السجل البدائي - الفصل 298

الفصل 298: حثالة من العهد

استُخدمت مصطلحات عديدة لوصف السامين، وكان مصطلح “قدماء” الأكثر شيوعا، خاصةً لوصف سامين تريون. وُجدت هذه الوحوش القديمة منذ زمنٍ بعيد، ورغم أنها كانت تُعبد كسامين آنذاك، إلا أنها كانت في زمنٍ ما مجرد وحوش.

كان هناك شيءٌ مختلفٌ بشكلٍ لا يُصدق بين بورياس وأي كائناتٍ سامية أخرى التقى بها، وكان لدى روان شكٌّ في أن سامين تريون الآخرين يتشاركون هذه الصفة. كان هناك شيءٌ… إضافيٌّ في تكوينهم، صفةٌ وحشيةٌ استطاع روان تمييزها، لأنها كانت تُشبه ثعابينه.

الكلمة التي كان روان يبحث عنها هي “بدائي”.

تحولت عينا بورياس إلى روان المكافح، وفي داخلهما، كان بإمكانه أن يرى الفضول والغضب والترفيه والعديد من المشاعر التي سيكون من المستحيل وصفها، كان الأمر كما لو أن السامي شعر بالعديد من المشاعر في وقت واحد.

لكن ما استخلصه روان من هذه النظرة هو كمّ الذكاء المخيف فيها. كان هذا مخلوقًا شهد شروقًا وغروبًا لا حصر لهما، وثقته لا تُضاهى.

كان هذا كائنًا واثقًا من قدرته المطلقة بعد سنوات لا تُحصى من القوة. في هذه الحياة، بدأ روان يفهم المعنى الحقيقي لامتلاك هذه القوة. كانت قوةً تفوق أي مخدر، تتجاوز ما يمكن لأي إنسان أن يتصوره في قلبه.

كان على روان أن يقوم بحركاته الآن لأن كل قطع الشطرنج كانت تقريبًا على اللوحة، وكان هناك رجل متسلل هناك، ربما يفرك يديه معًا في فرح بينما ينتظر منه أن يرقص مثل المهرج في السيرك.

كان السجل البدائي داخل جسده يرتجف، حيث اكتشف إحدى الصفحات الأخرى الخاصة به والتي كانت قريبة.

‘لديك شيءٌ خاص بي’. زأر روان في الداخل. ارتعشت أصابعه، ثم ترك الرمح الذي يحمل وزنه ووقف بصعوبة.

تجمد عقله وهو يُبطئ أفكاره. سمح لنفسه بالهدوء للحظة، ثم بدأ هجومه بخطوة أولى.

نظر روان إلى السماء، واخترق بصره السحب، وانطلق إلى بقعة فارغة معينة من الفضاء خارج الكوكب، ورغم أن حواسه لم تستطع اكتشاف أي شيء على الإطلاق من تلك البقعة، فإن الارتعاش الناتج عن السجل البدائي كان حقيقيًا، ومع اضطرابه، أصبحت الأوتار التي تحده واضحة في رؤية روان.

كانت الصراخات الصادرة من الرموز عالية، وتشكلت في طبقات متعددة كانت لتغرقه من قبل، ولكن بجهد من الإرادة، دفعها جانبًا.

بدأ يتكلم لأنه كان متأكداً من أن والده كان يفحصه في هذه اللحظة، ولم يكن صوته عالياً، لكنه كان مفهوماً بسهولة حيث حمل الأثير المحيط كلماته.

كان يتساءل أحيانًا عما سيقوله لهذا الرجل المخادع إذا رآه مرة أخرى، وكانت الكلمات التالية التي خرجت من فمه تغطي كل الغضب المسيطر عليه تجاه هذا العنكبوت السمين.

“ليس من الجميل أن تثير المشاكل للآخرين بينما أنت تتمتع بالسمنة والأمان والسعادة، أليس كذلك؟”

*****

استدار بورياس لينظر إلى الفضاء، فأضائت عيناه بلون أزرق مذهل غطى الفضاء، وصبغت الحيرة نظرة السامي لأنه لم يجد شيئًا، لكن حدسه أخبره أن شيئًا ما كان هناك.

لقد أدرك بورياس على الفور من قتل إيروهيم منذ اللحظة التي وصلت فيها حواسه إلى الكوكب، ورأى ظروف وفاته.

كان يعلم من ضرب الضربة القاتلة. لكن من كان يتحكم بالقاتل، ومن تمنى وجوده هنا؟ لا شيء مما أظهره قاتل السامين الضعيف هذا يُظهر قدرته على خداع بصره، مع أنه كان قويًا ذا سلالة فريدة، إلا أنه كان شابًا وبسيطًا، على حد علمه.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه اكتشف بقايا الشياطين، وقوة نارية على أنيما، وقد قام بتمشيط الكوكب بأكمله، ولم يتمكن من العثور على طاقة مماثلة حوله، وهذا قاده إلى استنتاج أن شخصًا ما هنا كان يستخدمه كقطعة شطرنج، وكان من المفترض أن يكون هنا في اللحظة التي يختارها.

على الأرجح كان العهد. كانت هذه الضربة التي وجّهوها إليه مؤلمةً على أقل تقدير، لكن كانت لديه مئة طريقةٍ للردّ عليهم.

من ذكريات أحفاده وكل من أكله للتو، جمع خلاصة تجاربهم حتى تلك اللحظة. بدأ عقله يجمع خيوط من سيكون قادرًا على القيام بمثل هذه الأعمال البطولية، وكان هناك كوهرون الذي كان يتحكم بزمام جميع الشياطين الذين يهاجمون الإمبراطورية، وربما أولريماز.

عندما بدأ روان بالتحدث إلى شخص ما في الفضاء، بدا الأمر كما لو كانت كلمات ضائعة حيث تردد صوته في العدم ولم يتغير شيء، لكن بورياس عرف أن شخصًا ما قد استقبله.

لا يُمكن خداع السامي بالقصد، ولذلك كانت ميدان لغة القوة المُفضّلة. مع أنه لم يستطع تمييز مَن يختبئ في الفضاء، إلا أنه استطاع فهم كلمات روان عندما سمعتها آذان أخرى، وتلقّت تلك النية.

كان بورياس مهتمًا بمعرفة ما إذا كان بإمكانه رصد أي شخص يعرفه، ولكن حتى بعد فحص كل شظية في الفضاء، وصولًا إلى المستوى الذري، لم يستطع رصد أي شخص آخر. وأكد أنه على الأرجح أولريماز، لأن حجبه كان قويا بشكل خاص.

أدرك أنه بحاجة إلى التدخل في هذه المسألة، لأن قليلين هم من يستطيعون عصيان سامين تريون باستثناء مخربي العهد، فبدأ يتحدث.

تجاهل صرخات الألم من أحفاده أدناه، باستثناء واحدة لم تكن من دمه، ميلوزين باخوس، فإن الباقي أدناه كانوا مخيبين للآمال، ولكن إذا تمكنوا من تحمل تطهير حضوره، فإن سلالتهم سوف تزداد نقاءً وسوف يشهد نموهم زيادة هائلة.

دوّت كلمات بورياس بينما اهتزت السماء وارتجف الكوكب تحته، “يا حثالة العهد، اكشفوا عن أنفسكم. صبري محدود. لقد أنجز بيدقكم مهمته، فلماذا تبقون وتخاطرون بمزيد من غضبي؟”

ولكن استنتاجاته تحطمت مع سلسلة الأحداث التالية.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]

——