

ومع ذلك، كان لا يزال يتحرك، وكان التوهج الأحمر من عينيه ثابتًا بلا انقطاع على جسد روان، وكانت الرغبة الشديدة التي يمكن أن يشعر بها من نظراته غير إنسانية.

لم يكن هناك أي شيء من الإنسانية داخل تلك العيون، وإذا كان يفهم ما كشفه الأمير الثالث، فإن الجسد الذي كان يرتديه كان مجرد قماش.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]