السجل البدائي - الفصل 297

الفصل 297: لا تنظر إلى السامي

لقد رأى روان سامين في أحلامه ورؤاه، حتى أنه تحدث مع كائنات تشبه السامين قبل لحظات، لكن لم يكن هناك شيء مثل مشاهدة سام يسعى إلى إظهار قوته الكاملة.

كان طول بورياس خمسين ألف قدم وكان رأسه يصل إلى السحاب وهو يقف في الهواء، كان جسده يلمع مثل الرخام الأزرق، وكان على رأسه إكليل مصنوع من كل زهرة كانت موجودة على الإطلاق في كواكب لا تعد ولا تحصى، كانت عيناه خضراء وتدور وكأنها تحتوي على أعاصير لا نهاية لها، كانت قدميه ترتديان صنادل مصنوعة من الجليد، وكان خصره ملفوفا بحزام مصنوع من البرق.

كان عاري الصدر، وكانت التنورة التي يرتديها مصنوعة من الجليد، وكان حزام البرق يتدفق إلى أسفل في المنتصف ويتصل بحذائه.

كانت محيط السامي مبيضا بلون أزرق غامق، غير طبيعي في حيويته. كان أشبه بأراضي، وفي داخلها تتجلى ظواهر متنوعة. كواكب لا متناهية من البرق والصقيع والرياح تدور حوله، تغذيه جميعها بقوة وحيوية لا حدود لها.

كان هذا مجرد تقدير عرضي من روان، ولكن هذه الأنيما كانت أقوى من إيروهيم بألف مرة على الأقل، إن لم يكن أكثر لأن هذا كان الحد الأقصى الذي يمكن لروان تقدير قوته.

بدأ أنف روان ينزف، وأصابه صداعٌ شديد، وتأوه وهو يترنح. استدعى رمحًا واتكأ عليه. بالكاد استطاع الحركة، ولا حتى التنفس، إذ شعر وكأن جبلًا يضغط عليه، ويضغط عليه بشدة في جميع أنحاء جسده.

بدأ جسده يتفكك ببطء، ومع ذلك كان لا يزال مضغوطًا معًا مثل أحجية الصور المقطوعة، لكن روان لم يركع، ولم يسقط، وعلى الرغم من أن جسده كان مسحوقا إلى ما وراء الحدود، إلا أنه لم ينحني.

شعر بالدموع تنهمر على عينيه، فقام بتنظيفها ليجد أنها كانت حمراء.

كان يبكي دما!

العنة، لقد كان السامين أقوياء بغباء.

ومع ذلك، لم ييأس، وبدأ يضحك. الضغط عليه جعل الأصوات التي أصدرها تشبه ثغاء ماعز يُسحق بيد عملاق، لكنه كان يضحك مع ذلك.

لقد تم دفع فيوري إلى الأسفل، وكان وجهه مضغوطًا على الأرض، ولم يتمكن من التحرك، ولم يستطع سوى إصدار صوت أنين صغير عندما بدأ ينزف من جميع أنحاء وجهه.

كانت عيناه مثبتتين على روان في ذهول، مندهشا من بقائه واقفًا، بل ولتتويج هذا الإنجاز، كان يضحك. كيف يُعقل هذا؟ أمام أعين سامي، كان الجميع نملًا، وأجسادهم ستطيع حتى لو عارضتها إرادتهم. لا شيء ولا أحد يستطيع كسر هذه القاعدة. إلا الآن، كان ينظر إليه.

لم يستطع روان إلا أن يتخيل الأفكار الجامحة التي تدور في رأسه، ولم يلومه، فقد تحطمت رؤية الرجل المسكين للعالم اليوم عندما رأى المستحيل يحدث أمام عينيه.

كان لدى فيوري موهبة فائقة، وهذا أمر لا يمكن إنكاره، فكر روان في الوقت الحالي أنه سيكون من الصعب للغاية قتله بقوته الحالية، حتى لو قلل فيوري من شأنه، وإذا بذل فيوري قصارى جهده، فسوف يقتل روان دون بذل الكثير من الجهد، ومعرفته لشخصيته، فلن يقلل من شأن براعة روان القتالية وسوف يقتله عشر مرات من أصل عشر.

ولكن هذا لا يعني أنهم متساوون.

ما كان لدى فيوري هو ميزة العالم، وما لم يصعد روان إلى الدائرة العظمى الثانية، كانت هناك العديد من التكتيكات التي كان من المستحيل عليه استخدامها، وستكون دفاعاته مفقودة.

وبمعنى آخر، فإن الأشياء التي كان روان قادرًا على القيام بها كانت أبعد من السامين، وأبعد من حتى الإمبراطوريين، الأطفال المفضلين الحقيقيين في الكون، وبغض النظر عن مدى موهبة فيوري أو مدى قوته، فقد كان لا يزال مجرد رجل.

ومض البرق، وبدأ الناس بالظهور تحت أقدام السامي، وبدا أنهم في حالة ذهول، لكن كان من الواضح أن ضغط السامي لم يؤثر عليهم.

عرف روان أن هؤلاء هم الناجين، ولم يتبق سوى خمسة آلاف شخص، وكان معظمهم من عائلة بورياس.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى أدركوا أنه تم إنقاذهم من قبل سلفهم، وأن الكوكب من حولهم قد تم إعادة تشكيله من جديد واختفت الفوضى.

سقطوا جميعًا وانحنوا أمامه كرجل واحد. قاد زعيمهم، حاكم ترينادو، نداء العبادة. بكوا دموع الفرح، وأشرقت عيونهم حماسًا لرؤية مجد وعظمة سلفهم.

لقد كان الهواء النقي وأصوات الكوكب الحي مثيرة لحواسهم، ولولا وجود السامي، لكانوا يحتفلون بصوت أعلى الآن.

فجأةً، دوّت صرخة يأسٍ مدوية، سرعان ما ردّدها معظم الحشد في الأسفل. وسرعان ما اتضح أن جميع من هم تحت الدائرة العظمى الثانية، بلا أراضي، يتأثرون سلبًا، فرغم أن بورياس لم يكن يقصد ذلك، إلا أن هناك قاعدةً واحدةً منذ فجر الخليقة.

لا تنظر إلى السامي.

سقط معظمهم، ومع صرخات مدوية، بدأوا بالتحول. انفجرت مخلوقات مغطاة بقشور الجليد وبرق الأرواح من قشرتها اللحمية المهترئة، حتى أن بعضها بدأ يندمج في فوضى عارمة.

كانت الأصوات التي أصدروها مختلطة وتحمل معها ألمًا كبيرًا، وتحولت دمائهم إلى اللون الأزرق وسميكًا مثل الطين، وتذكر روان وقته في النيكسوس؛ وتساءل عن أوجه التشابه بين السامين ونواة الرجس لاميا.

لقي المحظوظون حتفهم وهم يتحولون إلى هريس بسرعة دون آلم، وخلال كل هذه المذبحة، كانت رؤوس مهيمني الدائرة العظمى الثانية منحنية. كان وجود سامي أمرًا يدعو إلى فرح عظيم، ولكنه أيضًا مصدر حزن ورعب عظيمين.

لقد لاحظ روان أن بورياس لم يفكر حتى في الآلاف من الناس الذين ذُبحوا، بل أراد أن يخاطب الناس الذين بقوا، أولئك الذين يستحقون كلماته، بالنسبة لأولئك الذين كانوا غير محظوظين بما يكفي ليكونوا ضعفاء للغاية بحيث لا يستطيعون الوقوف أمام حضوره، لم يكن ذلك سوى خسارتهم وإهانة لنعمته.

نزلت يدا السامي في لفتة واسعة وارتفعت كل هذه الجموع من الناس المتحولين في الهواء، ولصدمة روان، فتح بورياس فمه وامتصهم جميعًا، وبدأ في المضغ.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]